في السابع من فبراير/ شباط الجاري، تجري بلدية باريس مسحاً شاملاً للمشرّدين فيها. وأزمة مشرّدي العاصمة تتفاقم مع توافد المهاجرين إليها وبقاء كثيرين من هؤلاء في الشوارع أو في مخيّمات عشوائية
في فصل الشتاء الذي يترافق مع برد قارس في مناطق فرنسية كثيرة، تعود قضيّة المشرّدين وكذلك آهلي المساكن التي تفتقر إلى التدفئة، إلى الواجهة، لا سيّما في العاصمة باريس. وفي خلال الأعوام الأخيرة، تفاقمت تلك المشكلة مع انتشار المهاجرين طالبي اللجوء في العراء كذلك، خصوصاً في باريس وفي شمال فرنسا المحاذي للمملكة المتحدة.
وفي كلّ عام، تحاول الدولة وكذلك جمعيات ومنظمات غير حكومية عدّة التصدّي لذلك، علماً أنّ الأمر يؤدّي إلى وفاة أكثر من 500 شخص سنوياً. في الأسابيع الأولى لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، وفّرت الحكومة 1400 سرير طارئ لباريس وضواحيها، أضافت إليها لاحقاً نحو 14 ألف سرير آخر. وعلى الرغم من أنّ عمليات الإسكان الطارئة هي من اختصاص الدولة، فإنّ بلدية باريس قرّرت استقبال ما بين 50 و100 امرأة في أيام البرد القارس.
والمشرّدون الذين نراهم في الشوارع ليسوا إلا بعضاً من كثيرين تائهين يقيم عدد منهم في نزل بائسة، بينما يتكدّس آخرون في مساكن عشوائية ضيقة جداً لا تتوفّر فيها تهوية ولا تدفئة، إلى جانب تجمّعات في مدن الصفيح. وعلى مقربة من محطتَي مترو "غار دو نور" (محطة الشمال) و"غار دو ليست" (محطة الشرق)، ينتشر مشرّدون كثر، من بينهم عرب.
عبد الفتاح لزرق مهاجر جزائري وصل إلى فرنسا قبل أربعة أعوام ولم يحصل بعد على إقامة، يقول لـ"العربي الجديد": "لديّ أقارب لكنّهم تعبوا من إيوائي. هنا في الشارع، أتسوّل بينما تساعدني أحياناً جمعيات خيرية. وأنام كذلك في الشارع، ومن وقت إلى آخر يُعرَض عليّ إيواء في مراكز جماعية تشهد عنفاً في بعض الأحيان. كثر هم المشرّدون الذين يلجأون إلى احتساء النبيذ وتعاطي المخدرات". من جهتها، رشيدة مهاجرة مغربية قضت أربعة أشهر في الشارع قبل أن تشغّلها جمعية في مركز طبيّ حيث تقيم اليوم. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "زوج أختي خيّرني ما بين الزواج بأحد أصدقائه أو الشارع. فاخترت الشارع. أنا لم أطلّق زوجي في المغرب كي أتزوج شخصاً لا أعرفه". وتقرّ: "نمت في العراء على مدى ليالٍ طويلة، وتعاطيت مخدرات وتناولت النبيذ حتى لا أموت من البرد".
انتقادات الجمعيات
تنتقد جمعيات عدّة، منها جمعية "إيمايوس" التي أسسّها رجل الدين المسيحي الراحل الأب بيار عندما أطلق نداءه الشهير في الأول من فبراير/ شباط من عام 1954 حتى لا يبقى شخص واحد في العراء في فرنسا، منحَ سرير للمشرّدين على مدى ثلاثة أشهر فقط. بالنسبة إليها، هذا ليس حلاً، فالموت يتربّص بالمشرّدين في الصيف كذلك وفي كلّ حين.
