الصراع القبلي في دارفور.. الجميع خاسرون

30 مارس 2014
دارفور.. صراع قديم متجدد
+ الخط -

تعيش دارفور صراعا داميا منذ سنوات راح ضحيته الآلاف وتشرد بسببه عشرات الآلاف، وترجع عوامل الصراع القبلي بالأساس إلى صراع حول الموارد الطبيعية كانت بداياته في 1983 بين الرعاة والفلاحين كنتيجة مباشرة للجفاف والتصحر الذي ضرب منطقة الساحل الأفريقي أواخر الستينيات.

تعد ولاية دارفور التي تقع غرب السودان من أكبر مناطق البلاد مساحة، وتعد ثاني أكبر ولاية سودانية من ناحية التعداد السكاني، ويضم الإقليم بداخلة قرابة المائة قبيلة وبطن، تنقسم إلى "عرب" و"زرقة"، وأهم قبائل الزرقة "الفور" و"المساليت" و"الزغاوة" و"البرقد" و"التاما" و"القمر"، بينما أهم قبائل العرب "الرزيقات" و"التعايشة" و"السلامات" و"المسيرية" و"الهبانية" و"الفلاتة".

وتعد قبيلة الفور من أقدم القبائل التي سكنت الإقليم، وتتمركز في المناطق الخصبة في مناطق جبل مرة والهضاب المجاورة لها وتمتهن حرفة الزراعة، وحكمت سلطنة الفور المنطقة منذ عام 950 وحتى 1916 وهو العام الذي ضمت فيه لحدود السودان إبان الحكم التركي.

ويتميز أبناء قبيلة "الفور" بالقامة المتوسطة ويميل لونهم الى السمرة الداكنة ولديهم لهجاتهم الخاصة "لغة الفور" وتعاقب على عرش سلطنتهم ما يزيد عن الثلاثين سلطانا ودانت لهم تاريخيا كافة قبائل المنطقة لأن لديهم القوة.

وتعتبر القبائل العربية قبائل رعوية غير مستقرة تتحرك موسميا للبحث عن الكلأ والماء وصولا للحدود السودانية الليبية، ويؤرخ للصراعات القبلية بقيام السلطنة الثانية في العام 1905، والتي استمرت حتى أيام الحكم التركي وعهد المهدية وإلى يومنا هذا وأخذت أشكالا عدة منها ما يتعلق بالغارات التي يشنها الفرسان فيما بينهم كسبا للمال إضافة إلى الاقتتال حول المراعي.

وتطورت عوامل الصراعات القبلية عبر اتهامات متبادلة بين القبائل العربية وقبائل الزرقة، حيث يتهم كل منهما الآخر بالسعي للاستيلاء على المنطقة وابعاد الأخر منها.

تهديدات

وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين قال إن الاحتراب بين القبائل في إقليم دارفور يعتبر المهدد الأكبر للأمن بالمنطقة ويشكل عقبة أساسية أمام تحقيق الاستقرار بالإقليم، معتبرا أن حسم التمرد بإقليم دارفور بالأمر السهل مقارنة بالاحتراب القبلي الذي تشهده دارفور والذي خلف عشرات الضحايا.

وفي حديث له بمجلس الوزراء قال وزير الدفاع: "إن العقبة الأساسية تجاه بسط الأمن في دارفور تكمن في الصراعات بين القبائل والتي تمثل مهددا أكبر مقارنة بالحركات المتمردة"، وأكد أن أمام الحكومة تحدياً صريحاً في إعادة اللحمة بين القبائل الدرافورية، وشدد على الحاجة الماسة لتطوير الأجهزة النظامية ونشرها بأعداد أكبر لاحتواء الصراع وبسط هيبة الدولة في دارفور.

خلفيات الصراع

ويقول المحلل السياسي والخبير بملف دارفور الطيب زين العابدين إن أحد الأسباب الرئيسية لانتشار النزاع القبلي المسلح في دارفور بجانب الجذور التاريخية للمشكلة منذ الحرب القبلية مع تشاد وليبيا، محاولات الرئيس الليبي السابق معمر القذافي تجنيد بعض القبائل، ما أدى إلى قيام الحكومة في الخرطوم بتجنيد القبائل العربية في دارفور لتضرب عبرها حركات التمرد التي اندلعت بالإقليم عام 2003.

وأشار زين العابدين إلى أن التجنيد تم على أسس مادية بحته بأن تركت الحكومة لتلك القبائل الاستيلاء على الغنائم التي يحوزون عليها خلال الحرب بجانب احتلال الأراضي التي يطردون منها عناصر التمرد، وبالتالي أصبح العمل العسكري يشكل عائدا ماديا بالنسبة لها.

وقال إن "الوضع قاد لأول مرة قبائل الزرقة التي قادت التمرد في بداياته لتكوين مليشيات للدفاع عن نفسها من هجمات القبائل العربية ولجأت إلى التسلح بأسلحة ثقيلة تحولت لصراع فيما بينها لتوفير الحاجة عبر سرقة الأبقار والصراع على مناطق التنقيب عن الذهب" مشيرا إلى أن الوضع الأمني بات خارج سيطرة الحكومة بعد خروج تلك الميليشيات القبلية عن سيطرتها، مطالبا بجمع السلاح من أيدي القبائل وتقوية الجيش القومي واحلال السلام.

كارثة إنسانية

وأكد منسق الشؤون الانسانية والتنموية لبرنامج الامم المتحدة بالسودان علي الزعتري أن الوضع في دارفور على أعتاب كارثة إنسانية بسبب الانتشار المريع للسلاح والأسلحة الفتاكة في أيدي الميليشيات والقبائل الدارفورية، واستسهال عمليات القتل.

وقال لـ"العربي الجديد" إن الأزمة الانسانية في دارفور تصل الأن حد الواقع الكارثي بسبب الاقتتال بين الحكومة والحركات المسلحة والقبائل نفسها بجانب ظاهرة المتمردين، وإن عدد النازحين خلال الربع الأول من العام الجاري بلغ 220 ألف نازح الأمر الذي يعد مقلقا لما ستسفر عنه الأوضاع خلال الفترة المقبلة خاصة وأن الوضع في دارفور ما إن يهدأ أسبوعا حتى ينفجر من جديد.

وأوضح إبراهيم عبد الله رئيس هيئة شورى القبائل العربية أن هناك جملة عوامل قادت لانتشار الحروب القبلية وتحولها لصراع بين القبائل ذات الاثنية الواحدة على رأسها انتشار تعاطي المخدرات والتنقيب الأهلي وإصرار كل قبيلة على الاستئثار بالأراضي، والوضع الاقتصادي المتردي.

وأرجع عدم صمود عمليات الصلح القبلية التي تتم، إلى قيامها على أساس سياسي حكومي وليس أهلي، مؤكدا أن معظم الصراعات القبلية التي وقعت ساهمت الحكومة في تسليحها.