منذ أكثر من عامين، يعمل محمد العمور مسعفاً في وزارة الصحة الفلسطينية في مدينة غزة على بند التطوع. لم يتوقف عن السؤال عن حقه في وظيفة ولو جزئية، لكن رصاصة إسرائيلية أصابته أثناء خدمته في مسيرات العودة وكسر الحصار على حدود غزة، ففقد على إثرها الإحساس والحركة بقدمه اليسرى.
يقول العمور، لـ"العربي الجديد": "أعمل متطوعاً في الإسعاف، وأقوم بواجبي في الخدمة الميدانية، وفقدت الحركة في قدمي، نتيجة هذا العمل الإنساني، في شهر أغسطس/آب الماضي، ولم ينظر لي أحد حتى الآن، وجلست في البيت مجبراً لدواعي الإصابة، لكن ما زلت أطالب بحقي في فرصة عمل نظير السنوات التي أمضيتها متطوعاً".
العمور كان متكئاً على عكازين وسط عدد من المسعفين وسائقي الإسعاف المتطوعين الذين نظموا وقفة احتجاجية، اليوم الأحد، أمام مقر المجلس التشريعي الفلسطيني، وسط مدينة غزة، لمطالبة المسؤولين والجهات المعنية بتوفير فرص عمل لهم، خصوصاً أن بعضهم وصلت مدة تطوعه في هذه الخدمة إلى أكثر من 6 سنوات.
الوقفة شهدت هتافات من المشاركين تطالب بـ"الكف عن سياسة الاستخفاف بعقول المسعفين وسائقي الإسعاف المتطوعين"، ولافتات حملت رسائل منها: "المتطوع هو الدرع الحامي لمسيرات العودة، فاحرصوا على عدم إيقافنا عن العمل"، "نطالب الحكومة بإنصافنا كي نستمر في العطاء وتقديم الخدمة لشعبنا"، "نعمل بمخاطرة تامة ولا أحد يلتفت لنا".
محمد الكيلاني، مسعف متطوع منذ 3 سنوات، متزوج ولديه طفلتان، وبالكاد يستطيع إعالة أسرته، يشكو الحال، ويقول لـ"العربي الجديد": "نحن نكون أول المستجيبين للأحداث الطارئة، ونعمل وفق دوام رسمي كالموظفين. نريد أي فرصة عمل. وزارة الصحة الفلسطينية بحاجة لنا كما نحن بحاجة لها، إلى متى سنبقى متطوعين، ومن حقنا أن تخلقوا لنا فرصة عمل".
ولفت المتطوع منذ أكثر من 3 سنوات، سهل بشير، إلى "دعواتنا للمسؤولين بالنظر لحال المسعفين وسائقي الإسعاف المتطوعين، لكن من دون جدوى"، وأضاف لـ"العربي الجديد": "نحن لم نتلق أي رواتب أو حوافز، ونطالب وزارتي الصحة والعمل بتوفير أي فرصة لنا، إذا لم يكن هناك وظيفة، فلتكن عقودا، وكفى استهتاراً".
وأوضح المتحدث باسم المسعفين وسائقي الإسعاف المتطوعين، يوسف الهندي، أن "المحتجين في الوقفة هم متطوعون بفترات زمنية يصل بعضها إلى ست سنوات، وما زالوا على رأس عملهم، كما أنهم طرقوا كل الأبواب، لكن جاء الوقت لرفض الوعود الوردية والأحلام والتسويف، ورفض الحلول المؤقتة".
وقال الهندي في كلمته: "نحن لا نستجدي أو نتسوّل، بل نطالب بحقوقنا الشرعية، والحقوق لا تُستجدَى بل تُنتزع"، مطالباً بـ"خلق فرص عمل وبدائل وحلول لهذه الفئة، وعقد لقاء عاجل مع الجهات المعنية والنظر بعين المسؤولية، ورفض أي محاولة للتنصل من حقوق هؤلاء المتطوعين".
وحذّر الهندي من المماطلة، والتي قد تفضي إلى "اعتصام دائم ومفتوح وإضراب جزئي عن الطعام، وصولاً إلى الخيار الأصعب، وهو تعليق العمل جزئياً داخل الأقسام العاملة، وحتى ترك الميدان خاليا".