حالات إغماء في المدارس العراقية: قاعات امتحان بلا مراوح

19 مايو 2019
نقص التمويل يعرقل تجهيز المدارس (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
سجّلت المدارس العراقية خلال الأيام الأخيرة عشرات حالات الإغماء بين الطلاب خلال تأدية الامتحانات النهائية للفصل الدراسي الحالي، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود أجهزة تكيف أو حتى مراوح لتخفيف وطأة الحر.

ويحمّل مسؤولون محليون في العاصمة بغداد وأولياء أمور الطلاب وزارة التربية العراقية مسؤولية عجزها عن توفير أجواء مناسبة للطلاب خلال أيام الامتحانات. ووفقاً لعضو في مجلس محافظة بغداد، "سجل عدد من الثانويات والإعداديات في بغداد، خلال تأدية الامتحانات التي بدأت الأسبوع الفائت، عشرات من حالات الإغماء بين الطلاب"، مضيفا أن ثانوية العدالة في الكرخ وإعدادية العروبة سجلتا أكثر من ثلاثين حالة إغماء في الأيام الماضية.

وأوضح عضو في مجلس محافظة بغداد، أنّ "شدّة الحر والصيام وعدم وجود حتى مراوح سقفية في قاعات الامتحان جعلت أجواء القاعات غير صالحة للامتحانات، ما تسبب بتسجيل حالات الإغماء"، مبينا أنّ "إدارة المدرسة ناشدت الوزارة قبل حلول فصل الصيف، وطالبتها بتوفير مراوح للقاعات، لكنّ الوزارة لم تقدم أي شيء للمدارس".

وأكد أنه "لا يمكن للطلاب تحمل تلك الأجواء، فالأمر صعب للغاية، وضغط الامتحان مع ضغط الحرارة يتسبب بحالات الإغماء".

وتهالكت المدارس العراقية عموماً من ناحيتي البناء والخدمات، إذ إنّ أغلبها بني ورمم في ثمانينيات القرن الماضي، ولم تطرأ عليها أي ترميمات لاحقا. وتحمّل وزارة التربية الحكومة مسؤولية ذلك التقصير الكبير، مؤكدة أنّ مخصصات الوزارة غير كافية لإعمار المدارس.

وقال مسؤول في الوزارة لـ"العربي الجديد" إن "الوزارة تعلم بتهالك المدارس وخدماتها، وتعلم بالضغط على الطالب وعلى الكوادر التدريسية، لكنّ الوضع المادي للوزارة لا يساعد على دعم المدارس".

وأكد أنّ "المخصصات التي تمنحها الوزارة لإدارات المدارس لا تكفي إلّا لبعض الخدمات البسيطة جداً من سبورات ومقاعد وكتب، وهي بحد ذاتها لا تفي بالغرض، هناك نقص كبير فيها"، مبيناً أن "المخصصات المالية قليلة جدا، وهذا الواقع المؤسف سيستمر في المدارس العراقية". ودعا الحكومة إلى "تحمل مسؤوليتها إزاء ذلك، وأن تتبنى مشروعاً لإعمار المدارس وتجهيزها كونها أصبحت غير صالحة للدراسة".

عضو نقابة المعلمين العراقية، نصر الهاشمي، قال: "حالات الإغماء في المدارس باتت سمة في كل عام امتحاني إما بسبب الأسئلة الانتقامية أو الكهرباء المقطوعة والأجواء التي تشابه أجواء السجون".

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "وزارة التربية تحولت إلى أداة للتنكيل بالطالب والمعلم على حدّ سواء، والحديث عن الهجرة الجماعية نحو المدارس الخاصة بات واقعا بسببها". وأوضح أن حالات إغماء الطلاب لا تقتصر على بغداد بل في جميع المدن، معتبراً أن "الطالب يتعذب داخل الامتحان".

وللشهر السابع، تبقى وزارة التربية بدون وزير بسبب الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وعدم اكتمال حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. ويدير الوزارة عدد من الوكلاء التابعين لأحزاب مختلفة.

ويبدي أولياء الأمور استياءهم تجاه ما يواجهه أبناؤهم من مصاعب تفاقمت حدتها خلال فترة الامتحانات. وقال أبو حسن، لـ"العربي الجديد"، "خلال الأسبوع الفائت تلقيت اتصالين هاتفيين من إدارة المدرسة طالبتني بالحضور لأخذ ولدي الذي أغمي عليه خلال تأدية الامتحان".

ومضى قائلا: "لم يستطع ولدي مقاومة ارتفاع الحرارة، فسقط مغشيا عليه"، مؤكدا "ليست لدي القدرة المادية لنقل ولدي إلى مدرسة أهلية، وبت أخشى على مستقبله في المدارس الحكومية"، متسائلاً: ما ذنبه وقد أجبر على تأجيل مادتين إلى الدور الثاني بسبب حالات الإغماء. ما الذي يضمن أنه سيستطيع أن يؤدي الامتحان بالدور الثاني ولا يغمى عليه أيضاً؟

وحمّل الحكومة "مسؤولية إضاعة مستقبل أبنائنا، في حين يتلقّى أبناء المسؤولين تعليمهم في مدارس خاصة أهلية مكيفة وتتوفر فيها وسائل الراحة".
المساهمون