وكانت الحكومة في عام 2017 قد أطلقت نداء لاختيار 20 منطقة لتنفيذ استراتيجية "السكن أولاً"، لكنّ باريس لم تشارك في ذلك بينما شاركت مدن كبرى من قبيل ليون وليل وبوردو وتولوز وستراسبورغ. وتلك الاستراتيجية تجد في السكن طويل الأمد ضرورة وحلاً لمشكلات المواطن. وترى الجمعيات المعنيّة بإيواء المشرّدين أنّ إيجاد سكن طويل الأمد لهم أقلّ تكلفة للدولة من بقائهم في الشارع. فالمشرّد يكلّف في المتوسط 20 ألف يورو سنوياً، ويشمل ذلك تدخّل رجال المطافئ وكذلك الشرطة بالإضافة إلى فاتورة المستشفيات والإسكان الطارئ وغيرها، في حين أنّ الشخص نفسه إذا ما استقرّ في مسكن دائم ومناسب لن يكلّف إلا تسعة آلاف يورو سنوياً.
إسكان المشرّدين من مسؤولية الدولة في المقام الأول، غير أنّ ثمّة جمعيات تحاول تقديم ما تستطيع في هذا المجال. وفي حال لم تتمكّن من توفير أماكن إيواء، فإنّها تعمد إلى سداد بدل السكن في نزل خاصة. وفي هذا المجال، تتميّز جمعية الإغاثة الإسلامية التي يؤكد أحد القائمين عليها عبد الواحد الريفي لـ"العربي الجديد" بأنّها "تضع في تصرّف هؤلاء المشرّدين مركز استقبال نهارياً مزوّداً بتلفزيون وغسالة وحمامات وطعام، بالإضافة إلى تغطية إنترنت". يضيف أنّ "الإيواء الليلي متوفّر للنساء، من الساعة السابعة مساء إلى الثامنة والنصف صباحاً. ولعلّ الأهمّ هو مساعدة هؤلاء للحصول على سكن دائم".
اقــرأ أيضاً
عملية إحصاء
للمرّة الثانية، تجري بلدية باريس إحصاءً للمشرّدين في كل أحياء العاصمة، في السابع من فبراير/ شباط الجاري من الساعة الثامنة مساءً حتّى الساعة الواحدة من بعد منتصف ليل الثامن منه، تحت عنوان "يوم التضامن". وينفّذ هذه المهمّة 1500 متطوّع يتوزّعون في 400 مجموعة تضمّ مهنيين إلى جانب هؤلاء. وسوف يعمد هؤلاء المتطوّعون ومن معهم من موظفي البلدية إلى تفقّد الأماكن العامة وقاعات الانتظار في أقسام الطوارئ في المستشفيات ومحطات القطارات والمترو وأقبية البنايات ومرائب السيارات. يُذكر أنّ لجنة علمية خاصة بتنظيم المدينة سوف تحلّل المعطيات الجديدة، وكانت أرقام قد نشرت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي قد أشارت إلى ثلاثة آلاف و35 مشرّداً، نصفهم يعيش في الشارع منذ عام على أقلّ تقدير.
وتتميّز باريس دون سواها من المدن الفرنسية بهذا الإحصاء الذي تشرف عليه للسنة الثانية على التوالي عمدة المدينة آن هيدالغو. ويأتي شبيهاً لما يُعمل به في عواصم ومدن عالمية كثيرة، من بينها بروكسيل وأثينا ونيويورك. وهذا العام، يبدو أنّ مدناً فرنسية أخرى تتّجه إلى ذلك، مثل رين (غرب) وغرونوبل (جنوب شرق).
عبد الرزاق الأحمدي مهاجر مغربي متقاعد قرّر المشاركة في هذا الإحصاء الذي تشرف عليه بلدية باريس، يشرح لـ"العربي الجديد" مهمّته، ويقول: "أرى أنّه من واجبي المدني والإنساني أن أشارك في ذلك. وأنا أعرف بعض مناطق العاصمة مثلما أعرف جيبي، بالتالي فأنا على علم بالأماكن التي يتجمّع بها هؤلاء الذين تقطّعت بهم السبل. وهذا جزء من ردّ الجميل لمدينة باريس التي منحتني الكثير منذ وصولي إليها في سبعينيات القرن الماضي".
في سياق متصل، تعتني المهاجرة المغربية سعيدة هادين بعدد من المشرّدين المقيمين في الحديقة البلدية، غير بعيد من بيتها. تقول لـ"العربي الجديد": "أقتسم ما أطبخه مع هؤلاء المساكين"، بينما تعطي أحدهم بين حين وآخر بعض المال. وتتحدّث بحزن عنه هو الذي كان "مهندساً في أحد الأيام، لكنّ إفلاس الشركة حيث كان يعمل ثمّ طلاقه من زوجته دفعاه إلى الشارع، وهو عاجز عن الخروج منه". وتشير إلى أنّه "يرفض مراكز الإيواء المؤقتة، لأنّه يتوجّب عليه فيها التخلّي عن كلبه، وهو ما يرفضه بشّدة".
