إهمال ثمّ حرائق في روسيا

10 ابريل 2018
هذا ما تبقى من قاعة السينما (ديميتري سيريبرياكوف/فرانس برس)
+ الخط -
بعد مرور أكثر من أسبوعين على الحريق الهائل في المركز التجاري "الكرز الشتوي" الذي حصد أرواح ما يزيد عن 60 شخصاً معظمهم من الأطفال، ما زالت مدينة كيميروفو في جنوب سيبيريا تعيش على وقع الصدمة، وسط تساؤلات حول مدى استخلاص الجهات المعنية دروساً من شأنها منع تكرار مثل هذه الفاجعة.

يوليا شابة عشرينية تقيم في كيميروفو، تصف أجواء المدينة قائلة إنّ "الناس ما يزالون يقصدون موقع الحادثة لوضع باقات من الزهور وألعاب الأطفال". وتشير يوليا في اتصال مع "العربي الجديد" إلى أنّه "لا يوجد شخص معين لإلقاء المسؤولية عليه، بل ثمّة مجموعة من الأطراف، بدءاً من المستأجرين والملاك وصولاً إلى الذين عاينوا المركز التجاري ومنحوه ترخيصاً". وترى يوليا أنّه بهدف الحؤول دون تكرار الحادثة، "يجب أولاً مراجعة التزام كل المراكز التجارية بمعايير مكافحة الحرائق، ونقل غرف الألعاب ودور العرض إلى الطبقات الأرضية، وتغيير الكوادر التي غضت الطرف عن المخالفات".

مع استمرار التحقيق في حريق كيميروفو، تشير النتائج الأولية إلى أنّه نجم على الأرجح عن احتكاك كهربائي، بينما أدت مخالفات جسيمة إلى وقوع عدد كبير من الضحايا. يُذكر أنّ سبعة أشخاص جرى توقيفهم على خلفية تلك الحادثة. وبحسب لجنة التحقيق الروسية، فإنّ نظام الإنذار الخاص بالحرائق في المركز التجاري كان معطلاً، ولم يعمل أحد على صيانته.




في السياق، يعيد المدير التنفيذي لمجموعة شركات "مركز مكافحة الحرائق"، ألكسندر ستاروستين، كثرة عدد الضحايا إلى عامل بشري، ويشرح لـ"العربي الجديد" أنّه "جرى تعطيل نظام الإنذار في 19 مارس/ آذار الماضي، بعدما كان يصدر إنذارات عرضية. الحرائق تحدث وسوف تظل تحدث، لكنّ المسألة تكمن في كيفية الحدّ من من عدد ضحاياها ومن انتشارها على مساحات كبيرة". يضيف أنّه "بعد حادثة كيميروفو، تقود الجهات المعنية حملة واسعة النطاق لإغلاق المراكز التجارية المخالفة لأصول مكافحة الحرائق في جميع أنحاء البلاد". وحول الأسباب التي تحول دون الوقاية من الحرائق، يقول ستاروستين: "نعيش في عهد قد تحدث فيه كوارث تكنولوجية وحرائق بسبب زيادة الضغوط على شبكات الكهرباء وكثرة استخدام المواد الاصطناعية من مشتقات النفط التي تأتي سريعة الاشتعال".

ولم تمرّ أيام على فاجعة كيميروفو، حتى شهد المركز التجاري للأطفال "بيرسيه" في شرق موسكو حريقاً أودى بحياة أحد موظفيه، بينما تسنّى إجلاء نحو 600 شخص من المبنى المشتعل بنجاح. ويعيد ستاروستين تلك الوفاة إلى "عامل بشري أيضاً، نظراً إلى مخالفة الموظف التعليمات، في حين أتاح التشغيل الاعتيادي لنظام مكافحة الحرائق منع سقوط مزيد من الضحايا".

وبحسب بيانات النيابة العامة الروسية، جرى إغلاق نحو 15 مركزاً تجارياً مخالفاً في مختلف أنحاء روسيا بعد حريق كيميروفو، على أن يُعاد فتحها بعد معالجة المخالفات. وكانت روسيا قد شهدت في 25 مارس/ آذار الماضي، واحداً من أكبر الحرائق في تاريخها الحديث، اندلع في المركز التجاري "الكرز الشتوي" في مدينة كيميروفو، وأودى بحياة 64 شخصاً، من بينهم أكثر من 40 طفلاً.

وأودى الحريق بأرواح عائلات كاملة كانت موجودة في المركز التجاري لقضاء وقت ممتع في عطلة نهاية الأسبوع. ومن بين القصص المروّعة من جرّاء حريق كيميروفو، قصة إيغور فوستريكوف الذي فقد فيه شقيقته وزوجته وأطفاله الثلاثة البالغين من العمر عامَين وخمسة أعوام وسبعة. وفي أحد تسجيلات الفيديو الذي حقّق نحو أربعة ملايين مشاهدة، يروي فوستريكوف تفاصيل مفزعة تقطّع القلوب، قائلاً إنّه تلقى اتصالاً من زوجته من داخل قاعة عرض مغلقة لتوديعه، وكانت آخر كلماتها: "نحن عالقون يا إيغور، أنا أحبك".

ويُعَدّ حريق كيميروفو الأكبر في روسيا منذ عام 2009 عندما أودى حريق في ملهى ليلي في مدينة بيرم بحياة 156 شخصاً، نتيجة سقوط شرارة ألعاب نارية. وتظهر بيانات وزارة الطوارئ الروسية في السياق تراجعاً كبيراً في عدد الحرائق في روسيا، من نحو 240 ألف حريق في عام 2003 إلى نحو 140 ألفاً في عام 2016، إلى جانب تراجع عدد ضحاياها من 12 ألف ضحية في عام 2011 إلى 8760 في عام 2016.




"إجرام"
بعد وقوع الحريق، توجّه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى موقع الحادثة لوضع باقة من الزهور، وزار المصابين في المستشفى والتقى سكان المدينة، مرجّحاً أنّ تكون الحادثة ناجمة عن "إهمال إجرامي"، ومتوعداً بمعاقبة المسؤولين عنها. يُذكر أنّ بوتين قبل في السياق استقالة محافظ مقاطعة كيميروفو، أمان تولييف، من منصبه.