أعوان جمعيات تونسية بلا أجور

28 أكتوبر 2016
يطالبون بتسوية أوضاعهم المهنيّة (العربي الجديد)
+ الخط -
لا يطالب أعوان الجمعيات المعنية بالأشخاص المعوّقين بغير حقوقهم. هؤلاء يريدون تسوية أوضاعهم المهنية والمادية للاستمرار

منذ أكثر من أسبوعين، نفّذ أعوان جمعيّات تُعنى بالأشخاص المعوّقين تحرّكات احتجاجية أمام وزارة الشؤون الاجتماعية، واعتصامات مفتوحة في مقرات عملهم للمطالبة بتسوية أوضاعهم المهنيّة والمادية، مندّدين بتجاهل سلطة الإشراف مطالبهم التي بقيت على طاولة المفاوضات أكثر من عامين.

وشارك في الاعتصام عشرات أعوان جمعيّات رعاية الأشخاص المعوقّين، خصوصاً في محافظات تونس الكبرى (بن عروس، أريانة، منوبة)، بالإضافة إلى جمعيّات أخرى في محافظات قابس وتطاوين ونابل وجرجيس وصفاقس وبنزرت. يطالب هؤلاء بالإسراع في تسوية أوضاعهم المهنيّة والحصول على حقوقهم مع احتساب الأقدمية في التصنيف. ويرفض المحتجّون مواصلة العمل وفق العقود الهشّة من دون ترسيم أو انتداب مباشر من الوزارة.

ويؤكّد عدد من أعوان الدفعة الثانية، الذين انتدبوا في جمعيات رعاية الأشخاص المعوقين عن طريق لجنة مركزية في وزارة الشؤون الاجتماعية منذ عام 2014، أنّهم يعملون كمتطوعين، من دون الحصول على أي أجر من رؤساء الجمعيات أو وزارة الشؤون الاجتماعية.

على صعيد آخر، يندّد المحتجّون بإيقاف العمل بالاتفاقية المشتركة المبرمة بين أعوان وإطارات الجمعيّات ووزارة الشؤون الاجتماعية. يقول أحد المحتجّين، عامر لوصيف، إنهم بدأوا تحركّاتهم منذ أسبوعين، لافتاً إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يحتجون فيها. لوصيف وغيره يطالبون بالنظر في ظروف القطاع الهشّة، ورفض قرار إيقاف العمل بالاتفاقية المشتركة بعد أربع سنوات وثلاثة أشهر من العمل بها، واستيفاء الميزانية المخصصة لذلك والبالغة نحو 27 مليون دولار.

يضيف لوصيف أنّ "الاتفاقيّة الموقّعة قبل أربع سنوات وتقضي بدمجهم في العمل في الوزارة خلال شهر يناير/ كانون الثاني المقبل، أي بعد 5 سنوات من إبرام الاتفاقية. لكن للأسف، أبلغنا بإيقاف العمل بالاتفاقية من دون ذكر لأي أسباب".

من جهةٍ أخرى، تؤكّد غالبيّة المحتجّين أنّ الأشخاص المعوّقين باتوا مهدّدين، في ظلّ إغلاق عدد من المراكز والجمعيات أبوابها، وغياب الظروف الملائمة لتقديم الرعاية الكافية والملائمة لهم بسبب نقص التمويل. كذلك، فإنّ بعض الأعوان تركوا أعمالهم نتيجة هشاشة الوضع المهني، وعدم حصولهم على مستحقاتهم المالية، كما يقول أحد المحتجين زبير لبيض. يضيف أنّ "العديد من الأعوان عملوا في بعض الجمعيّات المعنيّة برعاية الأشخاص المعوّقين لأكثر من سنة، من دون الحصول على أي مستحقات مالية، ما اضطرهم إلى ترك العمل. هذا الأمر أفرغ العديد من المؤسّسات من الإطارات والأعوان للاهتمام بهذه الفئة التي باتت أيضاً تشكو من التهميش".

في المقابل، يوضح ممثلو الهيئات الاداريّة لجمعيّات رعاية الأشخاص المعوقين في محافظة توزر (جنوب) ومحافظة جندوبة، أنّ جمعيّاتهم تعاني من صعوبات مالية منذ سنوات، حتى باتت مهددّة بالإفلاس بسبب إلغاء المنح من قبل وزارة الإشراف والصناديق الاجتماعيّة، وتعويضها فقط بمنحة التسيير التي تترواح ما بين 5 و10 بالمائة من المتفق عليه، ولا تعادل سوى 1 في المائة من جملة النفقات، بحسب حبيب قاسمي، الذي يعمل في إحدى الجمعيات.

في المقابل، تشير وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تسوية أوضاع العديد من أعوان تلك الجمعيات. لكنّ أولئك المحتجين يطالبون بالانتداب في الوزارة، رغم أنّهم يعملون في الجمعيات وأجورهم تدفع لهم عن طريق الاتحاد التونسي للتضامن، وهم ليسوا تابعين للوزارة. كذلك، تبيّن الوزارة أنّه طبقاَ لقانون الجمعيات، فإنّ التسيير وخلاص الأعوان يكون عن طريق رؤساء الجمعيات، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبلهم.

يذكر أنّه في عام 2012، وقّعت اتفاقيّة مشتركة بين وزارة الشؤون الاجتماعية والاتحاد العام التونسي للشغل، لصالح أعوان جمعيات رعاية الأشخاص المعوقين، تضبط العلاقة المهنية بين الجمعيات. وقدّرت الاعتمادات المترتبة عن هذه الاتفاقية بـ 27 مليون دولار، تتكفّل الدولة والصناديق الاجتماعية بتوفيرها، وتصرف على شكل رواتب ومنح عامّة لأعوان هذه الجمعيات البالغ عددهم 3500. ويعمل هؤلاء في نحو 250 جمعية ناشطة في هذا المجال، و300 مركز تأهيل تابع لها.

كذلك، تنصّ الاتفاقية على أنّ الأعوان المنتدبين بمقتضى عقود الشغل يتقاضون أجوراً ومنحاً لمدة معيّنة. ومنذ عام 2012، سوّيت أوضاع 700 إطار موزعين بين 400 مربّ متخصّص و300 مساعد، وتم دمجهم في سلك الوظيفة العامة على حساب وزارة الشؤون الاجتماعية، ثمّ إلحاقهم في الجمعيات.