بحر سيناء محرّم على أهلها

23 مارس 2019
توقف نشاطهم (أحمد إسماعيل/ الأناضول)
+ الخط -
يقف الصياد يوسف عوني على شاطئ بحر مدينة العريش في شمال سيناء، وهو ينظر إلى مراكب الصيد التي تطوف فيه بعدما جاءت من سواحل دمياط وبورسعيد، في حين ما زال مركبه يرسو مع طابور طويل من مراكب الصيد التي تتبع إدارياً لمحافظة شمال سيناء، في ظل قرار عسكري يحظر على صيادي المحافظة العمل في البحر، منذ بدء العملية العسكرية الشاملة في فبراير/شباط 2018.

يقول عوني، لـ "العربي الجديد"، إنّ قوات البحرية المصرية تسمح لكلّ مراكب الصيد بالوصول إلى بحر شمال سيناء، عدا عن الصيادين من أبناء المحافظة، في مشهد يوحي بالظلم الواقع علينا كصيادين، بعدما تعطل عملنا في البحر منذ بدء العملية العسكرية الشاملة قبل أكثر من عام كامل، في حين يُسمح لصيادي المحافظات الأخرى بالصيد في بحر شمال سيناء، مما يشير إلى أن لا مشكلة أمنية في العمل ببحر سيناء، بقدر ما هو تعطيل لحياة المواطنين وقطع لأرزاقهم.




وتغلق القوات المسلحة المصرية بحيرة البردويل، الواقعة في نطاق مدينة بئر العبد، وميناء العريش، منذ أكثر من عام، بحجة العملية الشاملة، وإجراء تعديلات في الميناء، فيما بات غالبية الصيادين في سيناء في عِداد البطالة، من دون تقديم أي تعويضات مالية لهم عن الضرر اللاحق بهم بسبب القرار العسكري، الذي لم تعد له فائدة، في ظل السماح لصيادي المحافظات الأخرى بالعمل في بحر سيناء، بينما أطلق صيادو سيناء عشرات المناشدات لكل الأطراف المعنية بضرورة التحرك في اتجاه حل أزمتهم، في أقرب وقت ممكن، في ظل قدوم الموسم الثاني على التوالي وهم خارج إطار العمل.

وبحيرة البردويل ثاني أكبر بحيرات مصر بعد بحيرة المنزلة (تقع على ضفافها أربع محافظات هي الدقهلية وبورسعيد ودمياط والشرقية) وقبل بحيرة البرلس (في محافظة كفر الشيخ)‏، من أهم مصادر الثروة السمكية في سيناء ومصر عموماً. وبحسب بيانات غير رسمية، يتخطّى متوسّط إنتاج الأسماك فيها 2240 ‏طناً سنوياً، معظمه من الأسماك ذات القيمة الاقتصادية العالية، من قبيل أسماك الشعاب المرجانية وفصيلة البوريات.

وتظهر مراكب الصيد التابعة لمحافظات أخرى وهي تجوب بحر شمال سيناء، وتصطاد الأسماك، في حين يقف الصيادون من أبناء شمال سيناء ينظرون إليها، من دون أن يتمكنوا من فعل شيء للعودة إلى عملهم ونشاطهم في البحر كما بقية صيادي مصر، في حين تغيّب المسؤولون الحكوميون عن حلّ هذه الأزمة الممتدة منذ أكثر من عام، مع العلم أنّ عدد الصيادين في سيناء يقدر بأكثر من ثلاثة آلاف صياد ومساعد صياد، من شتى مدن المحافظة.

وكان النائب رحمي بكير، عضو مجلس النواب (البرلمان) عن دائرة العريش، قد قال، في وقت سابق، إنّه تقدّم بعدة مذكرات ترتبط بمشكلة الصيادين لكلّ الجهات المسؤولة، ومنها مخاطبة رئيس الجمهورية بخطاب مكتوب، ومخاطبة رئيس مجلس الوزراء وشرح المشكلة للمهندس إبراهيم محلب ورئيس الوزراء، ومخاطبة وزارة الدفاع ووزير الزراعة والتضامن الاجتماعي ومحافظ شمال سيناء وشرح المشكلة شفهياً وكتابياً. أضاف بكير، في تصريحات صحافية، أنّه جرت بالفعل الموافقة على صرف 35 مليون جنيه (نحو 2 مليون دولار أميركي) من وزارة التضامن، بالإضافة إلى 15 مليون جنيه (868 ألف دولار) من صندوق الإغاثة لمساعدة الصيادين عن فترة التوقف، وتمّ بعد مخاطبة الجهات المسؤولة السماح للصيادين في ميناء العريش بالعمل في ميناء بورسعيد مؤقتاً إلى حين عودتهم إلى العريش. تابع: "طالبنا كثيراً بعودة الصيد في ميناء العريش، وحتى الآن لم تتم الاستجابة بالنسبة لمراكب الصيد، لكن جرى السماح للصيد عن طريق العوامات وفقاً لضوابط معينة. وهذه الطريقة خطرة جداً على الصيادين، بالإضافة إلى أنّها غير مجدية ولا تجلب غير كميات قليلة ونوعيات محددة من الأسماك الصغيرة، التي لا تحقق مصدر دخل جيد للصيادين".

تعقيباً على هذه التصريحات، يقول أحد المسؤولين في ميناء العريش، لـ "العربي الجديد"، إنّ القرار بمنع صيادي شمال سيناء ما زال سارياً في الميناء وبحيرة البردويل حتى إشعار آخر، ولا مشكلة في عمل مراكب الصيد الآتية من سواحل مصرية أخرى كدمياط وبورسعيد. يضيف أنّ الصيادين أرسلوا طلبات متكررة للسماح لهم بالعمل مجدداً، لكن جرى تجاهلها وتجاهل المناشدات التي أطلقوها عبر الوسائل الرسمية والإعلامية، في ظل وجود قرار عسكري من قيادة عمليات الجيش المصري بحظر عمل مراكب صيد شمال سيناء.

وأدى انقطاع عمل الصيادين في شمال سيناء، إلى تضرر معيشتهم بصورة كبيرة، بالإضافة إلى أضرار لحقت بمحركات المراكب، نظراً إلى طول مدة توقفها عن العمل، بالإضافة إلى تضررها بفعل الظروف الجوية المتقلبة، خصوصاً المنخفضات الجوية الأخيرة، عدا عن ارتفاع أسعار الأسماك في سيناء، في ظل شح الكميات الواردة من البحر، خلال الأشهر الماضية، ما أثقل كاهل سكان المحافظة الذين يعيشون ظروفاً معيشية صعبة للغاية منذ بدء العملية العسكرية الشاملة.




منذ بدء تلك العملية، فرض الجيش المصري الحصار الأطول على سيناء، فمنع حركة السكان من المدينة وإليها لأسابيع عدّة، ثمّ فتح مجال التنقل من خلال تنسيق عبر إدارة المحافظة بالتواصل مع الجهات الأمنية إلى أن صار السفر محصوراً بعدد من الأيام فقط بلا قيود، بينما مُنِع إدخال المواد الغذائية والخضر والوقود إلى المحافظة على مدى أشهر بقرار عسكري. بالإضافة إلى ذلك، توقّفت العملية الدراسية كلياً في جميع المراحل التعليمية لأشهر عدّة.