غضب في الدنمارك من تنامي جرائم العصابات

06 اغسطس 2017
مطالب بإجراءات صارمة لمواجهة العصابات (العربي الجديد)
+ الخط -
تسود الدنمارك، منذ مساء أمس الجمعة، حالة من الغضب، شعبياً ورسمياً، بسبب تكرار اعتدءات وعمليات طعن. فقد شهدت العاصمة كوبنهاغن إطلاق نار في مكانين مختلفين، مساء الجمعة، وأصيب جراء ذلك مارّ في السابعة عشرة، "دون أن تكون له علاقة بأي من العصابات عندما قام راكبا دراجة نارية وبشكل جنوني بإطلاق عدد من الطلقات عشوائياً"، بحسب بيان صدر عن الشرطة.

ولم تمض سوى ساعات حتى أصيب شاب عشريني، فجر اليوم السبت، وبعدها بنصف ساعة جرى تسجيل حادثة أخرى عند الواحدة إلا ربع فجراً.

وتأتي حوادث إطلاق النار ضمن سلسلة من العمليات المشابهة، إضافة لعمليات طعن، شهدتها شوارع كوبنهاغن ومدينة آرهوس، غرب وسط البلاد، والتي عزتها الشرطة إلى "حرب عصابات". ووجهت شرطة الدنمارك ليلاً ما يشبه صرخة غضب في بيان بعنوان: "أوقفوا هذا الجنون".

بيان الشرطة يحمل لغة مختلفة تعبر عن غضب كبير، إذ جاء فيه "من الواضح أننا أمام أعمال جبانة وجنونية بإطلاق نار على المارة عشوائياً".

ووجهت الشرطة نداء للمواطنين للاتصال برقم طوارئ "للإبلاغ عن معلومات حول مطلقي النار".

وعقدت الشرطة، قبل ظهر اليوم السبت، مؤتمراً صحافياً حول تزايد أحداث إطلاق النار، إذ ارتفعت إلى 18 حادثة خلال فترة بسيطة، حذرت فيه المارة "من مخاطر كبيرة تستهدف فئة الشباب بين 17 و25 سنة من المارة، خصوصاً في المناطق التي تنشط فيها العصابات".




ويجري إطلاق النار وعمليات طعن في مناطق محددة في كوبنهاغن، يعرف عنها انتشار عصابات تتنازع في ما بينها على مناطق نفوذ، وتخشى السلطات الدنماركية أن يكون الاستهداف العشوائي للشباب مرتبطاً "بظنون لدى العصابات أن هؤلاء الشبان المارين في المنطقة أعضاء في عصابات منافسة، بينما هم شبان عاديون لا علاقة لهم بما يجري".

تخشى السلطات من تزايد العصابات (العربي الجديد)


 وتأتي منطقة "نوربرو"، وخصوصاً في منطقة تدعى "مليو باركن" (شهدت سابقاً صدامات أسفرت عن جرح ومقتل شبان)، في صدارة ضواحي كوبنهاغن الأكثر تأثراً، ويقطنها دنماركيون من أصل مهاجر. لكن الأمر يتعدى هذه المرة ضاحية نوربرو إلى مناطق أخرى في هوسوم، وغيرها من الضواحي في شمال غرب العاصمة، حيث يقطن مهاجرون بأعداد كبيرة. ورغم أن الشرطة كثفت تواجدها، وأقامت نقاط تفتيش في عدد من المناطق، وأوقفت 17 شخصاً إلا أن استمرار العمليات يثير غضباً واسعاً بين الدنماركيين.

إطلاق نار وأعمال عنف (العربي الجديد) 


تقييم الشرطة الدنماركية لتزايد إطلاق النار إلى 18 حادثة منذ 12 يونيو/حزيران، حتى مساء أمس، أن "عصابات صغيرة تتنافس مع عصابة معروفة تسمى "الولاء للعائلة" (loyal to familias) في مناطق انتشارها".

ويسود قلق عند السلطات "من أن تصبح حال كوبنهاغن شبيهة بمالمو في جنوب السويد". وتشهد عادة مالمو، وغوتيبروغ، إطلاق نار بشكل مستمر، ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص منذ بداية العام الحالي.

