محمود يبيع الخضر في عين الحلوة

21 نوفمبر 2015
أدركت أنه لا يحق لي أن أكون مهندساً(العربي الجديد)
+ الخط -
بعد تخرّجه مهندساً ميكانيكياً، لم يجد محمود إبراهيم الشيخ (26 عاماً) عملاً، فرأى نفسه يجرّ عربة خضر في سوق مخيّم عين الحلوة في صيدا (جنوب لبنان)، وراح يبيع خضرته حتى يؤمن مصروفه، ولا يبقى بالتالي عالة على أبيه الذي أصبح مديوناً بعدما خسر في تجارته. هو كان يملك محلاً لبيع الألبسة.

يخبر محمود: "كنت من المتفوقين في المدرسة، وكان هدفي متابعة تحصيلي الجامعي والحصول على شهادات عليا". يضيف: "أنا اليوم حائز على ماجستير في الهندسة الميكانيكية من الجامعة اللبنانية الدولية في صيدا. كان لدي أمل، لكن بعد تخرجي صُدمت بعدم توفّر فرصة عمل، لأنني فلسطيني الجنسية. لا يحق لي أن أسعى إلى تأمين حياتي وبناء بيت والزواج وتكوين أسرة. كل ما أفكر فيه يتطلب عملاً ومالاً".

ويشير إلى أنه سعى كثيراً لإيجاد عمل، لكنه لم يوفّق. حتى أنه لم يستطع إيجاد فرصة عمل خارج لبنان، "والسبب أنني من فلسطينيّي لبنان". وبعدما طال انتظاره، لم يرغب في الجلوس في البيت، عاطلاً من العمل. وهكذا اضطر إلى بيع الخضر على عربة في المخيم. يقول: "نحن ستة أشخاص في البيت، ونحتاج إلى تأمين معيشتنا. عند دخولي الجامعة، كان والدي يملك محلاً لبيع الألبسة في المخيم. كان قادراً على تأمين نفقات دراستي في السنة الأولى، لكنه تعرض لنكسة تجارية وخسر معظم ماله. وعلى الأثر أقفل محله وصار مديوناً. لذا اضطررت إلى الاستدانة من بعض الأقارب حتى أنهي دراستي. كذلك عمدت إلى تدريس تلميذين في البيت. حتى هذا المال لم كن يكفيني لتأمين مصاريفي اليومية، من إيجار مواصلات وثمن قرطاسية وكتب خاصة بالجامعة". يضيف: "عندها قصدت مدير الجامعة، وطلبت منه أن يسمح لي بمتابعة تعليمي بالدين، على أن أسدد له أقساط دراستي عندما أبدأ بالعمل. لكن هذا المبلغ ما زال ديناً عليّ حتى اليوم، لأن الحظ لم يحالفني أيضاً في الحصول على مساعدات مالية من السفارة الفلسطينية في لبنان".

ما زال محمود حتى اليوم يرسل طلبات توظيف إلى شركات خارج لبنان وداخله لبنان، آملاً. لكنه يفاجأ دائماً بالرفض. وقد رفضت شركات في لبنان حتى تدريبه. يقول بغصّة: "كنت قد وضعت خطة وتعبت وسهرت الليالي ودرست لأصير مهندساً ميكانيكياً وأعمل في هذه المهنة. لكنني أدركت أنه لا يحق لي أن أكون مهندساً".

إقرأ أيضاً: رحلة لجوء بنكهة التوابل
المساهمون