تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع متلقيه.
■ ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟
- غموض مستقبل أبنائنا في أوطان تخرّب كل يوم، والتحوّل العميق الذي يشهده مفهوم الإنسان اليوم، والذي لا زلنا لم نبدأ في التفكير به بما يناسبه من مفردات جديدة. ربّما تكون مفاهيمنا الكلاسيكية حول الإنسان والقيم والدولة والله قد تعبت وفقدت خصوبتها، والمفروض تغيير سياسة الحقيقة.
■ ما هو آخر عمل صدر لك، وما هو عملك المقبل؟
- آخر أعمالي كتاب "الفنّ في زمن الإرهاب" (2016)، وأنا الآن بصدد استكمال كتاب جديد في اختصاص فلسفة الفنّ المعاصرة.
■ هل أنت راضية عن إنتاجك ولماذا؟
- لست أدري.. لكنّي أنجز دوماً ما أستطيع.. وما يتبقى ليس من شأني بل هو من شأن القرّاء والذين يهمّهم ما أكتب في الفلسفة أو في الرواية أو في الرأي. وأنا أعتقد أنّ ما ينقصنا ليس الكتّاب بل القرّاء الذين ربّما تفرض عليهم طبيعة الحياة المعاصرة علاقة خجولة وباردة مع الكتاب.
■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أيّ مسار كنت ستختارين؟
- نحن كلّ يوم في بدء جديد، إذ لا شيء عندي يقع تكراره بالرغم من رتابة الحياة اليوميّة. فالبدء الجديد في رأيي، هو كلّ لحظة سعادة يقتنصها المرء في زحمة كوارث هذا البؤس المعولم. لكن لو خُيّرت ثانية لكنت اخترت شكل حياتي كما عشتها نصف قرن بعدُ.. ولكنت أقبلت عليها بنفس الطاقة والأمل والبهجة.
■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه من العالم؟
- أن يكفّ البشر عن التقاتل والأحقاد، أن يكون بوسعنا ضمان عالم قابل للسكن لأبنائنا. ثم أن يبقى الله فكرة جميلة بدلاً من لطخة دماء.
■ شخصيّة من الماضي تودّين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- تأبّط شرّاً: تغريني شخصيّته القويّة وسرعته في إنصاف أصحاب الحقّ. يعجبني الصعاليك لأنّي أطمئنّ إلى هذا الرهط من الشعراء الذين بوسعهم رسم صورة مغايرة عن العالم، بإعادة توزيع الخيرات على الفقراء.
■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه؟
- أصدقائي قليلون ويؤسفني أنّي لم أخصّص وقتاً للصداقة. لكنّ صديقي العميق هو رفيق دربي وأبو أولادي بنيت معه كل عالمي الصغير. أمّا الكتاب فهو "هكذا حدّث زرادشت" لـ فريديريك نيتشه، تؤنسني شذراته ويغريني عمقه وجنونه.
■ ماذا تقرئين الآن؟
- رواية "عذراء سنجار" للكاتب العراقي وارد بدر السالم، وقد كنت قبل اقتنائها، بصدد كتابة رواية تشبهها حول محنة "نادية مراد"، وهي موجودة على كمبيوتري تحت عنوان "صقور سنجار"، لكنّي عدلت عن الأمر، لأنّ هذه الرواية أعجبتني كثيراً بعمقها وأسلوبها الرشيق وحرفيّتها العالية، كما لو كنت قد كتبتها.
■ ماذا تسمعين الآن؟
- أواصل دوماً الاستماع إلى الأغاني الملتزمة التي أحببتها مع أبناء جيلي، منذ كنت طالبة، (الشيخ إمام، مارسيل خليفة وغيرهما). وأحبّ أيضاً الأغاني الطربية العربية مثل أعمال أم كثلوم، لكنّي أحاول أن أعاصر موسيقى الشباب اليوم كي أتعرّف على عالمهم الذي صار يفلت من عقولنا المثقلة بالذوق الكلاسيكي.
بطاقة: أمّ الزين بنشيخة المسكيني، كاتبة وأكاديمية وأستاذة الفلسفة والجماليات في جامعة تونس المنار. من مؤلّفاتها، في الدراسات الفلسلفية: "الفنّ يخرج عن طوره" (2011)، و"تحرير المحسوس" (2014)، و"كانط والحداثة الدينيّة" (2015) وكان نفس الكتاب قد صدر في وقت ساق بعنوان "كانط راهناً أو الإنسان في حدود مجرّد العقل" (2006)، و"الفنّ في زمن الإرهاب" (2016). وفي الرواية: "جرحى السماء" (2012)، و"لن تُجنّ وحيدا هذا اليوم" (2014)، إضافة إلى مجموعة شعريّة بعنوان "اضحك أيّها الدهر الشرقي"، ومن كتاباتها في الرأي "الثورة البيضاء" و"هنا تُباع الشعوب خلسة.. مقالات في التهكّم الأسود" (2011، بالاشتراك مع فتحي المسكيني).