نظام عقوبات جديد في السعودية

04 سبتمبر 2015
بدأ تطبيق العقوبات البديلة عام 2010 (فرانس برس)
+ الخط -

بدأ بعض القضاة في السعودية تطبيق نظام جديد للعقوبات يختلف عن تلك التقليدية (السجن والجلد وغيرها)، وخصوصاً لدى ارتكاب جرائم بسيطة، في محاولة لتجنب إرسال المراهقين وغيرهم إلى السجون. وكشفت مصادر قضائية رفضت الكشف عن اسمها لـ "العربي الجديد"، أن هناك توجهاً من وزارة الداخلية لاعتماد نظام العقوبات البديلة بهدف التخفيف من ازدحام السجون في البلاد، وتشمل هذه العقوبات تنظيف المساجد وغسل الموتى وتنظيف الشوارع، بالإضافة إلى رعاية بعض مرافق الدولة.

وفي جدة، حكم قاضي المحكمة العامة قبل فترة على شابين بحفر خمسة قبور، وعلى فتاتين بزيارة عشرة مرضى في العناية المركزة، بعد القبض عليهم في إحدى الحفلات في منتجع بحري. وكشف المصدر عن وجود مشروع جديد تسعى الجهات القضائية إلى صياغة آلية لتطبيقه على المتهمين والضالعين في جرائم ومشاكل لا تتطلب عقوبة السجن. وتهدف هذه الأحكام بالدرجة الأولى إلى عزل مرتكبي الجرائم غير الخطيرة عن الآخرين، بهدف المساهمة بتأهيل مرتكبي الجرائم.

يؤكد المستشار القانوني أحمد الراشد أنه لا يوجد قانون محدّد للعقوبات البديلة، بل يخضع لاجتهادات القاضي، إذ ليس هناك تعليمات تنص على الأمر أو قانون يوضح طريقة التعامل مع مثل هذه العقوبات. يقول لـ "العربي الجديد": "في الغالب يخضع تطبيق العقوبات البديلة لظروف المتهم، ونظرة القاضي للدعوى المرفوعة ضده. فإذا كان لديه عائلة أو ظروف صحية خاصة، أو كان صغير السن، والقضية بسيطة لا تستلزم الإيقاف والسجن، يلجأ بعض القضاة إلى عقوبات بديلة تكون غالباً أكثر ردعاً من السجن".

ويكشف أنه واكب بعض هذه العقوبات، وهي إجبار القاضي المتهم على تنظيف المسجد أو غسل الموتى. يضيف: "السجون الآن مزدحمة. ولا يجب الزج بالمزيد من الشباب فيها، وخصوصاً حين تكون القضية بسيطة، أو إذا كان الشخص قد تعاطى كميات بسيطة من المخدرات"، لافتاً إلى أن وضع السجون صعب جداً، وقد يكون مدمراً للشباب صغار السن، إذا ما سجنوا إلى جانب القتلة مثلاً. ويشير إلى أن المراهق قد يدخل السجن لارتكابه أمراً بسيطاً، ويخرج وقد بات مجرماً، نتيجة لما يراه في السجن، لافتاً إلى أن "ما يحدث في بعض السجون يعد مرعباً".

ويشدد الراشد على أن اعتماد هذه العقوبات بدأ يتسع أكثر فأكثر، مطالباً مجلس الشورى بدراسة هذا الأمر وسن قانون إلزامي للقضاة للتعامل مع الأحكام البديلة، على أن يكون الأمر مبنياً على قانون حقيقي وليس مزاجياً خاضعاً لاجتهاد القاضي فقط".

اقرأ أيضاً: السعودية تضمن سلامة الحجاج

لم تستطع "العربي الجديد" الحصول على تعليق من القضاة بسبب أمر ملكي صدر قبل عامين يحظر على القضاة الحديث للإعلام. لكن عضو مجلس الشورى والقاضي السابق عيسى الغيث، يؤكد أن العقوبات البديلة موجودة في البلاد العربية والإسلامية، والجميع متفق على جوازها. لكنه يشدد على أنه لن يكون هناك بديل للقصاص. يضيف: "من غير المعقول القبض على مروّج مخدرات والحكم عليه بالعقوبات البديلة، على غرار أرباب السوابق". يتابع أنه لو اعتقل شخص وجدت معه حبة مخدرة مثلاً، وليس له أي سوابق، ليس من الضروري أن يُسجن ستة أشهر، وقد يكون عمره 24 عاماً ولديه زوجة وأولاد، ويمكن أن تكون هناك عقوبات بديلة بحقه (غرامات مالية أو غيرها)".

من جهته، يؤكد رئيس جمعية حقوق الإنسان مفلح القحطاني على وجود لائحة جديدة للعقوبات البديلة "يجب اعتمادها قريباً"، لافتاً إلى أن 45 في المائة من الجرائم التي تنظر فيها المحاكم ستحوّل أحكامها إلى عقوبات بديلة عن السجون، مثل خدمة المجتمع والإرشاد الديني والدورات السلوكية.

ويقول لـ "العربي الجديد": "ننتظر اعتماد اللائحة التي تتواجد لدى جهات حكومية ذات علاقة لإصدارها، وهي تشمل العقوبات وآلية مراقبتها وغيرها من الإجراءات المرتبطة بالأحكام".
وتأمل الجهات الأمنية والقضائية أن يسهم هذا المشروع الحديث الذي بدأ العمل فيه بشكل فردي عام 2010، في تخفيف العبء عن السجون في السعودية، وتخفيض عدد السجناء بنحو 50 في المائة.

وكان مدير عام السجون اللواء علي حسين الحارثي قد أكد في ملتقى عُقد في العاصمة الرياض، لبحث عدد من الأحكام البديلة، أن لجنة مؤلفة من وزارتي العدل والداخلية تعملان بشكل جدي على إعداد مشروع لا يكون بينه وبين بعض الأنظمة الأخرى أي تعارض.

اقرأ أيضاً: نسويات سعوديات يخضن معركة الانتخابات في وجه المحافظين