لاجئون في غزة قلقون من أزمة "أونروا" المالية

19 يوليو 2015
تقليص الخدمات وإقفال المدارس المحتمل يؤزمان الأوضاع (فرانس برس)
+ الخط -



يتسبّب واقع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التابعة للأمم المتحدة، وأزمتها المالية الخانقة، والتي دفعتها مؤخراً لاتخاذ إجراءات تقشفية لتجاوز العجز لديها، بالقلق والخوف لدى اللاجئين في قطاع غزة، والذين يعتمدون على مساعدات الوكالة.

وفي 15 يونيو/ حزيران الماضي، أعلن المفوض العام للوكالة الأممية بيير كراهينبول عن وصول العجز المالي للعام الجاري إلى 101 مليون دولار أميركي، فيما أوضح أن الوكالة ستبقى ملتزمة بتقديم خدماتها للاجئين في الداخل الفلسطيني، ومخيمات اللجوء في الخارج.

سمعان خليفة (47 عاماً)، أب لتسعة أبناء، يعيشون معاً داخل بيت صغير مكوّن من غرفتين، في مدينة غزة، يتخوّف من تقليص خدمات "أونروا". ويقول إن "الحديث المتكرر عن الأزمة المالية، يبعث في نفوسنا القلق والخوف"، معرباً عن خشيته من تراجع الخدمات الصحية والتعليمية أيضاً.

كذلك تخشى مروة عبيد ( 45 عاماً)، من سكان المدينة، أن تطاول أزمة الوكالة، القطاع الصحي، وتوزيع المساعدات الإغاثية على الأسر المحتاجة. وقالت "الوكالة كانت توزع مساعدات نقدية على طلبة المدارس تعادل 20 دولاراً أميركياً على فترات متباعدة، وهو المبلغ الذي كان أولادي الأربعة يتلقونه، إلا أن ذلك توقف الآن، كذلك الوجبات الغذائية التي بدأت بتوزيعها على الطلبة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة".


أما بلال مقداد (52 عاماً)، يسكن مخيم "الشاطئ" غرب المدينة، فوصف أوضاع اللاجئين بـ"الصعبة والقاسية"، قائلاً "وضعنا يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، أصبحنا نخاف اليوم الذي قد يأتي ونجد أنفسنا في الشارع".

من جهته، أشار عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم "أونروا" في قطاع غزة، إلى أن العجز المالي للوكالة قد يضطرها إلى إغلاق 700 مدرسة، مطلع العام الدراسي المقبل، في مناطق عملياتها التي تضم نحو نصف مليون طفل، مضيفاً "حتى الآن لا يوجد قرار رسمي بشأن إغلاق أية مدرسة، لكن العجز المالي قد يدفعنا إلى ذلك".

وبحسب أبو حسنة، فإن 252 مدرسة في قطاع غزة، تقدم خدماتها لنحو 248 ألف طفل، مهددة بالإغلاق في حال لم يتم إيجاد حل للعجز المالي. وفي 29 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت الوكالة أن 85 في المائة من إجمالي موظفيها الدوليين البالغ عددهم 137 موظفاً، سينفصلون عن العمل، وفق عملية تستمر حتى نهاية سبتمبر/أيلول المقبل. وكانت قد أعلنت عن فتح باب التقاعد الطوعي، بهدف تقليص النفقات والتكاليف الداخلية لديها.

بدوره رأى عصام عدوان، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس بغزة، أن الوكالة الأممية مطالبة بطرق أبواب جديدة للمانحين. واستدرك بالقول "حديث الوكالة المتكرر عن الأزمة المالية قد يكون الهدف الأساسي منه استفزاز المجتمع الدولي، لحثه على الإيفاء بالتزاماته الإنسانية تجاه اللاجئين، والأخطر من ذلك أن يكون ما يجري هو مخطط لإنهاء عملها، وتصفية قضية اللاجئين".


ولا يستبعد عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، في رام الله، وسط الضفة الغربية، أن تكون أزمة "أونروا" سياسية. وقال: "عدم إيفاء المانحين بالتزاماتهم قد يكون سببه مخططات إقليمية ودولية، للحد من عمل الوكالة الأممية، ودفعها نحو إنهاء خدماتها، ما يعني تصفية قضية اللاجئين".

وكان تقرير إسرائيلي، أعده معهد الدراسات الاستراتيجية، قد طالب بالإسراع في إنهاء عمل "أونروا" في الضفة الغربية، وقطاع غزة، معتبراً التوقيت الحالي "فرصة ذهبية" لتنفيذ ذلك، في ظل أزمتها المالية، ومشيراً إلى أن إنهاء عمل الوكالة كفيل بـ"القضاء على حق العودة، وتصفية أي أمل للاجئين في العودة إلى ديارهم".

وبسؤال أبو حسنة عمّا أثاره التقرير، رفض الحديث عن أية مخططات لتصفية أعمال وكالتهم، قائلاً "الوكالة ستبقى إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين، هناك أزمة حقيقية بسبب ازدياد أعداد اللاجئين ومتطلباتهم الإنسانية، كما أن المانحين لا يلتزمون بتعهداتهم المالية". وتابع "في غزة نتحدث عن 3 حروب في أقل من 6 سنوات، وعن زيادة الفقر والبطالة بفعل الحصار، كنا نقدم خدمات في عام 2000 لنحو 80 ألف لاجئ، أما الآن فقد وصل العدد إلى أكثر من 860 ألف، بفعل الأوضاع الاقتصادية المتردية".

وتعهدت دول عربية ودولية في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، بتقديم نحو 4.5 مليارات دولار أميركي، في حين تؤكد الوكالة الأممية أن التبرعات المالية لم تواكب الطلب المتزايد على الخدمات الذي تسبب به العدد المتزايد للاجئين.

اقرأ أيضاً: التعليم في غزّة.. رهن الأزمة المالية في مدارس الأونروا

دلالات
المساهمون