أئمة بريطانيون عن اعتداءات مانشستر: ليست من الإسلام

07 يونيو 2017
جنازة أحد ضحايا هجوم مانشستر (أندرو ميليغان/Getty)
+ الخط -
عبّر كثير من المسلمين عن رفضهم للحوادث الارهابية الأخيرة في المملكة المتحدة، ونفوا علاقتها بالإسلام، وهو الأمر الذي أكد عليه ثلاثة من قيادات الجالية المسلمة في مصلّى تابع لجامعة مانشستر، التقاهم "العربي الجديد".


وقال الشيخ حبيب الشطي، الإمام الشرفي لمصلّى جامعة مانشستر، إنّ هموم المصلّين لا تصب في تساؤلات عن تنظيم "داعش" أو غيره، بل معظم استفسارات الشباب بسيطة، وتدور حول كيفية التعرّف على شابة بغية الزواج أو العكس. وأنّ خطبهم في المساجد تدعو إلى الوسطية، وتسيير الحياة الاجتماعية وعمل الخير، وكيف تعطي صورة جيدة عن الإسلام، وكيف تتعامل مع جيرانك، وأنهم لا يخطبون عن تنظيم "داعش" بشكل خاص، بل خطب عامّة ضد الفكر المتطرّف.

وأوضح الشطي لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجهاد في الإسلام لا علاقة له بما يجري من اعتداءات إرهابية، فالجهاد يكون حين تشعر بالظلم، وفي ساحة القتال أو الحرب، فتدافع عن نفسك، وغير ذلك جهاد الكلمة فقط، وحين تكون في بلد مسالم لا بدّ أن تكون مسالماً".

وأشار إلى تأثير تلك الحوادث على المسلمين، وتعرّضهم لإساءات عنصرية في المنطقة، حيث تمّ الاعتداء على مسجد في محاولة لحرقه، ولجأت فتاة مسلمة إلى الشرطة بعد أن تحرّش بها شخص في الشارع، وغير ذلك.

وعن تمويل المساجد، قال الشيخ الشطي، إنّ "اتّهام المساجد بتمويل الإرهاب غير صحيح، ولا بدّ من إثبات تلك الأقوال بالأدلة قبل ترديدها. لو امتلك من يروجون ذلك دليلاً واحداً لنشروه عبر وسائل الإعلام".

في الإطار ذاته، أكد الدكتور عبد العزيز بالعطّار، الواعظ في مسجد جامعة مانشستر، أنّ "كل المساجد في بريطانيا جمعيات خيرية مسجّلة، وكل عام تقدّم كشفا عن الأموال التي دخلت والتي خرجت. هذا المسجد أو المصلى يتبع لجامعة مانشستر، وهو في طور التطوير والتجديد بشكل دائم، وهناك طلبة جدد يأتون من شتى بقاع العالم ويجمعهم هذا المكان للصلاة وأداء الفرائض".

وأضاف أن "اتّهام مسجد ديزدبيري بتمويل الإرهاب غير صحيح، ولكن يبدو أنّها حملة ضد المساجد، ووسيلة لإفساد سمعتها، والمساجد في الواقع جمعيات خيرية مسجّلة ومراقبة من طرف الهيئة العليا للجمعيات الخيرية، وهي في الوقت ذاته مكان عام يستقبل الجميع".

وقال بالعطار، إنّ سلمان عبيدي، منفذ هجوم مانشستر، قد لا يختلف عن أي شاب في عمره، وروى قصّة شاب في الثامنة عشرة من عمره، ذهب إلى القطب الشمالي وقتله دب أبيض.

وتساءل لماذا يقدم شاب على هذا الفعل؟ موضحا أنّ معظم الشباب يرغبون في التعرّف على الأمور، "حالة سلمان فردية، كما حادثة الشاب الأميركي الذي قتل رجلين حاولا الدفاع عن فتاة مسلمة. بيد أنّ الأخير ألقي القبض عليه وتمّ التعاطي مع الأمر باعتباره عملاً فردياً. في حين شملت جريمة سلمان عبيدي أمّة بكاملها تزيد عن المليار شخص، وفي هذا نوع من الإجحاف" على حد تعبيره.


ليست مشكلة دينية

ويتابع بالعطّار، أنّ "الفتى تربّى هنا، وأمضى ما يقارب الـ13 عاما في بريطانيا، والتقى بجميع فئات المجتمع. لذلك لا يمكن أن تكون مشكلته دينية". وأشار إلى أنّ طلاّب المدارس العامة أو المجّانية من أبناء الجالية العربية المسلمة حين ينهون دراستهم الثانوية، قد يذهب البعض منهم إلى المسجد لقراءة القرآن وحفظه وتعلم اللغة العربية بعد الدوام الدراسي أو في نهاية الأسبوع فقط. بينما يقضون معدّل ثلاث ساعات إلى سبع ساعات في اليوم على الإنترنت كغيرهم من الشباب. لذلك يعتقد أنّ "مواقع الإنترنت أكثر تأثيراً عليهم من الجامع أو المدرسة".

وأوضح بالعطار أن "الشعب البريطاني طيّب ومتحضّر بشكل عام، ولكن المشكلة تكمن في الإعلام اليميني المتطرّف، والترويج لأفكار الأقليّات المتطرّفة في المجتمع. عاش الليبيون في هذا البلد منذ ما يقارب الثلاثين عاماً، ولم ينتج عنهم أي تصرّف مخالف للقانون، باستثناء عملية عبيدي، لو أنّه حدث النقيض وأبدع هذا الشاب في أي مجال لقالوا عنه إنّه بريطاني من دون ذكر أصوله الليبية أو دينه".

وعلّق الدكتور صبري عبد السلام، وهو أستاذ سابق بجامعة سالفورد، على اتّهام الليبيين بالانغلاق على أنفسهم، ورأى أنّها لا تختلف عن ترويج أنّ جميع المسلمين لا يختلطون في المجتمع البريطاني مع الآخرين أو أنّهم منعزلون. "هذه الصورة خاطئة، لأنّ طبيعة عمل كثير من المسلمين تتطلّب التعامل مع كافّة فئات المجتمع".

ولفت عبد السلام، إلى أن أكثر ضحايا داعش هم من المسلمين، ولكنه تساءل: "هل يفهم الآخر ذلك؟". وأشار إلى خروج مظاهرات في ليبيا ضد تنظيم داعش، وأردف "حتى هنا، خرج المسلمون في مظاهرة بعد اعتداء مانشستر، ليعبّروا عن رفضهم للإرهاب، وتفاعل أهالي مانشستر بإيجابية رغم تأثّرهم بالحدث، لأنّهم يتفّهمون موقف المسلمين".

ووصف ما أقدم عليه سلمان عبيدي في مانشستر، بالعمل الإجرامي غير الأخلاقي، وقدّم تعازيه إلى جميع عائلات الضحايا، وتمنى أن يدركوا أنّ من ارتكب هذا العمل لا علاقة له بالإسلام، لأنّ هذه ليست أخلاق المسلمين.


دلالات