مستشفيات لبنان مهددة بعدم القدرة على علاج المرضى

08 نوفمبر 2019
القطاع برمته أصبح في مرحلة الانحدار (حسين بيضون)
+ الخط -
حذّر نقيب المستشفيات في لبنان سليمان هارون من أن "المستشفيات غير قادرة على تسديد مستحقات مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية، وهؤلاء بدورهم أصبحوا غير قادرين على استيراد هذه المواد بسبب نقص السيولة، من جراء تأخر المؤسسات الضامنة في تسديد المستحقات المتوجبة منذ عام 2011، والتي تجاوزت قيمتها ألفي مليار ليرة لبنانية (نحو 13 مليارا و240 مليون دولار أميركي)، علماً أنها تزداد يومياً". 

كلام هارون جاء خلال مؤتمر صحافي عقده مع كل من نقيب الأطباء في بيروت شرف أبو شرف، ونقيب الأطباء في الشمال سليم أبي صالح، وممثلة عن تجار ومستوردي المعدات والمستلزمات الطبية سلمى عاصي، في مركز نقابة المستشفيات. 

وتابع: "لن يعود بمقدور المستشفيات تقديم العلاجات للمرضى. المخزون الحالي يكفي لمدة لا تتجاوز الشهر الواحد، علماً أن عملية الاستيراد من الخارج تتطلب ما بين شهرين وثلاثة أشهر. نحن مقبلون على كارثة صحية كبيرة إذا لم يتم تدارك الوضع فوراً، وقد يموت المرضى في المستشفيات بسبب النقص في الفلاتر المستخدمة لغسل الكلى، أو الرسورات لتوسيع شرايين القلب، أو أدوية البنج".

وناشد هارون المسؤولين العمل فوراً على التسديد الفوري للمستحقات المتوجبة للمستشفيات والأطباء في ذمة وزارة الصحة والأجهزة الأمنية والعسكرية حتى نهاية عام 2018 كخطوة أولى، والطلب من المصارف تسهيل عمليات تحويل الأموال بالدولار الأميركي لمستوردي وتجار المستلزمات والأدوات الطبية، لتمكّنها من تأمين حاجة المستشفيات من هذه المستلزمات، وإلا فإن المستشفيات، وأمام الحائط المسدود الذي وصلت إليه، ستقوم بتحرك ليوم واحد تحذيري نهار الجمعة المقبل، من خلال التوقف عن استقبال المرضى باستثناء الحالات الطارئة، أي مرضى غسل الكلى والعلاج الكيميائي".

وأضاف: "إنني على يقين أن المستشفيات، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة، ستولي اهتماماً خاصاً بالمرضى المحتاجين الذين لا يتمتعون بأية تغطية صحية، وتؤمن لهم العناية اللازمة في كل الأحوال".

ولفت هارون إلى أنه "في أغسطس/آب الماضي، حذرنا من أننا سنصل إلى مرحلة لن تتمكن المستشفيات فيها من استقبال المرضى، بعدما عرضنا ما تواجهه المستشفيات من صعوبات، لا سيما في علاقتها مع المتعاملين معها من أطباء وموظفين وتجار ومستوردي المعدات والمستلزمات الطبية والأدوية وغيرها". وأوضح أن "هذا الموقف لا علاقة له بالأزمة السياسية الحالية التي تتخبط فيها البلاد، بل هو خطوة من ضمن خطة للتحرك كنا قد وضعناها". 

بدوره، رأى أبو شرف أن "الجميع على علم بالواقع المأزوم الذي يمر به القطاع الصحي والاستشفائي، والانعكاس السلبي الذي يتسبب به على القطاع الصحي الاستشفائي والطبي خصوصاً".

وأوضح أن "20 في المائة من فاتورة المستشفيات تعود إلى الأطباء. وبما أن وزارة المالية لا تحول المستحقات إلى هذه المستشفيات، فلا ينال الأطباء مستحقاتهم، ما يؤثر على حياتهم وحياة عائلاتهم ووضعهم المعيشي والاجتماعي. وهذا اللقاء هو تنبيه وإنذار وورقة ضغط على وزارة المالية لاستدراك الوضع، والقيام بواجباتها والوفاء بالعهود ودفع المستحقات والمتوجبات للمستشفيات وبالتالي الأطباء. وحث وزارة المالية على التجاوب مع نقابات الجسم الطبي، وسداد المستحقات، لانقاذ القطاع الاستشفائي والصحي، وبالتالي المستشفيات والأطباء، من خطر الانهيار، ما يضمن استمرارية وبقاء الجميع. 

من المؤتمر الصحافي (حسين بيضون) 

في السياق نفسه، قال أبي صالح إن القطاع برمته أصبح في مرحلة الانحدار بل الانهيار، ما يهدد استمراريته. أضاف: "الظروف التي يمر بها لبنان، في ظل حراك مواطنيه من أجل أبسط حقوقهم، لا يمكن مقارنتها بمرارة وصعوبة الظروف التي مررنا بها خلال حرب يوليو/ تموز 2006. مع ذلك، بقيت إمدادات المؤسسات الاستشفائية مقبولة، ما يطرح الكثير من الأسئلة. نأمل أن تلقى صرختنا تجاوباً عند المسؤولين، حتى لا ينهار القطاع ونبقى قادرين على الاستمرار بالقيام بواجباتنا تجاه المرضى والمواطنين".


أما عاصي، فتحدثت عن معاناة تجار ومستوردي المعدات والمستلزمات الطبية، قائلة: "تعيد الشركات المستوردة للأجهزة والمستلزمات الطبية إطلاق صرخة جديدة إلى جميع المعنيين، إذ إن البضائع المتوفرة حالياً في مستودعاتها لا تكفي احتياجات شهر على الأكثر، ما سيحول دون إمكانية المستشفيات معالجة مرضاها، عدا عن الأضرار المعنوية والمادية والقانونية التي ستلحق بها من جراء تخلفها عن دفع المستحقات، ناهيك عن أي ضرر قد يصيب أي مريض".

وأوضحت أن الشركات المذكورة أدناه مسؤولة عن تأمين احتياجات المستشفيات والمرضى. على سبيل المثال لا الحصر، كل ما يختص بقسم الطوارئ، غرف العمليات والعناية المشددة، المختبر، الأشعة وأجهزة علاج السرطان، غسيل الكلى وكامل الأقسام الأخرى، بالإضافة إلى كامل مستهلكاتها وقطع الغيار، علماً أن لبنان يستورد مائة في المائة من هذه البضائع ولا يوجد أي بديل محلي الصنع".

وناشدوا الدولة الإسراع بتسديد مستحقات المستشفيات المتراكمة منذ عام 2011، والتي تفوق 1،4 مليار دولار، حتى تتمكن بدورها من تسديد مستحقاتنا. وإلا لن يعود بإمكاننا تسليم المستلزمات الطبية والقيام بأعمال الصيانة، ما يعرضنا للإقفال على المدى الطويل.