سلام جمهوري في مستشفيات مصر

17 يوليو 2018
الأجدر الاهتمام بفوضى المستشفيات (محمد الراعي/ فرانس برس)
+ الخط -
رفضت عشرات من المستشفيات في مصر تطبيق قرار وزيرة الصحة والسكان، الدكتورة هالة زايد، بإذاعة السلام الجمهوري يومياً داخل المستشفيات، فيما أكد عدد من الأطباء أنّ قرار الوزيرة التي أقسمت اليمين الدستوري أخيراً لتولي الحقيبة، مثير للجدل، مؤكدين أنّه كان من الأجدر بها المرور في المستشفيات التي تعاني حالة من الفوضى والإهمال، لتهتم بمشاكل المرضى والأزمات اليومية.

وكانت زايد قد أصدرت قراراً وزارياً "مثيراً للضحك والسخرية"، بحسب كثيرين، جرى تعميمه على جميع مستشفيات الجمهورية، ينص على إذاعة السلام الجمهوري، ويعقبه قَسَم الأطباء يومياً، وذلك عن طريق الإذاعة الداخلية في المستشفى، موضحة أنّ هذا القرار يعزّز من قيم الانتماء إلى الوطن لجميع المستمعين في المستشفيات سواء للمريض أو الطواقم الطبية، وطالبت بمتابعة القرار عن طريق مفتشي الوزارة ومديرياتها المنتشرة في المحافظات.

من جهته، أكد مسؤول في وزارة الصحة أنّ القرار جاء بتنسيق كامل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، موضحاً أنّه شبيه بقرار وزير الأوقاف محمد مختار جمعة الذي أمر بتوحيد خطب الجمعة في المحافظات. وأشار إلى أنّ القرار أثار حالة من اللغط داخل الوزارة، في الوقت الذي رفضت فيه عشرات المستشفيات القرار بحجج مختلفة، من بينها أنّ المستشفيات ليست لديها إذاعات داخلية، ومنها ما تؤكد عدم وصول أيّ قرارات من الوزارة في هذا الشأن، وهو ما سوف يؤدي إلى فشل القرار، خصوصاً في المدن والقرى لقلة إمكانياتها.




بدورهم، يشتكي مصريون من سوء الخدمات الصحية في البلاد منذ سنوات طويلة، في الوقت الذي قررت فيه الحكومة تخفيض ميزانية وزارة الصحة خلال العام المالي الجديد 2018/ 2019، وهو ما سوف يؤدي إلى انهيار الخدمات في المستشفيات الحكومية المصرية. للوهلة الأولى، لدى دخولك إلى المستشفيات في مصر، تجد المرضى في كلّ مكان؛ سواء على الكراسي أو يفترشون الأرض انتظاراً لتوقيع الكشف عليهم. الخدمة الطبية والصحية في مصر شهدت تدهوراً كبيراً، حتى أنّ مقولة إنّ المواطنين يأتون إلى المستشفيات الحكومية للعلاج مجاناً، غير حقيقية، فالمريض يضطر إلى شراء مستلزمات يحتاجها الطبيب لا تتوافر في المستشفيات، مثل الحقن وأكياس الدم، والخدمة المجانية الحقيقية الوحيدة في المستشفى هي الكشف الذي يجريه الطبيب، والذي يكون في معظم الأحيان سريعاً، هدفه التخلص من الأعداد التي تكتظ بها ممرات المستشفيات.

أثار قرار زايد حالة من الجدال بين الأطباء، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أكد أستاذ المسالك البولية بجامعة عين شمس، الدكتور عادل حسين، أنّ القرار يؤكد أن مستشفيات مصر بخير، وهذا عكس الحقيقة، إذ إنّ المستشفيات مليئة بالمشاكل، كما أنّها ضعيفة الإمكانات، والأجدر بالوزيرة أن تجول على المستشفيات لترى ما يحدث على أرض الواقع من مهازل، فهناك مرضى يلقون على الطرقات خارج المستشفيات، كما تغيب التجهيزات، فضلاً عن تدنّي الخدمات الطبية.

يتابع أنّ الأهالي يصرخون، ولا أحد يستمع إلى صراخهم أو حتى يشعر بهم، في الوقت الذي تعاني فيه مئات المستشفيات من نقص الاختصاصات الطبية المختلفة، ما يضطر المصاب أو أهل المريض إلى السفر إلى محافظات أخرى، وهناك حالات كثيرة تدهورت وأدت إلى الوفاة بسبب عامل الوقت، بالإضافة إلى الإهمال في استقبال الحالات الطارئة الذي يؤدي إلى شجارات بين ذوي المرضى والأطباء.

يضيف حسين أنّ قرار وزيرة الصحة يعدّ استفزازياً للمرضى قبل الأطباء، وهو أمر يدخل في نوع من الاستعراض ومحاولة كسب ود النظام، خصوصاً أنّ هناك أصواتاً من داخل الوزارة ترفض تولّي زايد الحقيبة كونها ضعيفة، وليست لها دراية بالعمل السياسي، ويتهمونها بأنّ هناك من يحرّكها من داخل الوزارة ومن خارجها.

يرفض أستاذ الباطنة بجامعة الأزهر، الدكتور حسين عبد الله، القرار. يشير إلى أن لا دولة في العالم تفعل مثل ذلك، مما لا أساس له، بدلاً من مواجهة تلال من المشاكل داخل المستشفى. يتساءل: "ما المكسب الذي سيعود على المواطن من السلام الجمهوري؟ السلام الجمهوري موجود في المدارس لتعليم النشء الانتماء. هل المطلوب من الطبيب بعد السلام أن يقسم كاشفاً عن عدد مرضاه اليوم، وعدد الأسرّة، والعمليات، والإمكانيات المتاحة داخل المستشفى؟". يعتبر أنّ نقص الرعاية الصحية الحكومية في مصر، يعتبر واحداً من أهم التحديات التي يجب أن تواجهها وزارة الصحة حالياً، إذ تحولت أغلب المستشفيات إلى "مصائد للموت" تحصد أرواح المرضى، ومن يفلت منها "يصاب بعاهة مستديمة" أو يدخل في غيبوبة تنتهي بالوفاة.




يعلق عضو مجلس النواب (البرلمان)، إلهامي عجينة، على قرار وزيرة الصحة: "هذا أول قرار فاشل للوزيرة... هذه مزايدة". يقول إنّ تأكيد مفهوم الانتماء لا يكون في ساحات علاج الأمراض، لكن في المدارس ومعسكرات الشباب والرياضة ومباريات كرة القدم الجماهيرية. يتابع: "لو قررت عزف موسيقى هادئة في المستشفيات لإدخال البهجة إلى قلوب المرضى لقلنا آمين". يؤكد عجينة أنّ السلام الوطني له احترامه وقدسيته، وعند عزفه يجب أن يقف الجميع، مشيراً إلى أنّ قرار الوزيرة يعني توقف العمل في المستشفيات لدقائق، ونحن لسنا في حاجة إلى ذلك. يضيف: "إذا لم تعدل عن قرارها سأتقدم بطلب إحاطة لإلغائه".