أين شهادة البروفيه؟

01 يوليو 2019
ماذا كانت نتيجتها؟ (بهروز مهري/ فرانس برس)
+ الخط -

شهادة "البروفيه" أو "المتوسطة" في لبنان، تلك التي تتوج انتهاء الفصل التاسع الأساسي، إيذاناً ببدء المرحلة الثانوية بسنواتها الثلاث، بالنسبة للناجحين طبعاً، تتخذ عاماً بعد عام كثيراً من الشدّ والجذب على صعيد الأفكار التي تتناول جدواها أو عدمها، وعلى صعيد الأبحاث والأوراق العلمية التي تتناول نقاط القوة والضعف الناشئة عن النظام التعليمي ككلّ المتوج جزئياً في هذا النوع من التقييمات.

كلّ هذا ينعكس على المدرسة بكوادرها الإدارية والتعليمية والتلاميذ والأهل، خصوصاً في مرحلة الامتحانات نفسها، وفي الأيام التي تسبق إعلان النتائج، وتلحقه في "احتفالية" وطنية كبرى لا تغيب عنها المفرقعات النارية والرصاص المخترق للسماء احتفالاً بالأبطال الصغار الناجحين، بل تشكل المناسبة فرصة كبيرة لمحال الحلويات والهدايا وغيرها.

الجانب القاسي يرتبط بالراسبين، علماً أنّ نسبتهم ليست كبيرة عادة، إذ لا تتجاوز في الدورة الأولى 25 في المائة في أسوأ الأحوال، لتتدنى أكثر مع انتهاء الدورة الثانية للامتحانات المخصصة للراسبين في الدورة الأولى. فبينما يؤشر نظام النجاح والرسوب إلى تحديد الجدير بالارتقاء في المسار التعليمي عادة، أو توجيه الراسب إلى مجال آخر يرتبط بالمدارس والمعاهد المهنية والفنية، بهدف كسب مهنة بعد دراستها في سنوات ثلاث موازية للسنوات الثانوية الثلاث، فإنّ الأمر أكثر خطورة في لبنان على التلاميذ وعلى الاقتصاد الوطني عموماً، إذ إنّ تطبيق الاستراتيجيات التربوية الوطنية يخضع لكثير من المتغيرات الناشئة عن طبيعة النظام الطائفي وما فيه من زعامات ومحاصصات. وهكذا فالتلميذ الراسب في البروفيه قد يوصم بـ"الفشل" فترة طويلة خصوصاً بين أهله الذين يتعامل كثيرون منهم بطريقة غير صحية، في أقل وصف، مع هذا الأمر الطارئ. وكذلك بين أقرانه ممن يتابعون دراستهم وينتظرون ربما الاصطدام هم أنفسهم بفشل علمي لاحق تمثله البكالوريا (الثانوية العامة)، أو الجامعة، أو الأخطر من كلّ ذلك الاصطدام بالفشل في تحقيق الأمان الوظيفي عقب نيل الشهادة الجامعية، وهو أمر شائع جداً.




لكن، بعيداً عن كلّ هذا الغوص في تحليل النموذج التربوي والأكاديمي اللبناني، وهو حقل بحثي قائم بذاته وله شروطه العلمية القاسية، فإنّ شهادة "البروفيه" تعتبر مفصلية لدى الأهل خصوصاً، إذ إنّها الفاصل ما بين الثانوية؛ ذات السمعة الجيدة، والمهنية ذات السمعة السيئة في الرأي الشائع، أو حتى التسرب المدرسي. وبذلك، لا يمكن استغراب حديث شاب إلى والدته وهو يريها شهادة الماجستير التي نالها أخيراً ويبشرها بنيّته التسجيل في الدكتوراه، حين تسأله: "أين شهادة البروفيه؟"، وتذكّره أنّه قبل سنوات ارتكب خطأ جسيماً حين أهمل إحضار تلك الشهادة من الوزارة بعد نجاحه، وهي الشهادة التي كانت هي نفسها تريد أن تتباهى بها أمام قريباتها وجاراتها.
دلالات
المساهمون