مواهبُ العراقيّين تنتظرُ الحكومة الجديدة

08 نوفمبر 2014
البرلمان سيتجاوز أخطاء قتلت أحلام الشباب (فرانس برس)
+ الخط -
لا شيء في عراق ما بعد الاحتلال، يجري كما تشتهي السفن. معاناة بلاد الرافدين كثيرة. العناوين كثيرة، منها الانفلات الأمني والمشاكل الاقتصادية والتنموية والخدماتية. يبحث الكثير من أصحاب المواهب عمّن يحتضنهم ويساعدهم على تنمية مواهبهم، بخاصة أن المركز الوحيد لدعم هؤلاء أُغلق بعد الاحتلال الأميركي وتحوّل إلى مركز دراسات تابع لجامعة بغداد، إلا أنه أُغلق عام 2006 بسبب سياسة التقشف الحكومي.

مواهبُ العراقيين كثيرة ومتنوعة. تخرجُ أفكارهم من رحم المساكن العشوائية وبيوت الطين. وسجلت وزارة التخطيط العراقية أخيراً 76 بحثاً علمياً لشباب في الجامعات والمعاهد والثانويات العامة، من بينها 34 بحثاً نتج منه اختراع صنّف من الدرجة الأولى. ويقول المدير العام لوزارة التخطيط محمد سالم لـ"العربي الجديد": "تصلنا سنوياً ابتكارات مذهلة، تولد من معاناة الشباب. تتمحور حول الكهرباء والمياه الصالحة للشرب وأبحاث زراعية وإنتاج مواد كيميائية. وكان آخرها جهاز لكشف المتفجرات من خلال استخدام مواد محلية رخيصة تغني العراق عن استيراد الأجهزة من الخارج. وبعد التجربة، كان الجهاز قادراً على كشف 88 في المائة من الأجسام والمواد المتفجرة".

يضيف سالم "ثمّة قصور في هذا المجال. فالبرلمان لا يخصص المال لدعم هذه المواهب، فيما لا نملك أية صلاحية تمكننا من تبنيها أو صرف الأموال، إلا بالحد الأدنى الذي لا يخرجها إلى النور". ويبيّن أن "الحكومة السابقة كانت تقتل الإبداع العلمي. ففي الوقت الذي تُنفق المليارات على حفلات ومراسم دينية، لم تكن تلتفت إلى هذه المجالات"، آملاً وضع "خطة جديدة لاستيعاب الطاقات الشبابية ورعاية ابتكاراتهم".

ويلجأ هؤلاء الشباب إلى الإنترنت للحصول على المعلومات اللازمة، ومواكبة آخر الابتكارات حول العالم والعمل على تطويرها. صالح محمد هو أحد هؤلاء. صمّم مولّداً كهربائياً للمنازل يعمل بالماء بدلاً من البنزين. هو ابتكار قديم للعالم الأميركي ستاينلي ماير، إلا أن محمد عمل على تطويره.

يقول لـ"العربي الجديد" إن "الحكومات الدينية قتلت مواهب مئات العراقيين"، مضيفاً "حلمت بإيجاد طريقة لتوليد غاز الهيدروجين، أنقى أنواع الوقود. فصنعت خلية لتوليد الغاز من الماء، ليكون وقوداً بديلاً عن النفط ومشتقاته". ويشير إلى أن "هذه الطريقة تمكنني من تشغيل مولد المنزل الصغير من خلال استخدام ليتر ماء لكل ساعة".
يعمل الشباب على تطوير ابتكاراتهم في منازلهم بجهدهم وتمويلهم الخاص. ويتجهون بغالبيتهم نحو ابتكارات الطاقة البديلة للتقليل من استهلاك الوقود أو الطاقة الشمسية أو استغلال النفايات المنزلية في توليد الطاقة.
صنع حسان عامر (23 عاماً) مفاعلاً صغيراً لتخمير النفايات المنزلية، والحصول على غاز الميثان الذي يمكن استخدامه في الطبخ أو تشغيل مولدات الكهرباء الصغيرة. يقول: "في ظل أزمة الكهرباء التي نعيشها وارتفاع أسعار الوقود الخيالية، فكرت في إيجاد طريقة بديلة لتوليد الطاقة. وتمكنت من توليد غاز الميثان من النفايات المنزلية. وأعمل حالياً على تطوير هذه الطريقة لإنتاج الغاز بشكل أسرع وتعبئته في قنان صغيرة، لاستخدامها في السيارات أو الدراجات النارية، بالإضافة إلى المولدات المنزلية الصغيرة".

في السياق، يقول رئيس لجنة التعليم في البرلمان هادي القيسي لـ "العربي الجديد" إن "البرلمان الحالي سيتجاوز الأخطاء السابقة التي قتلت أحلام الشباب وغيّبت العقل العراقي". يضيف "سنلزم الحكومة بتخصيص ما لا يقل عن خمسة مليارات دينار سنوياً لمثل تلك الأبحاث. كذلك سنوافق على مشاريع توأمة جامعات عراقية مع أخرى غربية وعربية في واشنطن ولندن وبراغ وروما وبيروت ودبي وأنقره وطهران". ويلفت إلى أن "أكثر ما أحزننا هو ترويج شاب عراقي لمدة عام لاختراعه، وهو جهاز تنقية أوكسجين متنقل يمكن استخدامه في أي مكان. وبعدما يئس، سافر إلى إحدى الدول الآسيوية التي ساعدته على تطويره".
وكانت وزارة التعليم العراقية قد منحت شهادة الدكتوراه لطالبة أعدت بحثاً حول كيفية تخزين السجاد والمفروشات في المراقد الدينية المقدسة في النجف وكربلاء، ما أثار امتعاض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

إلى ىذلك، يقول عمار حامد (27 عاماً) إنه "قدّم بحثاً لجامعة بغداد حول طريقة الاستفادة من مياه الأمطار وتحويلها إلى منخفضات صناعية لمعالجة مشكلة ملوحة التربة وتصحر المناطق الزراعية. لكنها رفضته فيما تم قبوله في جامعة القاهرة".
المساهمون