السعودية.. لماذا لا تقود المرأة سيارتها؟

27 أكتوبر 2014
نساء تحدين قرار الحظر (من مواقع التواصل)
+ الخط -

المملكة العربية السعودية، هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع النساء من قيادة السيارات بقرار حكومي، ومنذ سنوات تحاول نساء السعودية تحدي القرار أملاً في إلغاء الحكومة له، رغم صعوبة الحال كون القرار تدعمه فتاوى دينية من أعلى جهة للفتوى في البلاد، بينها فتوى للمفتي السابق الشيخ عبد العزيز بن باز.
لكن قضية قيادة النساء تحولت في السنوات الأخيرة إلى معضلة حقيقية بعدما ظهرت بعض النساء للعلن وهن يقدن سياراتهن، وقبضت الشرطة على بعضهن، ما أوصل القضية إلى الإعلام العالمي الذي بات يتعامل معها باهتمام شديد.
بالأمس، كان يوم "قيادة المرأة" في السعودية، وهي حملة انطلقت قبل عامين، واتخذت من يوم السادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول موعداً لها، وبينما تردد جهات رسمية سعودية أن الحملة فشلت، فإن ناشطين في الحملة يؤكدون أنها باتت تتخذ طابعاً من الزخم، ويقبل على المشاركة فيها كثير من النساء، والعديد من الرجال الداعمين.
وتستنكر السعودية، وجدان راشد السكران: "منع المرأة من قيادة السيارة، هل هو مبني على فتاوى بن باز؟ أم على غددها؟ أم على مبايضها؟" في إشارة إلى فتاوى رسمية أثارت جدلاً، بينما يسأل المواطن السعودي فهد: "عزيزتي وزارة الداخلية، من حقنا نعرف سبب المنع! زحمة؟ فتوى بن باز؟ بنية تحتية؟ مبايض؟ الاحتباس الحراري؟ قولوا لنا وش مزعلكم".
وبيْن المعارضين لقيادة النساء، يقول عبد الله مطلق العنزي موجهاً حديثه للمرأة: "فوقي من سكرة القيادة والبسي الحفوظة برفق ونامي لعلك بعد النوم تروقي وتعلمي بأنك لن تسوقي. لن تسوقي. لن تسوقي".
ويعتمد كثيرون فتوى الشيخ بن باز في هذا الخصوص والتي جاء فيها: "كثر حديث الناس عن قيادة المرأة السيارة، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها، منها الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها السفور، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت، والحجاب، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع".
لكن فتوى الشيخ صالح بن سعد اللحيدان، عضو الجمعية العالمية للطب النفسي كانت أكثر إثارة للجدل، حيث قال إن "علم الطب الوظيفي الفسيولوجي أظهر أن القيادة تؤثر تلقائيّاً على المبايض، وتدفع الحوض إلى أعلى لذلك نجد غالب اللاتي يقدن السيارات بشكل مستمر يأتي أطفالهن مصابين بنوع من الخلل الإكلينيكي المتفاوت".

وتقول هاجر البراهيم: "جربت كيف تركب مع سواق؟ كيف عاد تركب وأنت خايف على نفسك من خلوة مع أجنبي"، في إشارة لإجبار المرأة على اتخاذ سائق لقضاء حاجاتها.
بينما يحكي متعب طويلع عن سعودية: "تمتلك سيارة وتعمل في وكالة سيارات، لكنها لا تستطيع القيادة ومجبرة على استقدام عامل لا يملك سيارة ولا رخصة ليقود سيارتها".
وترى الكاتبة والأديبة السعودية أميمة الخميس أن "قيادة المرأة لمركبتها ترفع وضعاً غرائبيّاً تعيشه نساء المملكة في مواصلاتهن دون نساء الأرض. ستقود السيارة وهي صيرورة تحتمها طبيعة المكان والزمان ومتطلبات المرحلة".
واستهجن كثيرون غياب الناشطة منال الشريف عن الحملة، رغم كونها، العام الماضي، أبرز المشاركين فيها، خصوصاً وأن الشريف إحدى أشهر الناشطات في حملة المطالبة بحق النساء السعوديات في القيادة، وسبق اعتقالها بتهمة خرق القانون وقيادة سيارتها علناً.

في المقابل، تداول كثير من المغردين السعوديين، تغريدات اثنين، ممن يعلنون الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يستنكران فيها منع السعودية للنساء من قيادة السيارات، ويؤكدان على أن الدولة الإسلامية لا تفعل بالمثل في مناطق سيطرتها.



