"النديم" ينتقد تعليق الخارجية المصرية على تقرير رايتس ووتش حول التعذيب

08 سبتمبر 2017
اتهامات لقوات الشرطة بالتعذيب (خالد دسوقي/Getty)
+ الخط -
انتقد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، رد وزارة الخارجية المصرية على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، الصادر الأربعاء الماضي، والذي اتهمت فيه قوات الشرطة والأمن الوطني في مصر بتعذيب المعتقلين السياسيين بأساليب مختلفة من بينها الاغتصاب، وقال المركز الحقوقي إن وزارة الخارجية لا صلة لها بالموضوع لترد على التقرير.

واعتبرت الخارجية المصرية أن التقرير الحقوقي الدولي يندرج ضمن "الاستهداف والتشويه المتعمّد من جانب المنظمة"، وقال المتحدث باسم الخارجية، أحمد أبو زيد، إن المنظمة "أجندتها السياسية معروفة وتوجهاتها منحازة، وتعبر عن مصالح الجهات والدول التي تمولها".

وقال مركز النديم في رده على وزارة الخارجية: "بدايةً، لماذا قررت الخارجية أن ترد على التقرير بعد أن أعلنت أن أفضل تعامل معه هو التجاهل، وفقًا للمنشور في بوابة الوفد الخميس، وما شأن الخارجية أن ترد أو تعلق على ما لا علم لها به؟ هل زار المتحدث باسم الخارجية السجون أو أقسام الشرطة؟ هل يجرؤ هو أو غيره من وزارة الخارجية أن يطلب زيارة مقار أمن الدولة التي بدّلوا اسمها إلى الأمن الوطني؟".


وأضاف المركز "ردُّ الخارجية يدّعي أن التقرير وصف ما حدث في يونيو/حزيران 2013، بأنه انقلاب عسكري، وهذا كذب. لم يرد في كل التقرير كلمة (انقلاب) ولو مرة واحدة، بل تحدث عن إزاحة الجيش لمحمد مرسي، أَوَلم يكن مَن أزاح مرسي وزير الدفاع في حينها؟ كما تحدث عن المظاهرات التي طالبت بعزل مرسي، وعن انتهاكات حقوق الإنسان التي استمرت في عهد محمد مرسي، وعن أحداث الاتحادية، وعن تعذيب عدد من المعارضين له بواسطة أعضاء من الإخوان المسلمين".

وتابع المركز الحقوقي: "ما سبق ليس هو الأهم في التقرير، بل الأهم هو أداء الداخلية وضباط أمن الدولة. فهل كذب التقرير في هذا الشأن؟ هل كذب التقرير حين أكد أن قوات الضبط والإحضار في كثير من الأحوال (أفرادها) يرتدون الملابس المدنية، ويكونون مسلحين، ويرفضون إظهار أوامر القبض والتفتيش، وأن القبض عادة ما يحدث في ساعات الصباح الأولى، وأنه يتم تقييد المعتقلين أثناء نقلهم من مكان إلى مكان أو من منازلهم إلى مقار الاحتجاز؟ هل كذب حين تحدث عن الصعق الكهربائي في مختلف أنحاء الجسد والضرب والتعليق والتهديد بالاغتصاب والاغتصاب بعصا؟ هل كذب حين تحدث عن الاعترافات تحت التعذيب وتصوير المعذبين وتلقينهم شهادات لتصويرهم وبث تلك الفيديوهات على مواقع النظام والتلفزيونات؟".

وواصل المركز تساؤلاته "هل كذب التقرير حين تحدث عن (التشريفة)، وهي حفلة الضرب التي تستقبل المعتقل حين دخوله إلى السجن؟ وهل كذب بالحديث عن تأخير عرض المعتقلين على النيابة وحرمانهم لأيام من التواصل مع محاميهم وأسرهم؟ وهل كذب حين ذكر أن بعض المعتقلين تلفق لهم تهم جديدة وهم رهن الاعتقال؟ في مصر آلاف الأسر ممن لهم معتقلون داخل السجون بعد أن مرّوا على مقار أمن الدولة يعلمون أن كل هذا وأكثر منه يحدث. وحين تحدث تلك المعاملة في أكثر من سجن في أكثر من محافظة لأكثر من فرد لا صلة بينهم سوى أنهم معتقلون لدى نفس النظام، وحين تتشابه أساليب التعذيب ولغة المحققين والاتهامات المترتبة على اعترافاتٍ انتُزعت تحت التعذيب يصبح التعذيب منهجا للدولة وسياسة في التعامل مع المعارضين. فأين الكذب في وصف التعذيب بسياسة منهجية في مصر".

وأكد المركز أن "تقرير هيومن رايتس ووتش ينتهي بتوصيات لرئيس الجمهورية ووزارة الداخلية والنيابة العامة. لكنه لا يوجّه أي توصيات لوزارة الخارجية. لماذا انبرت الخارجية للدفاع عن ممارسات لا علم لها بها وتشهد على صدقها مئات الشهادات الموثّقة من الناجين من التعذيب، ويعلمها الآلاف من أسرهم وأصدقائهم والمتعاطفين معهم والمدافعين عن حقوق الإنسان".

كما أكد أن "التعذيب جريمة جبانة تمارسها الدولة في غرف مغلقة على ضحايا مغمّضي  الأعين ومقيّدي الأيدي وأحيانا الأرجل أيضا، خوفا من أن يتعرف الضحايا على جلاديهم، فينتقمون في يوم ما. والجبان يخاف من أن تنكشف جريمته. ولأن الدولة خائفة رغم طغيانها فقد أنابت الخارجية عنها لتكذّب ما ورد في التقرير. ولأن الخارجية لا تملك إلا أن تنصاع لأوامر الدولة ممثلة في أجهزتها الأمنية، فقد أسرعت بإدانة التقرير ونفي صحته، لعل وعسى أن يصدقها العالم وأن نصدقها نحن. قد يصدقها العالم الذي يتشارك معها في مصالح مالية واقتصادية، لكننا المدافعون عن حقوق الإنسان نعلم ما يحدث في الزنازين المغلقة وفي مقابر العقرب والعازولي والجلاء. نعلم لأننا استمعنا إلى الشهادات ورأينا رأْي العين ما أحدثه الجلاد في أجساد ونفوس المحتجزين من جروح وندوب".