اقــرأ أيضاً
مهاجرون في الشوارع
إلى جانب المشرّدين، تشهد باريس طول العام تدفّق أفواج من المهاجرين طالبي اللجوء الذين يستقرون عشوائياً في شمال شرق العاصمة، تحديداً في الدائرة الثامنة عشرة والدائرة التاسعة عشرة، حيث ينصبون خيمهم المتواضعة والصغيرة. وفي كلّ مرّة تنفّذ السلطات عمليات إخلاء من أجل توزيع هؤلاء على مراكز إيواء وتوجيه بهدف دراسة أوضاعهم ومنح اللجوء لبعضهم وترحيل الآخرين إلى البلدان الأوروبية الأولى التي وصلوا إليها في هجرتهم، فإنّ وفوداً جديدة من المهاجرين تبلغ المدينة.
في بيان وجّهته 14 جمعية إغاثية وطبية وإنسانية، من بينها جمعية الإغاثة المسيحية وأطباء العالم ورابطة حقوق الإنسان، إلى رئيس الجمهورية بعنوان "الدولة تعرّض المهاجرين إلى الخطر"، ونشرته في صحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، ذكّرت الرئيس إيمانويل ماكرون بالوعد الذي قطعه على نفسه في 28 يوليو/ تموز من عام 2017، وهو "ألا يبقى في نهاية العام رجل ولا امرأة في الشارع ولا في الغابات، أو أشخاص تائهون". يُذكر أنّه بعد أكثر من عام ونصف العام من التعهّد، ما زالت الأمور على حالها، وبحسب البيان نفسه "ما زال آلاف الأشخاص من نساء ورجال وأطفال في الشوارع وعلى أرصفة المدن". وشدّدت تلك الجمعيات على أنّه "من مسؤوليات رئيس الجمهورية (...) وعمدة باريس إيجاد سكن سريع لهؤلاء الأشخاص في الشارع واحترام حقوقهم"، لافتة إلى أنّه "لا يجب ترك المجتمع المدني والجمعيات والتجمّعات والمواطنين يَحُلّون محلّ مصالحكم". بالنسبة إليها فإنّ الأمر "ضرورة" ويتعلّق بـ"التماسك الاجتماعي".
وفي كلّ عام، تحاول الدولة وكذلك جمعيات ومنظمات غير حكومية عدّة التصدّي لذلك، علماً أنّ الأمر يؤدّي إلى وفاة أكثر من 500 شخص سنوياً. في الأسابيع الأولى لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، وفّرت الحكومة 1400 سرير طارئ لباريس وضواحيها، أضافت إليها لاحقاً نحو 14 ألف سرير آخر. وعلى الرغم من أنّ عمليات الإسكان الطارئة هي من اختصاص الدولة، فإنّ بلدية باريس قرّرت استقبال ما بين 50 و100 امرأة في أيام البرد القارس.
والمشرّدون الذين نراهم في الشوارع ليسوا إلا بعضاً من كثيرين تائهين يقيم عدد منهم في نزل بائسة، بينما يتكدّس آخرون في مساكن عشوائية ضيقة جداً لا تتوفّر فيها تهوية ولا تدفئة، إلى جانب تجمّعات في مدن الصفيح. وعلى مقربة من محطتَي مترو "غار دو نور" (محطة الشمال) و"غار دو ليست" (محطة الشرق)، ينتشر مشرّدون كثر، من بينهم عرب.
