نجاح أرديرن، يعد أحدث نقطة إيجابية على قدرة القيادات النسائية على مواجهة الأزمات. إذ يبدو أنّ البلدان التي تقودها النساء نجحت بشكل خاص في مكافحة فيروس كورونا والقضاء عليه، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
ووفق تقرير: "لماذا تكون الدول التي تقودها النساء أفضل في إدارة فيروس كورونا؟"، فإنّ ألمانيا بقيادة أنجيلا ميركل أظهرت اختلافاً جذرياً في إدارة أزمة الوباء، خاصة أنّ معدل الوفيات كان أقل بكثير من بريطانيا أو فرنسا أو إيطاليا أوإسبانيا. كذلك فنلندا، كان معدل الوفيات لديها، تحت حكم رئيسة الوزراء سانا مارين، أقل 10 في المائة من معدّل الوفيات في دول مثل السويد مثلاً.
وفي جنوب آسيا، لا تختلف التجربة عن أوروبا، إذ قادت تساي إنغ – وين، رئيسة تايوان، واحدة من أنجح الجهود في العالم للقضاء على الفيروس، وذلك باستخدام الاختبارات وتتبّع الاتصال وإجراءات العزل، للسيطرة على العدوى من دون إغلاق وطني كامل.
تقود هذه التجارب، بحسب الصحيفة، إلى نتائج مفادها أنّ الظروف الاستثنائية أظهرت قدرات النساء القيادية، على عكس ما أظهره القادة الذكور في إدارة هذه الأزمة. ويقول الخبراء إنّ نجاح المرأة يقدّم دروساً قيّمة من شأنها مساعدة البلدان الأخرى على تجاوز الأزمة، ليس فقط في الوقت الحالي، بل أيضاً في المستقبل.
القيادة الألمانية
قامت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل في ألمانيا بموازنة مجموعة متنوعة من مصادر البيانات والنماذج الوبائية، لتحديد كيفية مكافحة فيروس كورونا، ونجحت إلى حدّ ما في السيطرة على الوباء. كما اعتمدت أيضاً على مجموعة متنوّعة من مصادر المعلومات المختلفة في تطوير سياسات الفيروسات التاجية، بما في ذلك النماذج الوبائية، منها البيانات من مقدّمي الخدمات الطبية والأدلّة من برنامج كوريا الجنوبية، ونتيجة لذلك، حققت البلاد معدّل وفيات أقل بكثير من دول أوروبا الغربية الأخرى.
وعلى النقيض من ذلك، فإنّ حكومتي السويد وبريطانيا بقيادة الذكور، وكلاهما سجّلا حصيلة عالية من الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا، قد اعتمدتا في المقام الأول على النماذج الوبائية المقدّمة من قبل مستشاريهم فقط، مع الاعتماد قليلاً على آراء الخبراء الطبيين الخارجيين.
التجاذبات السياسية
بالإضافة إلى عامل الاستعانة بالبيانات الخارجية، ودوره في نجاح قيادات النساء، فإنّ النظام السياسي المتبّع في بعض الدول، ساهم في انتشار الوباء، ولم تتمكّن النساء اللواتي يحتفظن بمناصب قيادية من التغيير. فقد قامت روث كارليتز، عالمة سياسية في جامعة تولين الأميركية، بتحليل سجلّات الحكّام في الولايات المتحدة، ووجدت أنّ النساء لم يكنّ أسرع لفرض عمليات الإغلاق لمحاربة كورونا في المقاطعات التي يسيطرن عليها، كما وجدت أنّ الحكّام الجمهوريين في الولايات المتحدة، ذكوراً وإناثاً، استغرقوا وقتاً أطول لفرض أوامر البقاء في المنزل مقارنة بالديمقراطيين. وهو ما يشير إلى أنّ الأنظمة السياسية في بعض الدول تطغى على التدقيق العلمي.
تغيير الصورة النمطية
لم تعد الصورة النمطية في إبراز القوة لإدارة الأزمات ناجحة في الوقت الحالي، وهو ما أظهرته التجارب بين الولايات المتحدة ونيوزيلاندا. ففي الولايات المتحدة، ظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من دون كمّامة على وجهه، ما أثار الجدل عن عدم التزامه بالإجراءات الطبية. لكن ديفيد ماركوس، الصحافي المحافظ، اعتبر في مقال لموقع The Federal أنّ ترامب كان "يستعرض القوة الأميركية". وكتب أنّه إذا ارتدى الكمّامة، فإنّ ذلك "سيشير إلى أنّ الولايات المتحدة عاجزة تماماً أمام هذا العدو غير المرئي، الذي نشأ في الصين. حتى إنّه يجب على رئيسها أن يختفي خلف كمّامة". وهذه الصورة النمطية، نجحت إلى حدّ ما في زيادة قيادته الشعبية، لكنها فشلت في القضاء أو حتى السيطرة على الوباء، بحسب الصحيفة. وعلى النقيض من ذلك، فإنّ رئيسة وزراء نيوزيلاندا خاطبت شعبها من خلال جلسة مباشرة عبر Facebook Live، أجرتها على هاتفها، بعد وضع طفلها الصغير في السرير، وعبّرت خلالها عن تعاطفها مع مخاوف المواطنين، وقدّمت اعتذارات لأيّ شخص انزعج من تنبيه الطوارئ الذي أعلن أمر الإغلاق في 25 مارس/آذار.
تقول أليس إيفانز، عالمة الاجتماع في كلية كينجز كوليدج في لندن، التي تدرس كيف تكتسب النساء السلطة في الحياة العامة: "لو ظهرت النساء بصفات تبرز قوتهنّ الشخصية وعجرفتهنّ، فسيتمّ اعتبارهن غير أنثويات، وبالتالي رفض قراراتهنّ، ولذا اعتمدت رئيسة وزراء نيوزيلاندا على خطاب العواطف للتأثير على جمهورها، ونجحت في ذلك إلى حد كبير".
"قد يصبح هذا النمط من القيادة أكثر شيوعاً، مع تصاعد عواقب تغيّر المناخ والكوارث الطبيعية الأخرى" تقول إيفانز. وتضيف: "ما تعلّمناه مع الفيروس، هو أنّه يمكن أن يكون هناك نوع مختلف من القيادة، مفيد للغاية، يقوم على أساس مقاربة المخاطر ويستخدم الذكاء العاطفي، والتجارب العلمية الناجحة".