في قراءة سريعة لأحداث "فنية معاصرة" كبيرة وممولة بسخاء، يتبيّن حجم الضحالة الفكرية والأسلوبية. مغازلة الممول الأوروبي تكاد تصبح تقليداً أدبياً يشبه وصف الناقة في الشعر الجاهلي. إلى جانب كليشيهات "الحوار مع الآخر" و"اللاعنف" وعدم طرح قضايا سياسية مباشرة، وتحويل فلسطين من قضية حق سياسي إلى مسألة "إنسانية" استعطافية.
بعد الانتفاضات العربية، تحوّل جزء كبير من الدعم الغربي في مجال الفنون البصرية إلى دول كمصر واليمن وتونس وسوريا، وأصبحت الساحة الفلسطينية هامشية، ما يؤكد مبدأ التلاعب في الدعم الفنّي السابق، الذي أسهم في تمييع المنتج الفني والثقافي وخلق جيلٍ مغترب عن قضاياه الجوهرية.
الساحة الفنية الفلسطينية كانت حقلاً للتجارب، وسرعان ما ذهب الداعمون إلى دول "النزاعات" لتأصيل تجاربهم.
ستتواصل الفوضى وسيدخل النزاع بين "المؤسسات المحلية" على الحصص - تحت ذريعة دعم الشباب - وسيغيب المُنتَج الذي يعالج قضايا جوهرية أو يفتح تساؤلات حول ماهية الفن والمجتمع، وسيؤجَّل الحلم العربي ومشاريع التحرر.
سيفرّغ الفن من محتواه القيمي والوطني على حساب التماهي مع "العالمية"، وطرح مشكلات منفصلة عن الواقع، تغازل فكر المؤسسات الداعمة دون اعتبار لفكر الشعب وتطلعاته.
ما سبق عتبة لنقاش "بينالي قلنديا الدولي" الجاري الآن في رام الله ومقدّمة لا بد منها للوصول إلى أرشيف أصدق لحياتنا الفنّية.
* فنان تشكيلي من فلسطين