وترى الشرطة الدنماركية أن "الأحداث الأخيرة، بغض النظر عن المكان الذي يصوب عليه مطلق النار، تصنف محاولات قتل، وبالتالي يواجه مرتكبوها ذات التهمة، فهم يطلقون النار ليصيبوا الناس".

وخاطبت الشرطة السويدية مواطنيها قائلة: "علينا أن لا نقبل هيمنة هؤلاء الأغبياء على حياتنا اليومية، نريد من المواطنين أن يستمروا بالاتصال بنا وإبلاغنا عن تحركات تلك العصابات".

شهدت كوبنهاغن أكثر من 14 حالة طعن وإطلاق نار (العربي الجديد)



وشهدت كوبنهاغن لوحدها أكثر من 14 حالة طعن وإطلاق نار، فقط منذ 12 يوليو/تموز الماضي وحتى فجر السبت، وهو أمر يعده باحثون "تطوراً مقلقاً في ما يخص أعمال العنف الصادرة عن عصابات شبابية تستهدف المواطنين بشكل عشوائي".

مطالب بإنزال الجيش

من ناحية ثانية، بدأت ردود الأفعال الغاضبة من انتشار العنف وإطلاق النار تعكس نفسها بدعوات من اتجاهات برلمانية مختلفة لانتهاج سياسة صارمة.

فقد ذهب عضو البرلمان ومقرر الشؤون العدلية عن حزب المحافظين، ناصر خضر، إلى مطالبة الحكومة "بنشر الجيش في الأماكن التي تستدعي ذلك". وبدا خضر غاضباً في حديثه للتلفزيون الدنماركي، اليوم السبت، من "إمعان عصابات في إطلاق النار"، مطالباً أن "تكون الشرطة حاضرة أكثر كما فعلت في مدينة آرهوس".


من جهتها، عبرت زعيمة المعارضة، ميتا فردريكسن، من الاجتماعي الديمقراطي، مساء السبت، عن امتعاضها من هذه الأفعال "التي يذهب ضحيتها أناس أبرياء ليسوا سوى عابرين في الشوارع". وأضاف فردريكسن للقناة التلفزيونية الدنماركية "دي ار": "إننا جميعاً مضطرون للقول صراحة إنه لا يجب أن تمنح العصابات فرصة لتحدد حياتنا في الدنمارك، فقد شهدت كوبنهاغن 18 حادث إطلاق نار على صلة بالعصابات، منذ يونيو/حزيران الماضي".

وحمل مساء السبت تزايد التأييد لدعوة خضر بمساعدة الشرطة. فقد تداعت الأحزاب السياسية من مختلف الاتجاهات "بإنزال القوات المسلحة لمعاونة رجال الشرطة في مهامهم لمحاربة العصابات المسلحة"، حيث ترك الاجتماعي الديمقراطي، أكبر الأحزاب، الباب مفتوحاً للموافقة على نشر "عسكريين".

كما طرح يسار الوسط، مساء اليوم، مبادرة من 5 نقاط تصب باتجاه التصدي للعصابات.

وتُجمع الأحزاب على الحاجة إلى نشر المزيد من رجال الشرطة في الشوارع "وإقامة محطات شرطية متنقلة في مناطق مختارة، وتحسين القدرة على رصد الاتصالات بين أفراد العصابات".

ويعتبر مقترح "حماية الشهود والسماح بتلقي معلومات سرية ومن مجهولين" من أهم الإجراءات الكفيلة بمواجهة تلك العصابات، وفق أحزاب وأعضاء البرلمان، بالنظر إلى أن العصابات عادة ما تستهدف كل من يشهد ضدها، بل يصل إلى تهديدات بالقتل، كما حدث أخيراً مع شاب من أصل عربي علق على "فيسبوك": "علينا أن نرفض العنف والعصابات".

من جانب آخر، يسود القلق عند منظمات وأشخاص من تأثير انتشار العصابات على صورة أبناء المهاجرين و"انعكاسات سلبية كثيرة على قضايا الاندماج، ومحاولة هذه العصابات التصرف وكأنها فوق القانون، وجر المراهقين إلى صفوفها، وتهديد آخرين يرفضون أفعالها، مضر جداً بسمعتنا جميعاً"، بحسب ما صرح به لـ"العربي الجديد" المستشار في الدمج في بضاحية فريدريسبيرغ بكوبنهاغن، محمد عبد المجيد.

المساهمون