فرت نحو 80 عائلة من قصف طائرات النظام السوري على مدينة معرة النعمان وريفها، ليجدوا مأوى لهم في مبنى كان سابقا "سجن إدلب المركزي"، والذي افترشوا زنازينه لأنها أفضل من الخيام التي لا تقيهم برد الشتاء ولا حرارة الصيف.
وتحول السجن المركزي إلى مركز إيواء، توزعت العائلات النازحة على 30 غرفة فيه؛ تضم كل منها ثلاث عائلات، وقالت فاطمة الأحمد النازحة من معرة النعمان، لـ"العربي الجديد"، إنها غادرت منطقتها التي لم تفارقها طوال حياتها بعد أن تحول منزلها إلى أطلال، "خرجنا من منزلنا مكرهين بعدما حولت الطائرات قريتنا إلى ركام. لم يعد بوسعنا البقاء، فإما أن نخرج أو تحولنا القذائف إلى أجساد يدفنها الركام".
وأشارت الأحمد إلى أنها لا تملك من المال ما يكفي لاستئجار منزل يؤويها وعائلتها، ما اضطرها إلى المكوث في إحدى زنازين السجن، "السجن له سقف وجدران، ففضلناه على التوجه إلى المخيمات".
وقالت أم خالد لـ"العربي الجديد"، إنها وصلت إلى السجن القديم في إدلب قبل شهرين بعدما قتل قصف طائرات النظام زوجها، وأنها قررت النزوح إلى مدينة إدلب، للحفاظ على أرواح أطفالها. "رغم صعوبة تدبر الأمور هنا، إلا أنه أفضل من الخيام، لكن ما تقدمه المنظمات من مساعدات لا يسمن ولا يغني من جوع. وصلت مع أطفالي الأربعة إلى هنا لا نحمل من متاعنا إلا القليل، تاركين خلفنا كل مصادر رزقنا".
ويتمنى النازح حسام معراوي أن يحصل على زنزانة تقيه وعائلته برد الشتاء، وهذه ليست المرة الأولى التي يحضر فيها إلى السجن للسؤال عن إمكانية ذلك، لكن المكان يضيق بساكنيه. وقال لـ"العربي الجديد": "ليست المرة الأولى التي نهجّر فيها؛ فقد نزحت من مضايا إلى حلب، ثم إلى معرشمشة، واليوم نحن في مدينة إدلب، وأبحث عن مكان يمكنني اللجوء إليه".
وأوضح النازح حسام أبو أحمد أن السجن يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. "الزنازين التي كانت تستخدم للتعذيب حولتها العائلات إلى مرافق صحية، وهناك تخوف من انتشار الأمراض لأنها أماكن غير مؤهلة للسكن".
وقال المشرف على مراكز الإيواء في مدينة إدلب، عبد القادر أبو أحمد، إنهم حولوا جميع الأبنية الرسمية إلى مراكز إيواء بسبب موجة النزوح الأخيرة، مشيراً إلى أن "أكثر من 80 عائلة تقيم في السجن حاليا، ونحن أمام كارثة إنسانية بعد أن اكتظت كل الأماكن بالنازحين، حتى أننا اضطرنا إلى تحويل ملعب كرة قدم إلى مركز إيواء تملؤه الخيام، واستجابة المنظمات لا تتناسب مع عدد العائلات النازحة، ولا تستطيع تأمين احتياجات النازحين الأساسية حتى اليوم".