عبد الفتاح لزرق مهاجر جزائري وصل إلى فرنسا قبل أربعة أعوام ولم يحصل بعد على إقامة، يقول لـ"العربي الجديد": "لديّ أقارب لكنّهم تعبوا من إيوائي. هنا في الشارع، أتسوّل بينما تساعدني أحياناً جمعيات خيرية. وأنام كذلك في الشارع، ومن وقت إلى آخر يُعرَض عليّ إيواء في مراكز جماعية تشهد عنفاً في بعض الأحيان. كثر هم المشرّدون الذين يلجأون إلى احتساء النبيذ وتعاطي المخدرات". من جهتها، رشيدة مهاجرة مغربية قضت أربعة أشهر في الشارع قبل أن تشغّلها جمعية في مركز طبيّ حيث تقيم اليوم. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "زوج أختي خيّرني ما بين الزواج بأحد أصدقائه أو الشارع. فاخترت الشارع. أنا لم أطلّق زوجي في المغرب كي أتزوج شخصاً لا أعرفه". وتقرّ: "نمت في العراء على مدى ليالٍ طويلة، وتعاطيت مخدرات وتناولت النبيذ حتى لا أموت من البرد".
انتقادات الجمعيات
تنتقد جمعيات عدّة، منها جمعية "إيمايوس" التي أسسّها رجل الدين المسيحي الراحل الأب بيار عندما أطلق نداءه الشهير في الأول من فبراير/ شباط من عام 1954 حتى لا يبقى شخص واحد في العراء في فرنسا، منحَ سرير للمشرّدين على مدى ثلاثة أشهر فقط. بالنسبة إليها، هذا ليس حلاً، فالموت يتربّص بالمشرّدين في الصيف كذلك وفي كلّ حين.
وكانت الحكومة في عام 2017 قد أطلقت نداء لاختيار 20 منطقة لتنفيذ استراتيجية "السكن أولاً"، لكنّ باريس لم تشارك في ذلك بينما شاركت مدن كبرى من قبيل ليون وليل وبوردو وتولوز وستراسبورغ. وتلك الاستراتيجية تجد في السكن طويل الأمد ضرورة وحلاً لمشكلات المواطن. وترى الجمعيات المعنيّة بإيواء المشرّدين أنّ إيجاد سكن طويل الأمد لهم أقلّ تكلفة للدولة من بقائهم في الشارع. فالمشرّد يكلّف في المتوسط 20 ألف يورو سنوياً، ويشمل ذلك تدخّل رجال المطافئ وكذلك الشرطة بالإضافة إلى فاتورة المستشفيات والإسكان الطارئ وغيرها، في حين أنّ الشخص نفسه إذا ما استقرّ في مسكن دائم ومناسب لن يكلّف إلا تسعة آلاف يورو سنوياً.
إسكان المشرّدين من مسؤولية الدولة في المقام الأول، غير أنّ ثمّة جمعيات تحاول تقديم ما تستطيع في هذا المجال. وفي حال لم تتمكّن من توفير أماكن إيواء، فإنّها تعمد إلى سداد بدل السكن في نزل خاصة. وفي هذا المجال، تتميّز جمعية الإغاثة الإسلامية التي يؤكد أحد القائمين عليها عبد الواحد الريفي لـ"العربي الجديد" بأنّها "تضع في تصرّف هؤلاء المشرّدين مركز استقبال نهارياً مزوّداً بتلفزيون وغسالة وحمامات وطعام، بالإضافة إلى تغطية إنترنت". يضيف أنّ "الإيواء الليلي متوفّر للنساء، من الساعة السابعة مساء إلى الثامنة والنصف صباحاً. ولعلّ الأهمّ هو مساعدة هؤلاء للحصول على سكن دائم".
عملية إحصاء
للمرّة الثانية، تجري بلدية باريس إحصاءً للمشرّدين في كل أحياء العاصمة، في السابع من فبراير/ شباط الجاري من الساعة الثامنة مساءً حتّى الساعة الواحدة من بعد منتصف ليل الثامن منه، تحت عنوان "يوم التضامن". وينفّذ هذه المهمّة 1500 متطوّع يتوزّعون في 400 مجموعة تضمّ مهنيين إلى جانب هؤلاء. وسوف يعمد هؤلاء المتطوّعون ومن معهم من موظفي البلدية إلى تفقّد الأماكن العامة وقاعات الانتظار في أقسام الطوارئ في المستشفيات ومحطات القطارات والمترو وأقبية البنايات ومرائب السيارات. يُذكر أنّ لجنة علمية خاصة بتنظيم المدينة سوف تحلّل المعطيات الجديدة، وكانت أرقام قد نشرت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي قد أشارت إلى ثلاثة آلاف و35 مشرّداً، نصفهم يعيش في الشارع منذ عام على أقلّ تقدير.
