مدرّسو فلسطين... إضراب مفتوح

23 فبراير 2016
"كرامتي" (مصطفى هريش)
+ الخط -

سُجّل أمس، الثلاثاء، تضييق أمني وإجراءات عديدة للأمن الفلسطيني بهدف منع آلاف المدرّسين من الوصول إلى مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، والاعتصام أمام مقر مجلس الوزراء الفلسطيني. على الرغم من ذلك تمكّن نحو ثمانية آلاف مدرّس من الوصول إلى رام الله، والاعتصام في ميدان قريب من مجلس الوزراء، مؤكدين على مواصلة إضرابهم المفتوح حتى تحقيق مطالبهم.

منذ ساعات الصباح، نصب الأمن الفلسطيني عدداً من الحواجز عند مداخل المدن الفلسطينية، لمنع الحافلات من نقل المدرّسين إلى رام الله، وقد صادر البطاقات الشخصية لبعض هؤلاء. كذلك، نصبت حواجز عدة على الطريق المؤدي إلى مقر مجلس الوزراء في رام الله، ومُنع المدرّسون من الوصول إلى مقر مجلس الوزراء الفلسطيني.

على هامش الاعتصام الاحتجاجي، يقول المدرّس سعد عواد، منسق منطقة جنوب نابلس الذي اختير من ضمن تنسيقيات في المحافظات الفلسطينية، إن "المدرّسين اعتصموا الثلاثاء الماضي أمام مجلس الوزراء، لكن أحداً لم يتواصل معهم منذ ذلك الحين. واليوم (أمس) على الرغم من محاولة منعنا من الوصول إلى مجلس الوزراء، إلا أننا تمكنا من الاحتشاد والتأكيد على مطالبنا". ويؤكدّ عواد، لـ "العربي الجديد"، أن "الإضراب مستمر ما دام ثمّة استهتار وإنكار لحقّ المدرّسين، خصوصاً لمطالبهم العادلة، وذلك حتى تلبية مطالبهم كافة". ورفض عواد تسييس الإضراب، مشدداً على حقوق المدرّسين المطلبية فقط. ويشير عواد إلى "ضرورة قبول استقالة الاتحاد العام للمعلمين ورئيسه، التي قدّمت أمام اللجنة المركزية لحركة فتح (أول من أمس)"، وإلى أن "المدرّسين مع أية مبادرة تؤدي إلى استقالة أعضائه ورئيسه حتى يهدأ جمهور المدرّسين".

خلال الاعتصام، قال رئيس نقابة الموظفين العموميين السابق، بسام زكارنة، إن "الحكومة الفلسطينية حظرت عمل النقابة في تعدٍّ على القانون الأساسي. نحن نحترم القانون، لكن إذا مُسّ المدرّسون فسوف نبدأ في الأسبوع المقبل خطوات تضامنية معهم".

اقرأ أيضاً: أعيرة مطاطية.. الاحتلال يقتلع أعين مقدسيين

من جهتها، جددت الحكومة الفلسطينية في بيان عقب جلستها الأسبوعية أمس، التأكيد على التزامها بتنفيذ ما اتفق عليه مع اتحاد المعلمين، بدفع نسبة 2.5% كاملة كعلاوة طبيعة العمل المتبقية عن الشهر الماضي والجاري، من ضمن راتب هذا الشهر، بالإضافة إلى صرف الديون المترتبة على هذه العلاوة حتى نهاية العام الجاري. كذلك، وعدت بفتح التدرج للفئة الثانية لدرجة دي1 ودي2، وإلغاء الترقية على أول مربوط الدرجة، حتى يحتفظ المدرّس بكل سنوات خدمته في الدرجة عند الترقية إلى الدرجة التي تليها، وحلّ تدرّج حملة الدبلوم من المدرّسين وفقاً لما ورد في الاتفاق.

وقد أكدت الحكومة مساندتها حقوق المدرّسين والمدرّسات، واعتزازها "بالعمل النقابي الفلسطيني الذي كان له الدور الرائد طيلة مراحل نضالنا الوطني، وعلى رأسه الاتحاد العام للمعلمين، اللبنة الأساسية في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، مهيبة بالمدرّسين والمدرّسات الحفاظ على تماسك اتحادهم المنتخب، الذي ناضل كثيراً وحقق إنجازات عديدة نحو النهوض بأوضاع المدرّسين وترسيخ دورهم في معركة التحرر والاستقلال".

في هذا السياق، ناشدت الحكومة الفلسطينية المدرّسين "العودة الجادة والمسؤولة إلى العمل، وإكمال رسالتهم المقدسة لخدمة أبنائنا الطلبة، لنشرع معاً وبجهود موحدة وبكل ما تستدعيه المسؤولية الوطنية، في رسم رؤية تأخذ بالاعتبار حقوق شعبنا بكل فئاته من دون إجحاف، ودعم صموده في مختلف أماكن تواجده مع سعينا الدائم لتعزيز إمكانياتنا بالشراكة والحوار لتطوير أداء المؤسسات الفلسطينية التعليمية وفعاليتها، وتطوير قدرات المدرّسين ومهاراتهم وتحسين ظروفهم المعيشية".

إلى ذلك، دعت الحملة الوطنية من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية، في بيان، اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وقيادات كل الأحزاب السياسية "الابتعاد عن تحزيب الحركة الاحتجاجية للمدرّسينن واعتبار هذه الحركة مع أو ضد المنظمة أو أي حزب سياسي، لأن ذلك مخالف للحقيقة". ودعت كل الأطراف ذات العلاقة إلى تشكيل لجنة تحكيم مقبولة لديهم مخوّلة باتخاذ قرار ملزم لكل الأطراف، لتسوية نزاع العمل القائم خلال 48 ساعة بالاستناد إلى المبادئ والمعايير ذات الصلة بالموضوع والمصالح الوطنية العليا".

في غضون ذلك، رأت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن الإجراءات الأمنية، التي هدفت إلى منع المدرّسين من الوصول إلى مجلس الوزراء الفلسطيني، تمثل تقييداً غير قانوني وغير مبرر لحرية الحركة والتنقل وحرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي. ولفتت الهيئة إلى أن هذه الإجراءات من شأنها تعقيد الأزمة القائمة وإطالة أمدها، وقد يدفعها باتجاه التسييس، وليس نحو إيجاد مخرج مناسب لحل الأزمة المطلبية النقابية للمدرّسين. وشددت على أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية من إجراءات يتناقض مع القانون الأساسي والاتفاقيات والمواثيق، التي انضمت إليها دولة فلسطين، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد طالبت الهيئة أجهزة الأمن الفلسطيني بالتوقف عن منع المواطنين من التنقل وإعاقة التجمعات السلمية واستدعاء مدرّسين، مؤكدة على ضرورة حل الأزمة بطرق الحوار وضمن أطر الحكومة والمستوى السياسي، بعيداً عن تدخل أجهزة الأمن وبما يحفظ كرامة المدرّس ومكانته. وإذ شدّدت على مطالب المدرّسين العادلة، رأت ضرورة الإسراع في إيجاد حل للأزمة القائمة، بما يضمن انتظام العملية التعليمية وعدم المساس بحق الطلبة في التعليم.

اقرأ أيضاً: مدرّسو فلسطين يطالبون بحقوقهم في الشارع