تقرير أوروبي يستنكر أوضاع طالبي اللجوء والسجناء في الدنمارك

07 يناير 2020
أنصفوا طالبي اللجوء! (فرانسيس دين/ Getty)
+ الخط -

قد يفاجأ كثيرون من تقرير أوروبي أخير يتّهم الدنمارك بأنّها غير إنسانية في تعاملها مع المهاجرين الذين رُفضت طلبات لجوئهم، وكذلك مع السجناء في مراكز الاحتجاز والترحيل والسجون، لكنّ ذلك أمراً واقعاً.

في تقرير صادر اليوم، الثلاثاء، عن لجنة مناهضة التعذيب التابعة للمجلس الأوروبي، وُجّهت انتقادات شديدة اللهجة إلى الدنمارك على خلفيّة تعاملها مع طالبي لجوء مرفوضة طلباتهم في مختلف مراكز الاحتجاز في البلاد، بحسب ما نقلت القناة الدنماركية الرسمية "دي آر" و"القناة الثانية" ووكالة الأنباء الدنماركية "ريتزاو". والتقرير الذي يأتي في 85 صفحة، ارتكز على زيارات ميدانية لمؤسسات دنماركية يُحتجَز فيها هؤلاء الأشخاص، بما في ذلك مستشفيات للأمراض النفسية والعقلية ومراكز ترحيل وسجون، وسلّطت الضوء على مركز احتجاز إليبيك.

على الرغم من أنّ لجنة مناهضة التعذيب التابعة للمجلس الأوروبي وجّهت في أعوام سابقة انتقادات شبيهة، إلا أنّ معدّي التقرير الجديد يرون اليوم أنّ "إليبيك (إلى الشمال من العاصمة كوبنهاغن)، هو الأسوأ". ويضمّ مركز الاحتجاز طالبي لجوء رُفضت طلباتهم وهم على قوائم الترحيل من دون أن يصدر بحقهم أيّ حكم في قضية جنائية، وقد أفاد معدّو التقرير بأنّ "ما وجدناه فيه (مركز احتجاز إليبيك) خطير جداً، فأوّل ما يلفت النظر هو أنّ هيكلية هذا المركز المادية سيّئة جداً، ومن غير المقبول إطلاقاً وضع هؤلاء الأشخاص الذين رأيناهم في ظروف مشابهة في السجن، على الرغم من أنّهم ليسوا مجرمين ولم يرتكبوا مخالفات. الأوضاع هنا أسوأ من أوضاع السجون"، بحسب ما نقلت "ريتزاو" والقناة الثانية عن هانس وولف، وهو أحد أعضاء اللجنة التي زارت المعسكر. وقد لفت وولف، في حديث نقلته صباح اليوم القناة الثانية، إلى أنّ "الدنمارك من الدول الأوروبية التي تُسجَّل أكثرُ الظروف سوءاً في مراكزها الخاصة بالأجانب، فالمكان (إليبيك) لا يليق بالبشر". وخلص التقرير، في ما يتعلق باحتجاز المهاجرين المرفوضة طلبات لجوئهم في مركز الاحتجاز هذا، الذي تقدر قدرته الاستيعابية بـ136 شخصاً، إلى أنّ هؤلاء يعيشون في "ظروف تشبه ظروف السجن ويشتكون من استخدام مفرط للقوة، مع غياب أيّ تحقّق من تعرّض الناس إلى التعذيب أو اضطراب ما بعد الصدمة، إلى جانب مشكلة جديّة في توفير الأدوية لهم".




وقد طالبت لجنة مناهضة التعذيب كوبنهاغن بتصحيح الأوضاع في خلال 90 يوماً (بدءاً من اليوم الثلاثاء)، فيما وجد حزب "راديكال"، وهو أحد الأحزاب المشاركة في ائتلاف حكومة يسار الوسط، أنّ الحكومة ملزمة بالتصرّف الفوري، "فهذا وضع خطير وجدّي أن يتلقّى بلدنا انتقادات من المجلس الأوروبي. هؤلاء أناس لم يقوموا بأيّ أعمال مخالفة للقوانين"، بحسب ما ذكر مقرّر الشؤون العدلية عن الحزب في البرلمان الدنماركي كريستيان هيغورد. أضاف أنّه "لا يجب تعريض هؤلاء الأشخاص إلى تعذيب معنوي نفسي كأنّهم وحوش، ويحقّ لهم أن يكونوا في أوضاع تليق بالبشر، وهو ما سوف نناقشه مع وزارة العدل فوراً".

تجدر الإشارة إلى أن السياسات المتشددة واحتجاز الذين رُفضت طلباتهم في مراكز احتجاز أشبه بسجون تمّ تبنّيها وتنفيذها من قبل حكومة اليمين ويمين الوسط السابقة، قبل انتخابات العام الماضي التي أتت بحكومة يسار وسط مدعومة بأصوات اليسار. وكان حزب الشعب الدنماركي، اليميني المتشدد، وراء عدد من المقترحات القاضية بتشديد سياسات الدنمارك في مجال الهجرة واللجوء، فذلك بالنسبة إليه بمثابة "جعل الدنمارك أقلّ جذباً لطالبي اللجوء"، خصوصاً المقترح الذي قضى بوضع المهاجرين المرفوضة طلبات لجوئهم في جزيرة معزولة. يُذكر أنّه تمّ التراجع عن هذا المقترح نظراً إلى كلفته المالية ورفض السكان القريبين من الجزيرة في العام المنصرم.

في سياق متصل، زارت لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية في نهاية العام الماضي عدداً من سجون الدنمارك للاطلاع على أوضاع النزلاء فيها، خصوصاً بعدما كانت قد وجّهت في الأعوام السابقة انتقادات لاذعة لسلطات السجون في مسألة إجبار النزلاء على الاستلقاء على أسرّتهم وهم مربوطون بأحزمة جلدية. وعلى الرغم من أنّ اللجنة أثنت بشكل كبير على بُنى السجون في البلد، فإنّها وجدت أن عمليات الربط بالأسرّة كوسيلة متّبعة في مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية للسيطرة على الأشخاص العنيفين كي يهدأوا "خرق لحقوق السجناء". يُذكر أنّ اللجنة كانت قد وجّهت الانتقادات نفسها في عامَي 2008 و2014 وطالبت كوبنهاغن بتغيير تلك الإجراءات أو التخفيف منها، إلا أنّ تقريرها الأخير وصل إلى نتيجة أنّه "للأسف الشديد لم يجرِ تحسين كبير منذ زيارتنا الأخيرة في عام 2014".



ويورد تقرير اللجنة نفسه في هذا المجال أنّه "منذ وقت طويل، أقلعت دول كثيرة عن وسيلة تثبيت السجناء بالأحزمة، وبناء على ذلك نوصي الدنمارك بوقف هذه الوسيلة التي تُعَدّ مهينة جداً من منظور حقوق الإنسان". وقد رأت المستشارة القانونية في المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب "ديغنتي" إيلينا سوناغورد، أنّ الانتقادات "تؤكّد ضرورة النظر بجدية إلى الحالات الفردية المأساوية التي اطّلعت عليها اللجنة والتي اطلعت عليها مؤسستنا كذلك، ولا بدّ من إعادة النظر كلياً في الإجراءات المتّبعة في هذا المجال". تجدر الإشارة إلى أنّ وزير العدل الدنماركي نيك هيكروب رفض التعقيب على الانتقادات قبل "الاطلاع على التقرير الذي تسلمناه اليوم الثلاثاء".