وتتميّز باريس دون سواها من المدن الفرنسية بهذا الإحصاء الذي تشرف عليه للسنة الثانية على التوالي عمدة المدينة آن هيدالغو. ويأتي شبيهاً لما يُعمل به في عواصم ومدن عالمية كثيرة، من بينها بروكسيل وأثينا ونيويورك. وهذا العام، يبدو أنّ مدناً فرنسية أخرى تتّجه إلى ذلك، مثل رين (غرب) وغرونوبل (جنوب شرق).
عبد الرزاق الأحمدي مهاجر مغربي متقاعد قرّر المشاركة في هذا الإحصاء الذي تشرف عليه بلدية باريس، يشرح لـ"العربي الجديد" مهمّته، ويقول: "أرى أنّه من واجبي المدني والإنساني أن أشارك في ذلك. وأنا أعرف بعض مناطق العاصمة مثلما أعرف جيبي، بالتالي فأنا على علم بالأماكن التي يتجمّع بها هؤلاء الذين تقطّعت بهم السبل. وهذا جزء من ردّ الجميل لمدينة باريس التي منحتني الكثير منذ وصولي إليها في سبعينيات القرن الماضي".
في سياق متصل، تعتني المهاجرة المغربية سعيدة هادين بعدد من المشرّدين المقيمين في الحديقة البلدية، غير بعيد من بيتها. تقول لـ"العربي الجديد": "أقتسم ما أطبخه مع هؤلاء المساكين"، بينما تعطي أحدهم بين حين وآخر بعض المال. وتتحدّث بحزن عنه هو الذي كان "مهندساً في أحد الأيام، لكنّ إفلاس الشركة حيث كان يعمل ثمّ طلاقه من زوجته دفعاه إلى الشارع، وهو عاجز عن الخروج منه". وتشير إلى أنّه "يرفض مراكز الإيواء المؤقتة، لأنّه يتوجّب عليه فيها التخلّي عن كلبه، وهو ما يرفضه بشّدة".
مهاجرون في الشوارع
إلى جانب المشرّدين، تشهد باريس طول العام تدفّق أفواج من المهاجرين طالبي اللجوء الذين يستقرون عشوائياً في شمال شرق العاصمة، تحديداً في الدائرة الثامنة عشرة والدائرة التاسعة عشرة، حيث ينصبون خيمهم المتواضعة والصغيرة. وفي كلّ مرّة تنفّذ السلطات عمليات إخلاء من أجل توزيع هؤلاء على مراكز إيواء وتوجيه بهدف دراسة أوضاعهم ومنح اللجوء لبعضهم وترحيل الآخرين إلى البلدان الأوروبية الأولى التي وصلوا إليها في هجرتهم، فإنّ وفوداً جديدة من المهاجرين تبلغ المدينة.
في بيان وجّهته 14 جمعية إغاثية وطبية وإنسانية، من بينها جمعية الإغاثة المسيحية وأطباء العالم ورابطة حقوق الإنسان، إلى رئيس الجمهورية بعنوان "الدولة تعرّض المهاجرين إلى الخطر"، ونشرته في صحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، ذكّرت الرئيس إيمانويل ماكرون بالوعد الذي قطعه على نفسه في 28 يوليو/ تموز من عام 2017، وهو "ألا يبقى في نهاية العام رجل ولا امرأة في الشارع ولا في الغابات، أو أشخاص تائهون". يُذكر أنّه بعد أكثر من عام ونصف العام من التعهّد، ما زالت الأمور على حالها، وبحسب البيان نفسه "ما زال آلاف الأشخاص من نساء ورجال وأطفال في الشوارع وعلى أرصفة المدن". وشدّدت تلك الجمعيات على أنّه "من مسؤوليات رئيس الجمهورية (...) وعمدة باريس إيجاد سكن سريع لهؤلاء الأشخاص في الشارع واحترام حقوقهم"، لافتة إلى أنّه "لا يجب ترك المجتمع المدني والجمعيات والتجمّعات والمواطنين يَحُلّون محلّ مصالحكم". بالنسبة إليها فإنّ الأمر "ضرورة" ويتعلّق بـ"التماسك الاجتماعي".