أساتذة تونس يطالبون بتسوية أوضاعهم

19 أكتوبر 2016
وزارة التعليم العالي أنهت عقود أساتذة كثيرين(بشير بالطايب/فرانس برس)
+ الخط -

ملفّ الأساتذة المتعاقدين في الجامعات التونسية قضيّة تتوارثها الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011، من دون أن تجد حلاً لها. وهو ما دفع هؤلاء إلى وقفات احتجاجية عدّة على مدى السنوات الخمس الأخيرة، أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والبرلمان وقصر الحكومة، مطالبين بتسوية أوضاعهم المادية والمهنية.

يقول ممثل التنسيقية الوطنية للمساعدين المتعاقدين بالتعليم العالي، رشيد عثمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التنسيقية تقود عشرات التحركات منذ سنوات، وقد تواصلت مع كل الأطراف المعنية بالملف لإيجاد حلول، من دون جدوى". يضيف أنّ "الحكومات المتعاقبة انتهجت سياسة المماطلة وعدم التعاطي مع الملف بجدية"، مستغرباً "اهتمام الحكومة بملف المدرّسين، في حين تغضّ الطرف عن ملف أساتذة التعليم العالي المتعاقدين، على الرغم من أنّهم بمعظمهم تجاوزت مدّة تعاقدهم تسع سنوات".

في يوليو/تموز الماضي، أقدم عماد الغانمي، وهو أستاذ رياضيات متعاقد (48 عاماً)، على الانتحار حرقاً بالبنزين، على خلفية عدم تجديد عقده أو تسوية أوضاعه، بعدما قضى ثماني سنوات في تدريس الرياضيات في جامعات تونس. وتقول زوجته، آمال الغانمي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "تحوّل إلى عامل مياوم مضطراً، وكذلك إلى بائع متجول ليعيل العائلة". تضيف أنّه "تقدّم بطلب أطروحة دكتوراه كان من المقرر أن يناقشها في مايو/أيار الماضي في كلية علوم الرياضيات والفيزياء في تونس. لكن الأمر تأجّل إلى سبتمبر/أيلول الماضي، وهو ما أحبطه ودفعه إلى الانتحار". يُذكر أنّها هي كذلك كانت أستاذة تعليم عال متعاقدة، لكنّ عقد عملها عُلّق.

أجّج انتحار عماد الغانمي احتجاجات الأساتذة المتعاقدين من جديد، وقد أشار منسّق جامعات المنستير وسوسة والقيروان، عبد الرؤوف مطيراوي، في تصريحات سابقة، إلى "إمكانية ارتفاع حالات الانتحار في صفوف الأساتذة بسبب أوضاعهم الاجتماعية المتردية، وانتظارهم أكثر من ثماني سنوات لتسويتها". أضاف أنّ "وزارة التعليم العالي أنهت عقود عدد كبير من الأساتذة الذين درّسوا سنوات عدّة اختصاصات مختلفة". ويطالب مطيراوي "بتسوية الأوضاع التي تجاوزت مدّة انتظار أصحابها سنتَين".




في هذا السياق، كانت التنسيقية الوطنية للمساعدين المتعاقدين بالتعليم العالي قد أشارت إلى إمكانية التصعيد في الأيام القليلة المقبلة والدخول في اعتصام مفتوح أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. يُذكر أنّ أعمار الأساتذة تتراوح بين 31 و50 عاماً، وهم بمعظمهم حاصلون على شهادات دكتوراه. ويبلغ عدد الأساتذة المتعاقدين نحو 6500 أستاذ، فيما يبلغ عدد الذين أنهيت عقودهم نحو 2600 أستاذ.

وتطالب التنسيقية بإلحاق الأساتذة المتعاقدين بالتعليم العالي بالقرارات الجديدة التي اتخذتها الحكومة، والتي تنصّ على التخلّي عن العمل بالعقود المؤقتة، وإنهاء العلاقات الشغلية وفق آليات التعاقد المؤقت والمناولة. وفي الإطار، أوضح المحتجون أنّ الدولة والأطراف النقابية دخلت في سلسلة من المفاوضات الاجتماعية التي تتعلّق بضرورة تسوية وضعية 60 ألف عامل يشتغلون وفق عقود مؤقتة، الأمر الذي يدفعهم اليوم إلى المطالبة بإلحاقهم في سلسلة تلك المفاوضات لدمجهم في وزارة التعليم العالي، خصوصاً أنّ عددهم لا يتجاوز الألفين.

ويطالب المحتجون، الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات النقابية الأخرى بالتدخّل لحلّ قضيتهم وحثّ الحكومة على النظر في أوضاعهم المهنية، خصوصاً أنّ المفاوضات التي تمت على مدى السنوات الأخيرة لم تولِ - بمعظمها - ملفّهم أي اهتمام. يُذكر أنّهم بمعظمهم عملوا ما بين ستّ وتسع سنوات في الجامعات التونسية، كذلك تلقّوا تدريباً تربوياً لمدّة سنتَين.

إلى ذلك، يشكو معظم الأساتذة المتعاقدين في كل عام من تأخّر صرف الأجور. وقد أشار في السياق الكاتب العام لنقابة التعليم العالي والبحث العلمي، حسين بوجرة، إلى أنّ بعض الجامعات خلال السنة الدراسية الماضية لم تسدّد أجور الأساتذة المتعاقدين والساعات الإضافية للأساتذة القارين. وعبّر بوجرة، في تصريحات، عن استغرابه قرار وزير التعليم العالي وقف عمل لجنة الإصلاح الوطنية التي تمكّنت من صياغة مشروع إصلاح شامل في الجامعة التونسية، تمّت المصادقة عليه من قبل رئاسة الحكومة والبرلمان.

تجدر الإشارة إلى أنّ الإحصاءات الرسمية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التونسية تبيّن أنّ 48 في المائة من ساعات التدريس في الجامعة التونسية يشرف عليها أساتذة متعاقدون، من دون أي ضمانات قانونية لدمجهم.

دلالات