يوضح سليم (24 عاماً) من ولاية سكيكدة شرق الجزائر لـ"العربي الجديد" أنه يريد الوصول إلى هناك، ويشير بيده نحو مقصده. وعند سؤاله أين هناك؟ أجاب: "بلاد الخير".
من بلد الخيرات إلى المجهول
"لا أحد ينكر أن الجزائر بلد الخيرات، بلد النفط والغاز، بلد الطاقات والشباب"، يقول محمد السعيد نوري لـ"العربي الجديد"؛ هو من حي السويقة العريق في ولاية قسنطينة. موظف في مؤسسة حكومية إلا أنه يعرف قصص جيرانه القدامى من الشباب الذين تركوا كل شيء من أجل الهجرة.
ويضيف: "بعضهم يتحينون الفرصة لركوب الخطر عبر قوارب في شاطئ رأس الحمراء بعنابة، وهو الشاطئ الذي غزته قوارب الهاربين من جحيم البطالة والفقر ومن أزمة السكن، قادمين من مختلف مدن شرق الجزائر".
— Ennahar Tv النهار (@ennaharonline) ١٥ سبتمبر، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وبحسب تعبيره "سئموا المعيشة بلا عمل وبلا مستقبل، خصوصاً في الأحياء الشعبية التي أذكت نيران الفتن بين مجموعات الشباب وتفشى فيها الإجرام، في حين هرب كثيرون في عز الأزمة الأمنية".
ويتابع "منهم من بقي أربع سنوات في الظل في إيطاليا بعد الهجرة، وآخرون تمكنوا من الحصول على الوثائق، وبعضهم خاب ظنه ورجع".
المجهول مصير عدد كبير ممن يحاولون الهجرة غير الشرعية، وغالباً ما يموتون قبل الوصول، أو تعثر عليهم السلطات، فتلقي القبض عليهم وتعيدهم إلى بلدهم الأم.
ويضع هؤلاء المهاجرون احتمالات نجاح مهمتهم نحو المجهول، وكثيرون منهم لا يفكرون في العواقب، بل يرون في ذهابهم إنهاء للعذاب، كما قالت سعاد (39 عاماً)، التي رفضت رفضاً قاطعا الإفصاح عن أسباب اختيارها الهجرة غير الشرعية.
وتشير إلى أنها تحاول الهجرة للمرة الثالثة، ترى في "الهربة" الحل الأمثل بعد أن أصبح الجميع غرباء بالنسبة إليها بعد طلاقها. ولا تروي سعاد تفاصيل قصتها، لكنها تكتفي بالبكاء وتتأفف قائلة: "إذا مت أنا وابنتي الباقي الله، وإن نجونا فالله المعين".
الحلول ليست غداً
بالعشرات، يخوضون غمار عمليات الهجرة السرية؛ وبالعشرات يوقفهم حراس السواحل الجزائرية في الشرق والوسط والغرب. وأحصت الجزائر توقيف ما يزيد عن 1900 شاب جزائري حاولوا اعتماد الهجرة غير الشريعة في الأشهر الثلاثة الماضية من العام الجاري، وهو رقم مرشح للارتفاع مع تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة بسبب البطالة وأزمة السكن الخانقة، بالرغم من الحلول التي أوجدتها الحكومة الجزائرية من أجل تلبية مطالب الشغل ومطالب السكن وتحسين المعيشة في عديد المناطق، خصوصاً في المدن الداخلية والقرى والمداشر.
وترى سامية لهبيري، الأستاذة في علم الاجتماع، أن أغلب الحالات التي تختار الهجرة بطرق غير شرعية هي "حالات اجتماعية صعبة"، مضيفة في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "من يرمي نفسه للموت هو من فقد كل تعاليم وشروط العيش في محيط اجتماعي، تنعدم لديه الآفاق وتتكسر طموحاته".