ويطلب كثيرون من الحكومة الفرنسية إصدار الوثيقة النهائية لتنظيم الإسلام الفرنسي بما يمنح المسلمين علاقة هادئة مع الدولة، ويخلصهم من التبعية لبلدان أخرى، في حين يرفع الجميع شعار مقاومة التطرف.
ونشر حكيم القروي سابقا نصوصا عن الإسلام في فرنسا، بينها تقريره المثير للجدل سنة 2016، والذي أعده لصالح معهد مونتان، والذي قربه من دوائر الحكم، فكان مستشارا لرئيس الحكومة اليميني الأسبق، جان بيير رافران، ويعتبر حاليا من الشخصيات التي ينصت إليها الرئيس الفرنسي ماكرون، وإن لم يُعيّنه في منصب حكومي.
وبين المقترحات إنشاء "الجمعية الإسلامية من أجل الإسلام الفرنسي"، والتي ترفع شعار "الحياد"، وتكون مهمتها "جمع ما يكفي من الأموال من أجل تمويل رواتب الأئمة وتكوينهم، وتشييد وإصلاح أماكن العبادة"، إضافة إلى "مكافحة الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية".
ويحمل القروي السلطات الفرنسية مسؤولية الوضع الحالي، لأنها سمحت للدول "المتنافسة" التي يتحدر منها المسلمون في فرنسا بـ"تصدير مشاكلها"، ولأنها حَرمَت "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من القدرة على الحركة"، ولأن صراع المصالح يُعيق المؤسسة التي انخرط كثير من أعضائها في ما يسميه "البينزنس الإسلامي" المرتبط بالطعام الحلال، وتنظيم الحج، وجمع الهبات، وهو ما يجعلها بمعزل عن قبول أي تنظيم.
ويتوجه القروي إلى الحكومة واليمين الفرنسي بالقول: "كثير من أموال (المسلمين) تدور، ومن الممكن تنظيم استخدامها". ويمنح التقرير الجمعية المقترحة لتكون بديلا عن الجمعيات الموجودة، "وظيفة تمرير مجمل الأموال التي ستُولِّدُها الممارسةُ الدينية، عدا الهبات المباشرة التي تتلقاها الجمعيات المحلية".
ويقترح التقرير فرض ضريبة على اللحم الحلال تصل إلى 30 سنتنيما على الكيلوغرام الواحد، بدل 8 سنتيمات حاليا، وهو ما يوفّر 60 مليون يورو من الآن إلى 2023. كما ينتقد الكلفة الباهظة للحج من فرنسا مقارنة مع الجار الألماني (ألف يورو زيادة)، ويقترح تنسيقا مع وكالات السفر ومع السلطات السعودية، ويقدر أن الحج سيدرّ 13 مليون يورو سنويا على الجمعية.
ويرى التقرير أن بإمكان الجمعية تلقّي هباتٍ مباشرة معفاة ضريبيا بمستوى 75 في المائة، وهو ما يمكن أن يوفّر ما بين 25 و30 مليون يورو. كما لا يقطع بشكل نهائي التمويل الخارجي، بل يسمح للجمعية بتلقيه شرط إعادة توزيعه كاملا.
ويقدر التقرير مجموع الموارد بأكثر من 100 مليون يورو سنويا، ويرى أنها تكفي لرواتب الأئمة التي تكلف سنويا 50 مليون يورو، كما يُجنّب اللجوء إلى الاستعانة بأئمة من الخارج، فضلا عن تخصيص 20 مليون يورو لتمويل تشييد وإصلاح المساجد، و20 مليونا أخرى للاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي، التي يكرر التقرير أن "التيارات الأصولية تهيمن عليها".
ويقترح القروي أسماء شخصيات لإدارة الجمعية الجديدة، وعلى رأسهم الشيخ طارق أوبرو، عميد مسجد بوردو، والذي استقال قبل أسابيع من جمعية "مسلمي فرنسا"، والإمام محمد بارجافيل، والإمام عز الدين قاسي، والطبيبَيْن صادق بلوصيف، وعبد الرحمن عزوزي، إضافة إلى الأكاديمي رشيد بنزين. مع التأكيد على "عدم استثناء شخصيات مقربة من اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا حتى تكون الجمعية منفتحة على الجميع..".
ولأنّ الشراكة مع الدولة الفرنسية ليست مجانية، يتعهد القروي أن يكون للجمعية "ميثاق سياسي واضح يلتزم الخط الجمهوري للدولة"، ويمر عبر "القبول الكامل بحرية العبادة، والحرية في تغيير الديانة، والحرية في عدم الاعتقاد، واحترام العلمانية، والمساواة بين الرجل والمرأة، والدفاع عن مكانة المسلمين في المُواطَنَة الفرنسية".
وينتهي التقرير بتحديد موقع الجمعية المقترحة، باعتبارها "المدافع عن مصالح المؤمنين التي تتيح انخراط الفرنسيين من أتباع الديانة الإسلامية في إدارة ديانتهم، وتوفير مصادر دائمة من أجل مكافحة الأصولية الدينية".