قضاة تونس بلا حماية

06 فبراير 2019
رفض المسّ بحرمة القضاء (Getty)
+ الخط -
دقّت نقابة القضاة التونسيين، ناقوس الخطر بشأن وضعية السلطة القضائية في البلاد، ودعت كافة الأطراف المعنية إلى التحرك من أجل حماية القطاع وأبنائه من التهديدات المختلفة التي تترصده، معربة عن أسفها إثر انعقاد جلستها العامة، مؤخراً، من تدهور وضع القضاة وظروف عملهم.

وأوضح رئيس النقابة إبراهيم بوصلاح لـ"العربي الجديد"، أن القطاع تعمقت أزمته، فعلاوة على الظروف السيئة التي يعمل في ظلها القضاة، على غرار اهتراء البنية التحتية واكتظاظ المحاكم ونقص الموارد البشرية، فإن هؤلاء أضحوا مهددين في حرمتهم وسلامتهم الجسدية. 

وكشف المتحدث، أنّ القضاة الذين يبتون في القضايا الإرهابية أضحوا في أعلى قائمة المستهدفين بالتصفية الجسدية، إذ بينت تحريات أمنية واعترافات لمتهمين بتخطيطهم لاغتيال قضاة من القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أو غيرهم من زملائهم الذين يباشرون هذا النوع من القضايا. ومن المفارقة، أن السلطات الأمنية لم تتول توفير حماية أمنية للمستهدفين، بحسب تعبيره.

ولا يقتصر الأمر على التهديدات الإرهابية، حسب المتحدث، بل شهدت المحاكم أيضا اعتداءات على قضاة يباشرون مهاهم من قبل متهمين في قضايا حق عام، ما كشف عن ضعف المنظومة الأمنية للمحاكم، إضافة إلى إهانة القضاة من قبل بعض المحامين الذين يتمتعون بحصانة الدفاع، دون أن يتمكن القاضي من اتخاذ إجراءات للدفاع عن نفسه، ولعل أبرز مثال على ذلك توجيه المحامي والناشط سيف الدين بن مخلوف، إهانات لفظية لوكيل الجمهورية بسيدي بوزيد، مخاطبا إياه "كان تعتبر روحك قاضي إيجا لتونس"، وذلك على خلفية ما يعرف بقضية  المدرسة القرآنية بالرقاب، وقراره عرض الأطفال على فحوصات طبية لإثبات التعدي عليهم جنسيا. 

ونددت النقابة أيضا بإغراق الدوائر المتخصصة بقضايا العدالة الانتقالية التي تخلو أغلب ملفاتها من الأدلة والإثباتات للانتهاكات أو تنسب إلى مجهولين، واعتبرت أنها تضع القضاة في مواجهة مع الضحايا والرأي العام فتصورهم كالمنخرطين في طمس الحقيقة. 

وفسر رئيس النقابة لـ"العربي الجديد"، أنّ جل الملفات المتعلقة بالانتهاكات في الحقبة السابقة التي أحيلت من طرف هيئة الحقيقة والكرامة على الدوائر المتخصصة كانت خالية من الأدلة أو منسوبة إلى جناة مجهولين، وهو ما جعل القضاة يغلقون الملفات ويحفظون القضايا، إذ إنّ اختصاص التحقيق في هذه الملفات يعود للهيئة، وولّد ذلك حالة من الاستياء في صفوف الضحايا الذين تم إقناعهم بأن القضاة تراخوا في البحث والتحقيق وأهدروا حقوقهم.


ودعا نقيب القضاة إبراهيم بوصلاح، إلى ضرورة التسريع بتدعيم المنظومة القانونية لحماية القضاة، عبر سن قانون أساسي جديد منظم للمهنة يكون ملائما للعصر وللتحديات الجديدة ليعوض القانون القديم الذي يعود لسيتينيات القرن الماضي.