"ثورة المريدين": تخييل تاريخي صريح

13 ابريل 2016
(عمل لـ عبد الرحمن الزناتي، المغرب)
+ الخط -

حول رواية "ثورة المريدين" ("المركز الثقافي العربي"، 2016)، استضافت مؤخراً جمعية "ملتقى الثقافات والفنون"، مؤلفها سعيد بنسعيد العلوي في مدينة المحمدية بالقرب من الدار البيضاء، بمشاركة ثلاثة نقاد؛ هم: شعيب حليفي، وهشام العلوي، وعثماني الميلودي.

تتفرّع انشغالات صاحب الكتاب على مجالات متعدِّدة؛ كالفلسفة والتاريخ والسياسة، إضافة إلى الرواية التي كتب فيها ثلاثة أعمال؛ هي: "مسك الليل" و"الخديعة" و"ثورة المريدين" التي يجمع فيها بين عصرين (حركة المهدي بن تومرت و"الربيع العربي") متنقّلاً بين المغرب ومصر.

في كلمته، شدّد العلوي، على أنه في الكتابة الروائية يتخلّص من كل القوالب "التقنية" الجاهزة والمقيِّدة، لأن الرواية "لا تكتب بقرار إداري"، مضيفاً أنه بذلك حاول بشكل جدِّي أن لا يقع في "نقيض الإمتاع"، معتمداً على عنصر اللغة الذي اكتسبه من خلال خبرته بـ"المتن التراثي الضخم" الذي اشتغل عليه كأكاديمي. يعترف الكاتب المغربي بأن الرواية تتيح إعادة "تركيب التاريخ"، وأن "الروائي لكي ينجح يجب أن يمتلك قدرات على الكذب".

من جهته تطرّق الناقد عثماني الميلودي، إلى التخييل التاريخي في رواية "ثورة المريدين"، وذهب إلى أنها تمتد بنفَسٍ مُنحنٍ وتسجيلي وتشخيصي وتتناول مسارين حكائيين متمايزين، لكنهما يتقاطعان في النهاية؛ مسار بطل الرواية الكاتب عبد المولى اليمُّوري، والشخصية التاريخية المهدي بن تومرت.

الميلودي، أوضح أنه من خلال الرواية يمكن إقامة فصل بين نوعين من الكتابة التاريخية: السرد التاريخي؛ وهو نصوص خضعت لنسق أسلوبي معياري، ثم التخييل التاريخي؛ الذي يعتمد على آليات التدارك التاريخي ويبتعد عن المعيارية. وأضاف أن "ثورة المريدين" تمثّل "تخييلاً تاريخياً صريحاً لأنها لا تكرّر أطروحات التاريخ الرسمي"، مؤكداً على أن "التخييل التاريخي أجدر أن يحلّ محل الرواية التاريخية".

بدوره، أكّد الناقد هشام العلوي، على أن "ثورة المريدين" ليست رواية تاريخية، لكن "هناك انشغال كبير بالكتابة التاريخية"، وهو ما يعكسه ذلك "التدافع بين المؤرّخ والمبدع الذي تعبّر عنه الشخصية الروائية".

أما شعيب حليفي، فقد أشار إلى أن "الرواية كما يكتبها المفكّرون تجعلهم يقولون فيها أشياء يعجزون عن قولها في مجالات اشتغالهم النظرية الأخرى". ويرى الناقد المغربي "أن الروائي أحدث جسوراً بين عوالم مختلفة لكنها متقاطعة في الأخير"، كما أنها رواية تعبّر عن "رؤية ثقافية ومعرفية من خلال شخصية روائية تتنقل بين أمكنة متعددة"، وهي بذلك "نصّ حافل بكثير من المسارات التي يتوجّب الحفر والبحث فيها".

هنا، يتفق المتحدّثون الثلاثة بكون رواية العلوي "تجسّر بين عوالم مختلفة ومعارف متعدّدة"، وهو ما تؤكده انشغالات الكاتب التي يستفيد منها، ولكنه أيضاً يزوّدها بخيال، ليحاذي فيها التاريخُ الحاضر دون احتكاكات حادة.

المساهمون