"مفيش تذاكر" في مصر

22 سبتمبر 2015
يتنظرن وصول القطار (كارستن كول/Getty)
+ الخط -

تزامناً مع إجازة عيد الأضحى، اختفت تذاكر القطارات من محطة القاهرة للسكك الحديد، وخصوصاً إلى الصعيد (جنوب مصر)، بعدما علق موظفو المحطة لافتات عدة، منها "مفيش تذاكر"، و"الحجز في نفس يوم السفر"، و"التذاكر اتباعت (بيعت) منذ أسبوع"، رداً على أسئلة الراغبين في حجز تذاكر لقضاء عطلة العيد مع ذويهم. وكان عدد كبير من المواطنين قد اصطفوا أمام شبابيك التذاكر لساعات من دون أن يتمكنوا من الحصول على تذاكر، بسبب عدم وجود أي مقاعد شاغرة، ما دفع الغالبية إلى المغادرة.

هذا الأمر أغضب المواطنين، وشهدت المحطة حالة من التذمر بين الركاب، وصلت في بعض الأحيان إلى مشاجرات كلامية، واتهام الهيئة بالفشل في توفير التذاكر، على الرغم من إعلان المسؤولين في الهيئة طرح 344 ألف تذكرة إضافية لمواجهة الطلبات المتزايدة، إلا أنها لم تصل إلى أيادي المواطنين. هكذا استمرت رحلة البحث عن تذكرة داخل أروقة محطة "رمسيس" من دون فائدة. وصار على المواطنين اللجوء إلى السوق السوداء، حتى تجاوز سعر التذكرة الواحدة للدرجة الثانية 150 جنيهاً (نحو 19 دولاراً)، علماً أن سعرها لم يكن ليتجاوز الـ 65 جنيهاً (نحو ثمانية دولارات).

ويؤكد عدد من الركاب أنهم حاولوا على مدار أسبوع كامل الحصول على تذاكر لمختلف محافظات الوجه القبلي، لكنهم فشلوا، مبدين استياءهم من الأمر واضطرارهم للجوء إلى السوق السوداء للحصول على تذكرة. وتجدر الإشارة إلى أنه بين القاهرة وأسوان سبعة قطارات مكيفة، بالإضافة إلى عدد من القطارات المميزة. مع ذلك، اختفت التذاكر تماماً من محطة القاهرة.
لم تقتصر الأزمة فقط على محطتي رمسيس والجيزة، وهما محطتان رئيسيتان، بل امتدت أيضاً إلى محطات الأقاليم. وشهدت الأيام الماضية اختفاء تذاكر السفر من محطات ومكاتب الحجز في محطة سكة حديد أسوان، ما أثار غضب الأهالي. وتساءلوا: "أين قرارات الحكومة بضبط السوق والقضاء على السوق السوداء؟ هل مافيا التذاكر أقوى من الحكومة"؟

ورصدت "العربي الجديد" معاناة الأهالي أمام شبابيك الحجز، وسط مشادات بين بائعي التذاكر والركاب بسبب سوء المعاملة، وخصوصاً شبابيك حجز الدرجة الثانية بسبب ترك الموظفين عملهم. وكشف الأهالي عن بيع البعض التذاكر في السوق السوداء على مرأى ومسمع من العاملين في المحطة، من دون أي تحرك من المسؤولين.
في البداية، يقول الضوي عبد الكريم، وهو من محافظة الأقصر في صعيد مصر، إن "مرضي دفعني للمجيء إلى القاهرة. ذهبت إلى المحطة مع أولادي للحصول على ثلاث تذاكر، فطلب منا المسؤول المجيء في اليوم الثاني. في اليوم التالي، أخبرنا أن جميع التذاكر سُحبت من الحاسوب، طالباً منا شراءها من السوق السوداء".

من جهته، يقول عبد الفتاح محمود، وهو عامل، إنه "بالرغم من أن الحكومة ووزارة النقل رفعتا أسعار تذاكر القطارات المكيفة ما بين 10 و20 في المائة منذ شهر يوليو/تموز الماضي، لم تتحسن الأوضاع حتى الآن، في ظل استمرار طرح تذاكر القطارات في السوق السوداء، في وقت أعلنت مافيا تذاكر القطارات سيطرتها الكاملة على محطات القطارات، كأنها تتحدى بشكل واضح قرارات الحكومة والدولة ومسؤولي المحطات الذين وعدوا بإيجاد حل للأزمة.

بدوره، يقول أحد الركاب، وهو من سوهاج، إنها ليست المرة الأولى التي يأتي فيها من أجل حجز تذكرتين. يضيف أنه في كل مرة، كان بائع التذاكر يؤكد عدم وجود مقاعد شاغرة، موضحاً أن "التذاكر تباع في المطاعم والمقاهي وغيرها، لكن بضعف الثمن". يتابع أن المسؤولين لا يخرجون من مكاتبهم ولا تعنيهم معاناتنا.
وتجدر الإشارة إلى أن اختفاء تذاكر القطارات أدت إلى ارتفاع أسعار وسائل المواصلات الأخرى مثل "الأوتوبيسات والميكروباصات"، وسط توقعات بارتفاع أجرة تلك المواصلات أكثر خلال الأيام المقبلة.

سوق سوداء

يرى عدد من المراقبين في مصر أن إجراءات هيئة السكة الحديد لن تمنع وصول أعداد كبيرة من التذاكر إلى السوق السوداء، وخصوصاً أن المسؤولين عن تسريبها هم موظفون من داخل الهيئة، بالإضافة إلى موظفين من محطتي مصر والجيزة، ممن لديهم قدرة على استغلال الثغرات لتأمين احتياجات عملائهم من التذاكر. هكذا، يجد المواطن نفسه أمام خيار واحد، وهو شراء التذاكر بأسعار مرتفعة.

اقرأ أيضاً: عيد بلا تحرّش في مصر
دلالات