الفرح ممنوع في غزة

30 نوفمبر 2015
أعراس الشارع مصدر رزق لمئات الفنانين (محمد الحجار)
+ الخط -

شكّل قرار الشرطة الفلسطينية في قطاع غزّة، منع حفلات الشباب في الشوارع وعلى مقربة من المنازل، بحجة المصلحة العامة وخشية إزعاج المواطنين، صدمة في الشارع. وانتقد عدد من الشباب المقبلين على الزواج في غزة هذا القرار الذي سيفسد فرحتهم، علماً أن حفلات الشارع هي جزء من عادات وتقاليد الغزيّين، التي لطالما أسعدتهم.
وعادةً ما تشكّل هذه الحفلات متنفساً للشباب في قطاع غزة المحاصر الذي تغيب فيه مقوّمات الفرح. وتعتمد العائلات، بحسب العادات والتقاليد، على تنظيم حفلات على مقربة من منزل أهل العريس، حيث يتجمع الشباب والجيران والأقارب والأصدقاء للاحتفال والغناء بعد صلاة العشاء وحتى الساعة الحادية عشرة ليلاً. لكنّهم باتوا اليوم ممنوعين من الفرح.
وبحسب قرار الشرطة، يبدأ تنفيذ القرار مع بداية العام الجديد.

إجراءات مشدّدة

في هذا السياق، يقول الناطق باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي إنه "حتى ذلك الوقت، ستتبع الشرطة إجراءات مشددة بحق أصحاب الحفلات، كتمهيد لتنفيذ القرار على أرض الواقع، وعدم امتداد ساعات الحفل إلى ما بعد العاشرة ليلاً خلال التوقيت الشتوي".
وسيشمل القرار كل أنواع الاحتفالات، وحتى الإسلامية منها، وذلك بسبب عدد الشكاوى التي وصلت جهاز الشرطة وغرفة العمليات المركزية التابعة لوزارة الداخلية على مدار العام الماضي. يضيف البطنيجي أن مقيمي الحفلات لا يراعون أجواء الامتحانات، أو المرضى في المنطقة، بالإضافة إلى إغلاق الشوارع العامة ما يؤدي إلى ازدحام مروري.

صدمة

وشعر عدد من المقبلين على الزواج بصدمة نتيجة هذا القرار المفاجئ، على غرار أحمد أبو الفول الذي كان قد اتفق مع فرقة موسيقية منذ أربعة أشهر لسهرة العرس التي كان يفترض أن تقام مع بداية العام الجديد. لكنه بعد قرار الشرطة، اضطر إلى إلغاء كل ما كان قد خطط له.
يقول لـ "العربي الجديد" إن "القرار حرمني من الفرح، وهذا يخالف عاداتنا وتقاليدنا"، لافتاً إلى أن "الجيران عادة ما يتحملوننا في هذه الليلة، ويشاركوننا فرحنا". يضيف: "لا نزعج أحداً كما تقول الشرطة، لأن الجميع يشاركنا الاحتفال".
ويتابع البطنيجي أن إقامة حفل الزفاف في صالة لن يكون عبئاً إضافياً على العريس أو أهله، وخصوصاً أن حفل الشارع مكلف أيضاً. ومن لا يستطيع تحمل الكلفة على حد قوله، "فليُقم حفلاً صغيراً في منزله حتى لا يزعج الجيران".

في هذا الإطار، يقول الشاب مصطفى أبو أمونه، الذي ينوي الزواج في شهر فبراير/شباط المقبل، إن "الشرطة تريد منا حجز صالات لإقامة سهرات الشباب، علماً أن كلفة بدل إيجار الصالة تتراوح ما بين 400 و800 دولار، بالإضافة إلى غيرها من التجهيزات. يضيف أن السهرة في الشارع لها كلفتها أيضاً، "لكن فرحة الشارع أجمل، وقد اعتاد أهالي القطاع على هذا النوع من الاحتفالات".
ويشير أبو أمونة إلى أن بعض العائلات لا تستطيع تأمين بدل إيجار الصالات، نظراً للظروف الاقتصادية السيئة التي تعاني منها غالبيتها، ليكون الشارع ملاذها الوحيد للفرح. من جهة أخرى، يُتوقّع أن ترتفع بدلات إيجار الصالات لأن الناس سيقبلون عليها بعد قرار الشرطة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا القرار لم يضايق الشباب فقط، بل الفرق الموسيقيّة أيضاً التي تعتمد على حفلات الشارع كمصدر رزق أساسي لها. في هذا السياق، يقول المغني أحمد الملاحي لـ "العربي الجديد" إن "أعراس الشارع هي مصدر رزق مئات الفنانين. لكن بعد هذا القرار، لن يكون هناك إقبال على الفرق الموسيقية"، لافتاً إلى أن الحفلات داخل الصالات تفقد بهجتها، وهي ليست كالشارع الذي يشارك فيه الجميع الفرح. ويشير إلى أنه بالنسبة لعائلات كثيرة، يعد الاحتفال في الشارع تراثاً.

بعد هذا القرار، ربّما تتغير تفاصيل كثيرة في يوميات الغزاويّين، الذين لا يريدون أكثر من الفرح في حياتهم، وقد حرموا منه بسبب عوامل عدة، منها الاحتلال الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: حلم الزواج في غزة يتحقق بـ"التقسيط المُيَسّر"