درّاجات الموت تستعرض في شوارع الجزائر

03 مايو 2016
تنافس بين الأثرياء على الدراجات الغالية (فرانس برس)
+ الخط -

يلجأ كثير من الجزائريين إلى استخدام الدراجات النارية في قضاء حوائجهم، بسبب الازدحام الكبير الذي تشهده حركة السير، واستحالة التنقل بالسيارة وإيجاد مكان تركن فيه.

وتشهد ''الموتو'' عودة قوية إلى البلاد، بعدما كادت تختفي في فترة من الفترات. باتت اليوم تشكّل معلماً رئيسياً من معالم شوارع العاصمة وضواحيها، لا سيما أنّها رخيصة الثمن واقتصادية. كما يجد الشباب فيها وسيلة للترفيه، فيغامرون بقيادتها، مستعرضين قدراتهم ومهاراتهم من دون أدنى مبالاة بغيرهم من المارة وسائقي السيارات، الذين يشاركونهم الطريق، وبالرغم من علمهم بخطورتها عليهم هم بالذات.

تحتل الجزائر المرتبة الرابعة عالمياً في حوادث المرور، منها 10 في المائة بسبب سائقي الدراجات النارية، بما يعادل 100 حادث في اليوم. ومع زيادة حوادث الدراجات النارية وكثرة أعدادها في شوارع مختلف المدن، يدق القلق بيوت المواطنين، ليطلقوا صرخة تطالب بالحد من ظاهرة هذه الدراجات أو ضبط سائقيها، للتخفيف من سرعتهم. هؤلاء يقودون دراجاتهم من دون خوذة، سواء تعلق الأمر بالسائق أو مرافقه، علماً أنّ الحوادث شهدت مقتل بعض هؤلاء أو إعاقتهم وبتر أطرافهم.

سجّلت المديرية العامة للأمن الوطني 524 حادثا مروريا كانت الدراجات النارية طرفاً فيها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2016. وأرجع التقرير وقوع تلك الحوادث إلى السرعة الزائدة والتجاوز الخاطئ، واستهتار وتغافل السائق، بالإضافة إلى عدم التقيد بالقوانين المرورية.

وفي هذا الشأن، جرى تسجيل 1473 حالة عدم ارتداء الخوذة الواقية من قبل سائقي الدراجات النارية أو الركاب، في الفترة نفسها. وسجلت 984 حالة عدم وجود شهادة التأمين، و604 حالات عدم وجود رخصة قيادة. كما سحبت في الفترة نفسها 1225 رخصة من سائقي الدراجات النارية.




يشير رئيس خلية الاتصال في الأمن الوطني، العميد لعروم أعمر، إلى أنّ أصحاب الدراجات النارية، بسبب قلة وعيهم وانضباطهم في الطرقات، وإجرائهم استعراضات ومناورات خطيرة، باتوا يتسببون في وقوع 10 في المائة من حوادث المرور، وهو مؤشر خطير يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من تنامي الظاهرة.

عن ذلك يقول سليم، وهو موظف حكومي، لـ"العربي الجديد": "معظم سائقي الدرجات النارية لا يهتمون بالأخطار التي يتسببون فيها، أو بكونهم يزعجون الآخرين وهم يستخدمون الدراجة للتسلية، خصوصاً المراهقين منهم. فبين حركات التباهي الخطرة والرعونة تزهق أرواح. وبالرغم من خطورة هذه الهواية على الأطفال والمراهقين والشباب، لكننا لا نجد موقفاً حازماً تجاهها، سواء من العائلات أو السلطات".

تؤيد هذا الطرح سلمى، وهي طالبة جامعية. تقول لـ"العربي الجديد": "السرعة الفائقة التي يمضي بها سائقو الدراجات مخيفة. الأكثر سلبية انتشارها على الطرقات السريعة ووسط المارة والازدحام المروري، مع شباب صغير طائش يحاول أن يقلد أفلام المغامرات". تضيف: "حتى صوت الدراجة الصاخب صار مصدر إزعاج، خصوصاً ليلاً. كما أنّ بعض الشبان المنحرفين يستخدمونها لسرقة حقائب السيدات والهواتف النقالة".

سمير شاب يقف أمام دراجته. يقول لـ"العربي الجديد": "شغوف بالموتو منذ صغري. أجمل متعة بالنسبة لي عندما أركبها وأنطلق سريعاً أسابق الريح كأنني سوبرمان".

بدوره، يقول نبيل، وهو صاحب محل: "حقيقة هي وسيلة جيدة للتنقل، خصوصاً في الأزقة الضيقة للمدينة القديمة. لكنّ التهور يؤدي إلى حوادث قاتلة". يوضح: "أحد أقاربي توفي الشهر الماضي وهو يقود دراجة نارية. عمره 22 سنة فقط. كانت لديه سيارة، باعها واشترى الموتو أخيراً بالرغم من معارضة والديه. اشترى الموت بماله. حاول تخطي سيارة في منعطف ليجد أخرى أمامه، فقفز منها لينقذ روحه، لكنه لم يفلح".

لا يتوقف الأمر عند الاقتناء، فالمراهقون يستأجرون دراجات نارية بـ600 دينار جزائري (5.5 دولارات أميركية) للساعة الواحدة، يتنقلون بها بين الأحياء. كذلك، يتنافس أبناء العائلات الغنية على اقتناء أحدث الدراجات النارية غالية الثمن بهدف التفاخر وجذب الفتيات، والتفنن في إبراز المواهب الاستعراضية. ولعلّ القاسم المشترك بين الفقراء والأغنياء هو عدم التفكير والاهتمام في قواعد السلامة وقوانين المرور.

إلى ذلك، كشفت السلطات الأمنية أخيراً عن الشروع في إجراءات تنظيمية وعقابية جديدة لقيادة الدراجات النارية. وقالت إنّها ستجهز نقاط مراقبة تابعة للدرك والشرطة مطالبة بتفتيش الدراجات النارية، وطلب رخصة القيادة، والوثائق الإدارية، فضلاً عن تحرير مخالفات مالية فورية لمن لا يضعون خوذات واقية.

دلالات