الكويت تعدّل مناهجها التعليمية

13 أكتوبر 2016
سيدرسون في كتب مختلفة عمّن سبقهم (العربي الجديد)
+ الخط -
تعديل المناهج في الكويت يطالب به نواب منذ سنوات. لكنّ مطالبهم ازدادت بعد تفجير مسجد الصادق العام الماضي

يتصاعد الجدل هذه الفترة في البرلمان الكويتي حول إعلان وزارة التربية الانتهاء من تعديل مناهج التربية الإسلامية للصفين الثاني والسادس الأساسي، وقرب البدء في تنقيح وتعديل مناهج الصفوف الأخرى. كذلك، أعلنت الوزارة أنّ التنقيح والتعديل لن يكون مقتصراً على مناهج التربية الإسلامية بل يمتد إلى مناهج اللغة العربية أيضاً.

وقال الموجه الفني العام لمادة التربية الإسلامية في وزارة التربية، جاسم المسباح، إنّ الوزارة انتهت أخيراً من تعديل بعض المناهج الخاصة بالتربية الإسلامية لبعض المراحل الدراسية، وستتبعها بالمزيد من التعديلات في السنوات المقبلة. أضاف: "التعديلات التي حدثت إنّما هي تعديلات دورية وضرورية، ولم يكن هناك في المناهج السابقة ما يدعو إلى التطرف والإرهاب، لكننا أضفنا إليها ما يزيد من محاربة التطرف والتحذير منه وبيان الرحمة والتسامح، بالإضافة إلى اتباع توجيهات البنك الدولي في ما يخص طريقة التوجيه والتدريس".

وكان برلمانيون كويتيون طالبوا طوال سنوات بتعديل المناهج. لكنّ تفجير مسجد الصادق في منتصف عام 2015 أدى إلى زيادة وتيرة وزخم هذه المطالبات.

عن ذلك، يقول النائب فيصل الدويسان، لـ"العربي الجديد"، إنّ تعديل المناهج المتطرفة أصبح أمراً ضرورياً وحتمياً في ظل ما تواجهه البلاد من أخطار المتربصين بها وعلى رأسها الجماعات التكفيرية والمنظمات الإقصائية. يتابع: "يجب أن يُراعى في التعديل تعزيز الجانب الوطني وتغليبه على أي جانب وأي انتماء آخر".

لكنّ النائب ورئيس اللجنة التعليمية في البرلمان حمود الحمدان، يقول لـ"العربي الجديد": "الحديث عن وجود دلائل عنف وتطرف في المناهج هو مجرد كلام انتخابي وتنظير في الهواء، إذ كنت مدرّساً قبل أن أصبح برلمانياً ولم أجد في هذه المناهج، كما لم يجد غيري ما يدلّ على التطرف والتحريض والإقصاء ضد الآخرين".

يضيف: "من كتب هذه المناهج هم مجموعة من المدرسين والأساتذة الكبار الذين عاشوا تجارب الحياة الفكرية والاجتماعية والثقافية في الكويت، فهل نقبل التشكيك في أفكارهم ووطنيتهم؟ التعديلات التي تحدث اليوم إنما هي تعديلات في الأسلوب لا في المضمون، لأنّ المضمون لم يكن فيه شيء سيئ أصلاً ليُعدَّل".

وكان القضاء الكويتي دعا في فحوى حكمه على المتهمين بتفجير مسجد الصادق إلى تعديل المناهج العلمية وتقويمها بما يتوافق مع محاربة الإرهاب والتطرف في البلاد، وبث روح المحبة والوحدة فيها.

من جهته، يقول فهد راجح، وهو مدرس تربية إسلامية في مدرسة ثانوية في الكويت، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مناهج التربية الإسلامية لا تشوبها أيّ شائبة تكفيرية أو متطرفة، فالمناهج هي نفسها موجودة في الكويت حتى قبل دخول موجة التديّن في أواسط الثمانينات كما يدّعي المراقبون السياسيون، بل على العكس فإنّ المتطرفين يرون مناهج التربية الإسلامية مناهج كافرة ولا تجوز دراستها ولا تداولها بين الناس".


يقول الكاتب السياسي سعود المسكة، لـ"العربي الجديد": "المناهج تعتبر مشكلة بالنسبة إلينا في الكويت، فهي تقصي طوائف عديدة من المجتمع الكويتي، كما تحرّض على العنف وسفك الدماء. وقد تسببت هذه المناهج في إحراجات كبيرة لنا على المدى الطويل مع أوروبا والولايات المتحدة".

يضيف: "حتى بعد تعديل المناهج لا يوجد ضمان حقيقي من ناحية المدرسين المتطرفين، إذ تنبغي مراقبتهم ورصد تجاوزاتهم وشروحاتهم التي تكون خارج المنهج. بل إنّ بعضهم يعقد دروساً للتلاميذ خارج المدرسة كي يمرر أفكاره الخاصة".

لكن، بالرغم من الجدل المتصاعد حول وجوب تغيير أو عدم تغيير هذه المناهج، فإنّ الكويت من أقل الدول تضرراً بالإرهاب وتصديراً للإرهابيين في المنطقة. ولم تحدث فيها أيّ عمليات إرهابية ما عدا عملية واحدة استهدفت مسجد الإمام الصادق في العاصمة، وتبيّن أنّ منفذيها كانوا إما من خارج الكويت أو من فئة البدون المحرومين من أوراق ثبوتية دائمة.

يقول الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت خليل خالد، لـ"العربي الجديد": "اطلعت على المناهج الدراسية المخصصة للتربية الإسلامية الجديدة منها والقديمة ولم أجد ما يدعو إلى التطرف والعنف أو حتى إقصاء الآخر. أغلب الدروس كانت تتحدث عن الأخلاق والإحسان والصدقة والعفو، لكنّ ردة الفعل التي أعقبت تفجير مسجد الصادق ربما كانت السبب وراء الدعوة إلى تغيير المناهج".

يضيف: "مفجرو المسجد ومخططو العملية لم يدرسوا مناهج وزارة التربية أصلاً، فأغلبهم كانوا من الطبقات الاجتماعية الفقيرة التي منعتهم من دخول المدارس بسبب انتمائهم إلى البدون. التطرف والجنوح إلى العنف ليست مشكلة منهج دراسي بقدر ما هي مشكلة سوء توزيع اقتصادي وظلم اجتماعي. ومن غير المقبول أن تلقى اللائمة على المناهج. ومن غير المقبول أيضاً أن تكون قراراتنا ناتجة عن ردات فعل غير مدروسة كما حدث مع إقرار قانون البصمة الوراثية بعد التفجير مباشرة، وهو الذي ينتهك خصوصيات الأفراد".

المساهمون