من موت لآخر.. قصة نزوح آلاف المدنيين بين ريفي حماة وحمص

17 ابريل 2018
ينزحون بحثاً عن حياة ممكنة (Getty)
+ الخط -

نزحت خلال الأيام الثلاثة الماضية، مئات العائلات داخل ريفي حماة الجنوبي وحمص الشمالي، الخاضعين لسيطرة الفصائل المسلحة المعارضة، والمحاصرين من قبل القوات النظامية والمليشيات الطائفية والموالية جراء عمليات القصف العشوائي التي تقوم بها الأخيرة، علها تجد مكانا يعطيها فرصة أكبر في الحياة.

وأفادت الإحصائيات الأولية بأنّ عدد النازحين بلغ نحو خمسة آلاف شخص، بحسب الناشط الإغاثي في منطقة الحولة، محمد الحمصي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، مبينا أن "النزوح في غالبيته يتم من قرى حر بنفسه وعقرب وما حولهما بريف حماة الجنوبي إلى منطقة الحولة والرستن بريف حمص الشمالي، التي تعاني من حصار مرير منذ أكثر من ثلاثة أعوام من قبل قوات النظام والقرى الموالية المحيطة بهما".

وأوضح أن "النظام يحاول التقدم من ريف حماة الجنوبي باتجاه ريف حمص الشمالي، عبر اعتماد سياسة الأرض المحروقة وقضم المناطق عقب تهجير أهلها. وبالفعل لقد أرغمت العائلات على أن تهيم على وجهها لا تدري أين تفر من الصواريخ والغارات الجوية، إذ لم تعد هناك منطقة تؤمّن الحد الأدنى من الأمان لها".

وأضاف أن "غالبية المناطق التي حضنت النازحين ورغم ضيق الحال، إلا أنها تمكنت من استيعاب هذا الكم الهائل من السكان واقتسام ما توفر فيها من الطعام البسيط، لكن في حال استمرار النزوح فهذا قد يتسبب في وقوع كارثة إنسانية، إضافة إلى أن الأهالي الذين استقبلوا النازحين أصبح وضعهم أسوأ".
وحذّر الحمصي من تدهور الحالة الإنسانية، قائلا "الآن الحالة الإنسانية في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي تنذر بكارثة إنسانية مع استمرار الحصار، في ظل نقص المواد الغذائية والطبية، وارتفاع عدد سكانهما لأكثر من مائة ألف نسمة".

 

وفي السياق ذاته، قال هاني الياسين، الناشط الإغاثي في منطقة الحولة بريف حمص، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحالة الإنسانية للأهالي والنازحين عقب توافد أعداد ضخمة إلى الحولة باتت سيئة للغاية، فالسلال الغذائية التي كانت تصل للأهالي القاطنين بالكاد كانت تكفيهم، فكيف الآن وقد أصبحت الأعداد مضاعفة ولا وجود لمساعدات جديدة يأملون بوصولها قريباً؟".

من جانبه، قال الشاب الثلاثيني عبيدة، من بلدة الزعفرانة، بريف حمص، إن "عملية النزوح مخاطرة كبيرة جراء استهداف تلك المناطق دائماً من الطيران، أضف إلى ذلك صعوبة وخطورة الطريق الواصل بالريف الشمالي، فعبوره مجازفة خطرة، لكنها لن تفي بالغرض، بل فقط نزوح من موت إلى آخر ومن حصار إلى مثيله، لكن ربما تتفاوت درجات الأمان من منطقة إلى أخرى ليس إلّا".

وأضاف أن "أهالي تلك المناطق استقبلوا النازحين على الفور وقاسموهم مساكنهم وطعامهم وشرابهم بسبب عدم توافر المنازل المهيأة للسكن، عقب تهديم النظام لأكثر من 70 في المائة من البنى التحتية، علماً أن النازحين الوافدين لم تكن معهم سوى ملابسهم البسيطة التي كانوا يرتدونها".

بدوره، بين الشاب عبد الله، وهو أحد النازحين من بلدة طلف إلى بلدة عقرب بريف حماة الجنوبي، أنه عند نزوحه لم يحمل معه سوى بعض الحاجيات الأساسية، مصطحباً عائلته المكونة من طفلين وزوجته، وعندما استطاع إيصال عائلته لعقرب، وتأمينها مع عائلة أخرى، عاد إلى بلدته ليحمل بعضاً من أثاث منزله، إلا أنه لم يستطع قطع أكثر من نصف الطريق بسبب قصف مدفعية النظام، التي تسببت واحدة من قذائفها في بتر إحدى قدميه.

وتابع أن نزوحهم إلى هذه البلدات والمناطق المحاصرة التي ما تزال تحت نيران قصف النظام لن يحميهم ولن يرد عنهم قذائف النظام وطائراته، فالموت يحاصرهم من كل الجهات، ويلاحقهم إلى أي مكان يذهبون إليه، لكن في نزوحه هذا يحاول ساعياً الأخذ بالأسباب لحماية أطفاله وزوجته إلى أكبر حدّ يمكن من خلاله حمايتهم من شرّ الموت، أو إلى أطول مدّة ممكنة.


وتابع "النزوح بين ريفي حماة الجنوبي وحمص الشمالي أشبه بمن يهرب من الموت إلى الهلاك، هربنا من القصف المدفعي والصاروخي لنجد هنا قصف الطيران الروسي، ولا نملك خيار الخروج أو إخراج الأطفال والنساء من كل المنطقة بسبب الحصار المحكم، ما يحتّم على جميع المدنيين الموت هناك بشتى أنواع القصف أو حتى بظروف الحياة الصعبة من جوع وعطش وتدني الرعاية الطبية في ظل شح الدواء".