تونسيون ينتظرون جبر الضرر

14 مايو 2017
احتجاجات مستمرة (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -
ما زالت مسألة التعويضات للمنتفعين بالعفو التشريعي العام، محلّ جدال في تونس، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من هؤلاء لم يحصلوا على ما حصل عليه آخرون من تعويضات ماليّة. وينقسم الرأي العام بين من يرى أحقيّة لهؤلاء بتعويضات والاندماج في العمل نتيجة ما تعرّضوا إليه من تعذيب وسجن وحرمان في زمن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، على عكس آخرين.

منذ عام 2011، يطالب عدد كبير من المتمتّعين بالعفو بضرورة تفعيل المرسوم عدد 1 لعام 2011، وتمكينهم من حقوقهم وحصولهم على التعويضات التي وُعدوا بها من جرّاء ما تعرّضوا إليه من تعذيب واضطهاد في زمن بن علي. في عام 2012، أصدر رئيس الحكومة آنذاك محمد جبالي قراراً بتقنين أحكام الانتداب الاستثنائي، فيما أصدرت حكومة علي العريض في عام 2013 قراراً بالنظر في مطالب التعويضات ذات الطابع الاستعجالي، ما مكّن 3 آلاف و646 منتفعاً بالعفو العام من الحصول على تعويضات بقيمة 3 آلاف دولار للفرد. لكنّ إسقاط حكومة الترويكا أدّى إلى تجميد الإجراءات، ولم يحصل أكثر من 350 شخصاً من المنتفعين بالعفو العام على تعويضات رغم موافقة اللجنة على مطالبهم. أمر دفعهم إلى تنظيم احتجاجات على مدى السنوات الثلاث الأخيرة أمام البرلمان وقصر الحكومة، للمطالبة بالحصول على التعويضات التي وعدوا بها، وتفعيل المرسوم الذي أقرّ بجبر الضرر.

كان إسماعيل كتاري قد حصل على مبلغ 3 آلاف دولار في عام 2011 من وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقاليّة، وانتدب للعمل في المندوبيّة الجهويّة لوزارة المرأة قبل أربع سنوات. يقول لـ "العربي الجديد" إنّه "ما زال ينتظر تسوية مساره المهني والترقية". أما هيكل المناعي، وهو سجين سياسي سابق عن حزب العمال الشيوعي، فيقول لـ "العربي الجديد" إنه ما زال ينتظر الحصول على تعويضات، ويطالب بتفعيل قرار انتدابه في الوظيفة العمومية وجبر الضرر. لكنّ رغم التحرّكات المستمرّة، لم يتيغر أيّ شيء منذ أكثر من ثلاث سنوات.

من جهته، يقول المنسّق العام لاعتصام باردو (يهدف إلى تفعيل العفو التشريعي العام)، محمد الجميعي، لـ "العربي الجديد"، إنّ المنتفعين بالعفو التشريعي العام يستغربون تأخّر إنشاء صندوق الكرامة لصالح ضحايا الانتهاكات، بهدف جبر الضرر وتمكينهم من مستحقّاتهم الماليّة. يضيف أنه من بين 65 ألف ملف، حسمت هيئة الحقيقة والكرامة 21 ألف ملف.



رئاسة الحكومة بيّنت أن الانتدابات المباشرة في الوظيفة العمومية شملت 5850 شخصاً، وأن كلفة التعويضات غير المباشرة المقدّمة من الدولة لهذه الفئة بلغت 60 مليون دولار، فيما لم تكن التعويضات المباشرة عن طريق الدولة، بل عن طريق هبة قطرية قدّرت بـ 15 مليون دولار.

في المقابل، تشير الحكومة إلى أنّ العدد الإجمالي للمنتفعين يقدّر بنحو عشرة آلاف شخص، يقسّمون بين منتفعين بالانتداب المباشر في الوظيفة العموميّة، وإعادة تكوين المسار المهني، وتعويضات قدّمت في عام 2011 ضمن وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقاليّة التي أحدثت لهذا الملف آنذاك.

وردّاً على المطالبة بتعويضات ماليّة مباشرة، تؤكّد أنّ الدولة لم تقدّم تعويضات ماليّة مباشرة للضحايا، بل رصدت مبلغ 60 مليون دولار في كلّ من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، تحت مسمّى إعادة تكوين المسار المهني للمنتفعين بالعفو.

ومنح نحو 2300 شخص من المنتفعين بالعفو آلية إعادة تكوين المسار المهني. كذلك، انتفع 461 شخصاً بالآلية نفسها من المنخرطين في صندوق الضمان الاجتماعي. وأكدت الحكومة أنّ التعويضات المباشرة ستصرف في إطار هيئة الحقيقة والكرامة في صندوق حساب تمويل جبر ضحايا الاستبداد لكن بعد استكمال القضايا.

من جهته، يشير رئيس اللجنة الوطنية للدفاع عن المنتفعين بالعفو التشريعي العام، عبد الحميد الطرودي، لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ الحكومة تتلكّأ في ملفّ المنتفعين بالعفو التشريعي العام لصرف بقيّة مبالغ جبر الضرر، وتفعيل صندوق الكرامة. لكنّ الهيئة أكّدت أن ملف العفو التشريعي العام، وما يترتّب عنه من إجراءات لفائدة الضحايا، تنظّمه تشريعات خاصة، وهو من صلاحيّات رئاسة الحكومة، ولا دخل للهيئة في تطبيق مرسوم العفو التشريعي العام.
وفي ما يتعلّق بـ "صندوق الكرامة وردّ الاعتبار لضحايا الاستبداد"، تبيّن الهيئة أن الفصل 41 من القانون الأساسي المتعلّق بإحداث صندوق الكرامة، ينص أنّ وسائل تنظيم الصندوق وتسييره وتمويله تضبط بأمر من رئاسة الحكومة، وهو ما زال مشروعاً قيد الدرس والتفاوض مع رئاسة الحكومة.