وسخر الكاتب السعودي عبد لله المزهر من القضية في مقاله المنشور اليوم في صحيفة "مكة" بعنوان "استعدوا من اﻵن" قائلاً: "مخترع السيارة لم يكن سيخطر على باله أن اختراعه سيسبب مشكلة في بلاد تعتبر قيادة المرأة من المحظورات فيها برغم استخدام المرأة وسائل نقل قبل اختراع السيارة"، مضيفاً "الهدف الوحيد لمخترع السيارة هو إخراج المرأة السعودية من منزلها وليس رغبته في تقديم خدمة للبشرية أو الفوز ببراءة اختراع" في ما يبدو أسلوباً هزليّاً.
وواصل الكاتب سخريته: "هناك مشكلة تتداولها اﻷخبار وهي اختراع سيارة لا تحتاج إلى سائق لقيادتها ممّا سينتج مشكلة فقهية جديدة تتلخص حول إمكانية ركوب المرأة سيارتها وحدها أو حاجتها إلى وجود مرافق، وهل ستركب في الجهة اليمنى أم اليسرى من السيارة".
بينما يرى الكاتب في صحيفة الشرقن عبد الله المقرن، أن بلاده باعتبارها الدولة الوحيدة، التي لا يسمح للمرأة فيها بقيادة السيارة، تحظر الأمر لـ"أسباب اجتماعية فقط".
ويضيف: "هل توجد مصلحة من قيادتها السيارة؟ الجواب نعم، فمن خلال معايشتي عائلات تربطنا بهم علاقة قرابة أو صداقة أو جوار يلاحظ أن بعض النساء تواجه كثيراً من المشكلات في تنقلاتها، إذا أردت أيها الرجل أن تعرف مدى الذل والإحباط والعجز عن قيامك بواجباتك وهي كثيرة، فاحرم نفسك من السيارة ولو ليوم واحد".
ويتابع: "ليس من النبل إذلال المرأة وإهانتها وإساءة الظن بها، كما أنه ليس من المصلحة منعها من القيادة، فضرر منعها أشد من ضرر السماح لها بذلك".
ويروي المدون السعودي، غسان، قصة عن سعودية تعاني لعدم قدرتها على قيادة سيارتها، السيدة اسمها "أم نورة" التي تعيش في حي المحمدية في جدة مع زوجها المتقاعد في منزل بني في أرض بثمن بخس منذ عشرين عاماً وكانوا أول القاطنين. "أبو نورة وأمها يعيشان بمرتب قرض التضخم، ولا يقويان على تكاليف تأشيرة سائق بخمسة عشر ألف ريال ولا على مرتبه الذي فاق الألفي ريال، ناهيك عن أجرة سيارات الأجرة. أم نورة شاهدها المرور وهي تركب سيارة زوجها الكابري 89 في يناير/كانون الثاني الماضي وقال لها: يا والدة ترى هذي ثاني مرة” فردت السيدة: معليش يا ولدي أبو نورا بعافية حبتين. فتركها الرقيب لأنه إنساني يقدر ذلك ويعمل بروح القانون، و شخصيّاً لا يجد بأساً في قيادة المرأة التي شاهدها تقود الحوض في البادية في طفولته.



وبينما تردد وسائل إعلام سعودية وجهة نظر النظام في خطورة قيادة المرأة، وتكرر تحذيرات وزارة الداخلية للنساء من الإقدام على الأمر، إلا أن الناشطة السعودية في حملة "قيادة النساء" سامية المسلماني أكدت: "ستستمر الحملة ولن يكون لها نهاية إلا بحصول المرأة على حقها الطبيعي. ومن يرى أن الحملة فشلت أحب أن أصحح المعلومة؛ يكفي الحملة فخراً أنها أنهت حرب التيارات، وحددت من المسؤول عن المنع، وهذا شيء ليس بسيطاً".
وكان المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية وجه تحذيراً صارماً حول "ما يثار في شبكات التواصل الاجتماعي وبعض من وسائل الإعلام من دعوات إلى تجمعات ومسيرات قيادة المرأة للسيارة"، وشدد على أن الوزارة تعتزم "تطبيق الأنظمة بحزم في حق كل من يساهم وبأي أسلوب في أي أعمال أو أفعال تؤدي إلى توفير الفرصة للمتربصين للنيل من اللُّحمة الاجتماعية ببث الفرقة وتصنيف المجتمع".
وتعرف "حملة 26 أكتوبر" عن نفسها بأنها "حملة شعبية بمشاركة سيدات ورجال الوطن، تهدف إلى إحياء المطالبة بحق المرأة في قيادة سيارتها بنفسها شهريّاً"، مؤكدة أنه ليس لها "أي مطالب غير قانونية أو غير شرعية"، ومضيفة أن الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، ترك القضية للمجتمع.
وأطلقت الحملة عدداً من الوسوم (هاشتاغ) على شبكات التواصل بينها #أسوق_بنفسي #قيادة_26أكتوبر #قيادة_المرأة، كما أن لها حساباً رسميّاً على موقع "تويتر"، ينشر آراء وترتيبات الحملة، كما يروج لصور وفيديوهات نساء تحدين القرارات وشاركن في الحملة.

دلالات
المساهمون