وأتاحت هذه النقاشات انتشار التصريحات العنصرية، خاصة بعد خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تأبين رجال الشرطة، الذي هاجم فيه الإسلام بشكل غير مسبوق، وهو ما رحبت به المعارضة اليمينية واليمين المتطرف، الذي استغل المناسبة لتصعيد الهجوم على الإسلام والمسلمين بزعم عدم اندماجهم في المجتمع الفرنسي.
وانتهز السياسي الصاعد من اليمين المتطرف، جوليان أودول، انعقاد اجتماع للمجلس الإقليمي لمنطقة "بورغون-فرانش-كونتي"، دعي إليه تلاميذ مع أمهاتهم، فهَاجَم سيدة محجبة ترافق ابنها في نزهة مدرسية أطلق عليها وصف "جمهوريتي وأنا"، وطالبها أن تنزع حجابَها باسم "مبادئنا الجمهورية والعلمانية"، ورفضت الأم التي كانت تضم ابنها الذي لم يَكف عن البكاء، لتنتشر صور للواقعة في مواقع التواصل وتثير احتقانا كبيرا بالتزامن مع رفض أودول الاعتذار.
ولا يحظر القانون الفرنسي دخول نساء محجبات إلى اجتماعات المجالس الإقليمية، لكن "الهوَس الفرنسي" حول الحجاب، كما عنون موقع "ميديا بارت"، عاد من جديد، ليس فقط إلى وسائل الإعلام وتصريحات السياسيين اليمينيين، بل من الحكومة الفرنسية التي يكتشف الفرنسيون المسلمون أنها غير منسجمة في مواقفها من القضية.
وإن كان وزير التربية الوطنية، جان ميشيل بلانكي، لم يجرؤ بعد على المطالبة بتغيير قانون الحجاب في المدارس، إلا أنه كرر أن "الحجاب غير مرغوب فيه في المجتمع، ولا يعتبر شيئا يمكن التشجيع عليه. القانون لا يحظر على الأمهات المحجبات مرافقة أبنائهن، ولكننا لا نأمُلُ التشجيع على الظاهرة"، ليطلق عليه البعض في مواقع التواصل الاجتماعي لقب "وزير الإسلاموفوبيا".
ولقيت مواقف وزير التربية الوطنية القادم من اليمين ترحيباً كبيرا من زميله وزير الاقتصاد، برونو لومير، وهو أيضا قادم من اليمين، الذي قال: "لا أعتقد أنه من المرغوب فيه غدا أن تكون في المجتمع الفرنسي نساءٌ محجبات".
وكتب القيادي في حزب "الجمهوريون"، إيريك سيوتي: "الحجاب استفزاز، ويجب على القانون أن يحسم الأمر". وأيد الوزير بلانكي في فبراير/شباط الماضي، تعديلا في البرلمان قدَّمه سيوتي لحظر النزهات المدرسية على الأمهات المحجبات، لكن الحكومة رفضت التعديل.
وردّت لطيفة بن زياتن، والدة الجندي الفرنسي عماد الذي قتله الإرهابي محمد مراح: "لا يوجد استفزاز في ارتداء الحجاب"، وعبرت عن "حزنها الشديد على الأم وعلى الابن"، الذي اعتبرت أنه "التقط نظرة سيئة عن الجمهورية"، والتي هي في حقيقة الأمر "تَجمع، ولا تفرق، وتشجع على العيش المشترك" بين كل الفرنسيين.
وسارعت الناطقة باسم الحكومة، سيبيث ندياي، وهي من أصول سنغالية، إلى الدفاع عن حق المحجبات في مرافقة أبنائهن في النزهات المدرسية، مشددة على أن موقفها "شخصي"، وأن الاندماج "هو السماح لنساء منغلقات بالاحتكاك مع نساء أخريات"، في حين سخر النائب البرلماني عن الأغلبية الحكومية، أوريليان تاشي، وهو قادم من اليسار، من "الوزراء الذين يتحولون إلى رجال دين، ويبدأون في إملاء خيارات أخلاقية وروحية على المواطنين".
وبين نتائج النقاش القديم المتجدد، مشاركة أصوات من أصول عربية وإسلامية في الهجوم على المحجبات بشكل أكثر عنفا، ومن هذه الأصوات المغربية الأصل زينب الغزوي، والجزائري الأصل محمد سيفاوي.