أكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة أنّ هناك أكثر من خمسة ملايين طفل سوري مشرد داخل سورية وخارجها، وأكثر من مليوني طفل لا يتلقون التعليم.
وأوضح تقرير أصدرته "لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية" بعنوان "لقد محوا أحلام أطفالي" أنّ سنوات الحرب الثماني حملت انتهاكات "صارخة" لحقوق الأطفال الأساسية؛ من بينها القتل والتشويه والجروح والتيّتم والحرمان من التعليم وتحمّل وطأة العنف الذي ترتكبه الأطراف المتنازعة، إضافة إلى تشريد أكثر من خمسة ملايين طفل داخل سورية وخارجها.
وفي مؤتمر عُقد في جنيف، الخميس، أكد رئيس لجنة التحقيق باولو بينيرو، أنّ هذه الانتهاكات تؤثر على أجيال كثيرة في المستقبل، محمّلاً "الحكومة السورية المسؤولية الرئيسية لحماية الأطفال".
وتستند المعلومات التي أوردها التقرير المكون من 25 صفحة، ونشر على موقع الأمم المتحدة، إلى نحو خمسة آلاف مقابلة أجريت في الفترة الواقعة بين 2011 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 مع أطفال سوريين وشهود عيان وناجين وأقارب ناجين ومهنيين طبيين ومنشقين وأعضاء من المجموعات المسلحة، وعاملين في مجال الرعاية الصحية ومحامين.
وأكد التقرير استخدام قوات النظام السوري الذخائر العنقودية والقنابل الحرارية والأسلحة الكيميائية التي تسببت بسقوط عشرات الضحايا من الأطفال. كذلك استخدمت "الاغتصاب والعنف الجنسي مراراً وتكراراً ضد الرجال والنساء والأولاد والفتيات كوسيلة للعقاب والإذلال وبث الخوف بين المجتمعات".
ووثَّقت اللجنة "هجمات قامت بها القوات الحكومية والقوات الموالية لها في مناطق مكتظة بالسكان بدون هدف عسكري واضح، كما تسببت في وقوع عشرات من الضحايا بين الأطفال. وتبلغ هذه الهجمات حد جريمة الحرب المتمثلة في شن هجمات عشوائية تؤدي إلى وفاة أو إصابة المدنيين".
كذلك وثّقت حالات تعمدت فيها قوات النظام الهجوم على المدارس، والقيام بحملات اعتقال واحتجاز مدنيين من مؤيدي المعارضة، واحتجاز أطفال وإخضاعهم للتعذيب وسوء المعاملة، معتبرة أنّ هذه الأفعال "تبلغ حد جرائم الحرب المتمثلة في القتل والمعاملة السيئة والاعتداء على الكرامة الشخصية".
Twitter Post
|
وأضاف التقرير أنّه في الفترة بين 2016 و2019 أعدم إرهابيون من تنظيم "داعش" أطفالاً في الساحات العامة، وبذلك ارتكبوا جرائم حرب متمثلة في القتل، وأجبروا فتيات من سن لا تزيد عن 14 عاماً على الزواج من مقاتلي المجموعة، ويشكل الزواج القسري عنفاً جنسياً ويبلغ حد جرائم الحرب.
وسلّط التقرير الضوء على الوضع المروّع للتعليم في سورية، إذ وجد أنّ آلاف المدارس دُمّرت أو استخدمت لأغراض عسكرية منذ بداية النزاع، وتوقف أكثر من 2.1 مليون طفل عن ارتياد المدرسة على أساس منتظم.
وطالبت المفوضة كارين أبو زيد الحكومة السورية ببذل جهود عاجلة لدعم أكبر عدد ممكن من الأطفال للعودة إلى مقاعد الدراسة.
وقال التقرير إنّ المجموعات المسلحة استخدمت المدارس لأغراض عسكرية، وتعرض الأطفال للاحتجاز واستُخدموا كورقة مساومة في عمليات تبادل الأسرى أو الحصول على الفدية.
ومن التوصيات التي قدمتها اللجنة للنظام السوري ضرورة احترام الحماية الخاصة التي يتمتع بها الأطفال بموجب القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وضمان المساءلة عن الانتهاكات التي حدثت، والتوقف عن استهداف المدارس والمرافق التعليمية، وإطلاق سراح جميع الأطفال المحتجزين، وتصميم وتنفيذ برامج للتعافي الجسدي والنفسي.
وحثّت اللجنة المكونة من ثلاثة مفوضين على ضمان حماية الأطفال المشردين داخلياً، لا سيّما في ما يتعلق بالتزامات جميع الدول إعادة الأطفال الذين تربطهم صلات عائلية بمقاتلي تنظيم "داعش" إلى أوطانهم.