يعيش عشرات آلاف السوريين في مخيم الركبان الحدودي، تحت وطأة موجة برد شديد لم تشهد المنطقة لها مثيلاً منذ سنوات، قابعين في خيام لا تردّ عنهم البرد ولا الرياح، في ظل عدم توفر وقود التدفئة، ما يهدد حياة كثير من الأطفال وكبار السنّ، في حين أعلنت هيئة العلاقات العامة المخيم منطقة منكوبة وناشدت تقديم المساعدة.
لا يملك النازح إلى المخيم الواقع في عمق بادية حمص على الحدود السورية الأردنية، عبد اللطيف التدمري، ما يمنح الدفء لأبنائه الأربعة ووالدته المسنّة في مواجهة موجة الصقيع، وكل ما لديه عدد قليل من الأغطية التي حصل عليها سابقاً ضمن المساعدات الإنسانية. في حين تتجمع عائلة التدمري متلاصقين في محاولة للحصول على الدفء، وسط دعواتهم المتواصلة أن لا تمطر السماء، فالخيمة لا تمنع دخول الماء، وعندها ستغرق الأغطية أيضاً.
وقال الناشط الإعلامي عمر الحمصي من المخيم لـ"العربي الجديد"، إن "البرد شديد، ولا يكاد يخرج أحد من خيمته، وقلة قليلة تستطيع شراء الحطب للتدفئة، إذ يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد نحو 90 ليرة سورية، والعائلة بحاجة يومياً إلى خمسة كيلوغرامات، في حين يندر أن يستطيع أحدهم شراء المازوت الذي يبلغ سعر اللتر منه 450 ليرة (نحو دولار أميركي)".
ولفت إلى أن "غالبية سكان المخيم ليس لديهم بديل سوى الأغطية، وأحياناً يتوفر لهم بعض القمامة للحرق. هذا البرد يهدد حياة الأطفال وكبار السنّ، وهناك خبر غير مؤكد أن طفلة بعمر الثلاث سنوات توفيت اليوم بسبب البرد".
وأوضح أن "كثيراً من العائلات لا تملك إلا الأغطية التي وزعت قبل عامين للتدفئة، لكن إن هطل المطر فسيفقدونها. لا يوجد في المخيم شوادر تحمي الخيام من المطر، ورغم أن نصف بيوت المخيم من الطين إلا أن أسقفها غير مضادّة للمطر، والأمطار الغزيرة قد تدمرها فوق رؤوس ساكنيها".
بدورها، أطلقت هيئة العلاقات العامّة في مخيم الركبان، نداء استغاثة إلى كل الدول الداعمة والمنظمات الإغاثية والحقوقية والبرلمان الأوروبي، والاتحاد الأوروبي ومفوضية حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة، وأعلنت مخيم الركبان منطقة منكوبة إنسانياً.
وقالت الهيئة في بيان وصل إلى "العربي الجديد" نسخة منه: "يعيش في المخيم نحو 60 ألف مدني، 80 في المئة منهم أطفال ونساء وكبار سنّ، ويعاني أهالي المخيم بسبب الحصار المطبق عليهم من نظام الأسد والمليشيات الموالية له أحوالاً معيشية وصحية سيئة، فلا غذاء ولا دواء، وإن كان هناك القليل الذي يهرّب إلى المخيم، فأسعاره باهظة، ولا يستطيع أهالي المخيم توفيرها، وخاصة أنه لا يوجد مصدر رزق".
وأضاف بيان الاستغاثة: "البرد الشديد قد يودي بحياة الأطفال وكبار السنّ، ولا توجد مصادر للتدفئة، ومادّة الديزل ممنوع دخولها من قبل قوات النظام إلى المخيم، وإن دخلت فسعر اللتر الواحد 2 دولار، وهذا المبلغ لا يستطيع أي شخص بالمخيم دفعه، فيقوم الأهالي باستخدام بقايا القمامة القابلة للاشتعال في التدفئة، ما يسبب الأمراض ويلوث الجوّ، والمنطقة التي يقع بها المخيم صحراوية شديدة الحرارة صيفاً، وشديدة البرودة شتاءً، وتكثر بها العواصف الرملية التي تضرب المخيم".