عيد الجزائريين بمنطق "شد الحزام"

30 يونيو 2016
تضطر بعض الأسر للاستغناء عن ملابس العيد(Getty)
+ الخط -
يتعامل الجزائريون، هذه الأيام، بمنطق (زير السانتورة)، كما يقال باللهجة العامية أي "شد الحزام" نظراً للارتفاع الصاروخي للأسعار الذي بات يرهق جيوب الأسر، ويجبرهم على إعادة حساباتهم اليومية مع الإنفاق اليومي والشهري، خاصة خلال المناسبات.

وبدأت الأسر الجزائرية، خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم، تعدّ العدة لعيد الفطر المبارك، وبات "التقشف" عنواناً عريضاً للأسر للتأقلم مع ارتفاع الأسعار والاستهلاك المتزايد للمواد الغذائية.

"مكره أخاك لا بطل"، هذا ما قاله السيد بوعلام لـ"العربي الجديد" وهو يجوب سوق باب الوادي للألبسة، بحثاً عن كسوة عيد لأبنائه الأربعة، بأسعار تناسب قدرته الشرائية، فالعيد
"فرحة الصغار قبل الكبار"، على الرغم من الارتفاع الذي يكوي جيوب المواطن البسيط.

بدورها لفتت إحدى السيدات، إلى ارتفاع أسعار ملابس العيد مقارنة بالأيام العادية، حيث قالت، إنها فضلت أن تقتني الألبسة لأولادها الثلاثة قبل حلول شهر رمضان، لأنها تعلم من تجاربها السابقة أن أسعار الألبسة سترتفع في مثل هذه المناسبات.

وأضافت المتحدثة أن ألبسة العيد الجديدة لمن استطاع إليها سبيلا، خصوصاً في هذه الفترة بالذات، حيث ترتفع مصاريف الأسرة الجزائرية، خلال الشهر الفضيل، وهو ما يدفع كثيرين منهم للاستدانة من أجل إكمال الشهر وشراء ملابس العيد.


"تقشف فرضه ارتفاع الأسعار خلال رمضان واقتراب عيد الفطر"، هكذا قال السيد حسين، وهو بائع ملابس الأطفال بشارع الشهيدة حسيبة بن بوعلي، بقلب العاصمة الجزائرية لـ" العربي الجديد"، حيث أكد أن سلعته على الرغم من أنها تلقى رواجاً بين الزبائن، إلا أن البيع هذه السنة كان متعثراً على حد تعبيره، والسبب هو سياسة التقشف المعتمدة من الجزائريين، والتي جعلتهم يحسبون لكل شيء ألف حساب، خاصة في مثل هذه المناسبات، مضيفاً أن أسعار المواد واسعة الاستهلاك تجعل الجزائري يعزف عن شراء الألبسة الباهظة الثمن.

واقع مرير تعيشه الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود، فهناك من يتوجه لشراء الملابس من محلات بيع الألبسة القديمة أو من الأسواق الشعبية التي تعرف أسعارها انخفاضاً مقارنة مع أسعار المحلات الأخرى في الأماكن الراقية.

ولا يمر العيد دون اقتناء الحلويات أو تحضيرها في البيت، لكن مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية لصناعة الحلويات، يتجه كثير من الأسر لتحضيرها منزلياً، حيث لا تتطلب مواد كثيرة، تقول السيدة مليكة لـ"العربي الجديد"، الأسعار مرتفعة، والأسر لا تطيق مصاريف إضافية على الحلويات، فالأهم هي الفرحة التي تدخل قلوب الجزائريين خلال العيد".

وبلغة الأرقام، يقول الخبير الاقتصادي، نور الدين صاغور، لـ"العربي الجديد"، إنّ الأسرة الجزائرية تصرف أكثر من 80 ألف دينار (ما يعادل 600 دولار أميركي)، خلال شهر رمضان، بالإضافة عن أزيد من 40 ألف دينار لمصاريف ملابس العيد وصناعة الحلويات، مما يضطرها إلى الاستدانة لتغطية كل هذه المتطلبات.

كما لفت المتحدث إلى أن الثقافة الاستهلاكية لدى المواطن الجزائري عرفت تغيراً ملحوظاً، خلال السنتين الأخيرتين، على خلفية ارتفاع الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، عكس سنوات البحبوحة المالية ودعم الحكومة للأسعار خلال فترة تعدت 15 سنة، ليجد الجزائري نفسه أمام واقع "تعايش مع الأسعار"، وخصوصاً خلال هذه الفترة التي ستكون ساخنة جداً وستفرغ جيوب العائلات بسبب المناسبات المتتالية، من شهر رمضان إلى عيد الفطر ثم الدخول الاجتماعي فعيد الأضحى، وهو ما يفرض على أرباب الأسر أن يضعوا "أجندة مصاريف مواتية للمدخلات والمخرجات" المادية للأسرة، بعد أن ولى عهد الريع النفطي، يقول المتحدث.

 

 

دلالات