تعقيد المعاملات الإدارية ... موت بطيء للجزائريين

28 مارس 2017
وزير الداخلية الجزائري يزور أحد مراكز الإدارة الإلكترونية (فيسبوك)
+ الخط -
"استخراج وثيقة يعني استخراج عشر وثائق متعلقة بها"، هكذا علّق أحد المواطنين على متاعبه التي سبقت إعداد ملف لاجتياز مسابقة التوظيف في إحدى المؤسسات الحكومية في الجزائر، مختصرا معاناة الجزائريين مع الورق والوثائق، في ظل إخفاق الحكومة في إنجاز مشروع الإدارة الإلكترونية في كثير من القطاعات، وضعف استخدام الإنترنت في تصريف وإنهاء المعاملات.


تبدأ معاناة الجزائريين مع استخراج الوثائق والأوراق للحصول على منفعة وخدمة عمومية في إحدى الإدارات العامة. فدفع فاتورة الضرائب على السكن على سبيل المثال يحتاج من صاحبها يوما كاملاً أو أكثر في التنقل نحو الإدارة المعنية ثم الذهاب إلى مركز البريد لدفع الفاتورة والحصول على إيصال بالدفع. وإذا كان المواطن الجزائري يخسر نحو ثلاثة أيام لدفع قيمة الضرائب، فما بالك لو أراد أن يستخرج أوراق الحصول على جواز سفر، أو استخراج وثائق لبيع سيارة، أو للحصول على سكن بعد عشر سنوات من الانتظار أو أكثر.


لا يزال مشروع الإدارة الإلكترونية واستخدام الكمبيوتر في استخراج الوثائق مقتصرا على بعض الإدارات. وحققت وزارتا العدل والداخلية تقدما على هذا الصعيد، وخفضتا استخدام الوثائق الورقية، كوثائق المواليد والوفيات وعقود الزواج. كما سهلتا إمكانية استخراجها من أي منطقة في الولايات عبر الأنظمة المعلوماتية. لكن تعقيدات الإدارات الأخرى، عرقلت خطوة وزارة الداخلية الجزائرية، بدليل أن استخراج ملف العمل يتطلب 12 وثيقة من إدارات مختلفة، وما يتجاوز الأسبوعين أو ثلاثة أسابيع لتجهيزه، أما التسجّل في الدراسات العليا فيحتاج من الطالب شهرا كاملا لإعداد ملفه الشخصي.


تعقيدات العمل الإداري كونت لدى الجزائريين انطباعا بأن "الإدارة الإلكترونية في الجزائر وهم، وتعطل الآلاف في الحصول على وثائقهم"، وتفتح باب الرشوة والمحسوبية والبيروقراطية.





ويقول نورالدين دراجي لـ"العربي الجديد"، إنه ضيع عامين كاملين للتسجّل في الدراسات العليا بسبب ضياع وثيقة البكالوريا، ومماطلة المؤسسات في استخراجها كونها وثيقة قديمة تعود لسنة 1992.


أحد الموظفين في مديرية الشؤون الاجتماعية ببلدية الجزائر الوسطى، وصف عمله اليومي في إعداد الملفات مع الكم الهائل من الأوراق بأنه رحلة "الصفا والمروة"، واعتبر أنها مهمة متوقعة.


فإلى جانب تضييع الوقت، تكلف الأوراق الدولة المليارات. وبحسب أرقام رسمية في الجزائر، إثر مشروع أطلقته الحكومة بعنوان "الإدارة تساهم في الاسترجاع"، استرجعت خلاله ما يربو عن 121 طنا من الورق من الإدارات العمومية بين 2013 و2017، مع بدء 10 وزارات بالعمل الإلكتروني، أكدت أن الموظف الواحد كان يستهلك 46.54 غراما من الورق يوميا.


يقول المتابع للشأن الاجتماعي، الإعلامي حمزة بكاي، لـ"العربي الجديد": "تكون الوثائق أحيانا سببا لتعطيل الحياة بمختلف نواحيها، فكم من طالب ترك الجامعة بسبب وثيقة، وكم من حقوق هضمت بسبب أوراق ميراث". ورأى أن "الإدارة الإلكترونية وسيلة إيجابية في خلق التنمية والثروة أيضا، فمن جهة توفر مبالغ هائلة في صناعة الورق وتحافظ على البيئة، كما تسرع عجلة التنمية والإنتاج المحلي في شتى القطاعات"، موضحا أن "تعطيل وثيقة معناه تعطيل حياة فرد وأسرة ومجتمع".



دلالات