تطلب شابات إيرانيات كثيرات مهوراً غريبة جداً. بعضها يمكن تحقيقه، في حين تستحيل تلبية بعض آخر، في حال دخل ذلك في إطار المبالغ الكبيرة جداً أو التضحيات غير المحتملة.
تحديد المهر ودفعه هو حق للعروس في الإسلام، الذي يستند إليه القانون في إيران. ويحق للمرأة الإيرانية أن تطلب إيفاء المهر في أيّ وقت كان، سواء قبل الزواج أو في خلاله، لكنّ كثيرات لا يفعلن ذلك إلّا في حال الوصول إلى مرحلة الطلاق. صحيح أنّ المهر عموماً تحول إلى عبء اقتصادي ومالي حتى في العرف، إذ يتوجب على الشاب أن يكتب في عقد الزواج مهراً نقدياً، أو بالليرات الذهبية في الغالب، لكنّه في بعض الأحيان يصل إلى مراحل عجيبة تحولت إلى طرائف حتى في إيران نفسها.
تعتقد بعض الفتيات أنّ في إمكانهن ضمان استمرار الحياة الزوجية من خلال اشتراط مهور صعبة، بل مستحيلة، قد لا يكون الزوج قادراً على سدادها بسهولة. وفي المقابل، يعتقد بعض الشبان أنّهم يمتلكون القدرة على ذلك أو يقررون إثبات عشقهم باختيار هذه المهور، وهي التي تُسجَّل في غالبيتها في صكوك (قسائم) الزواج كذلك، إلّا ما يرفض القاضي الشرعي كتابته منها كونها تسبب الأذى.
قصص كثيرة متداولة بين الإيرانيين، تُضحك البعض أحياناً وتبكيهم في حالات أخرى، يعرفون بها خلال تبادل الأحاديث بين بعضهم البعض وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وحتى في مواقع إلكترونية إخبارية رسمية تنشر الطرائف الآتية من مكاتب تسجيل عقود الزواج. وسمع كثيرون عن الفتيات اللواتي يحددن مهرهن بعدد من الليرات الذهبية يجب أن يساوي السنة التي ولدن فيها، وهو ما يعني رقماً مهولاً. من هي أبسط من ذلك قد تسمح بتحديده وفقاً لعمرها في وقت الزواج، لكنّه أحياناً يجب أن يكون مساوياً لوزنها بالكيلوغرامات من الذهب.
الأغرب هو ما يأتي في فئة المهور التي يمكن تصنيفها تحت عنوان "مهر لإثبات العشق"، فهناك عروس إيرانية طلبت مهرها وردة حمراء كلّ يوم، وأخرى اشترطت في عقد زواجها أن يبلغ مهرها ألفي قطعة شوكولا. لكنّ هذه الفئة قد تحوّل الأمر إلى كارثة، فهناك شابة راجعت المحكمة لأنّها ستنفصل عن زوجها الذي قالت إنّه غير وفي، وطلبت الحصول على مهرها البالغ 1500 كيلوغرام من زهور الزنبق، وأخرى عاشقة للزهور أيضاً طلبت تمثالاً مصنوعاً من الياسمين الأبيض بوزن 110 كيلوغرامات، وثالثة اشترطت 500 ألف غصن زهرة أوركيد كمهر لها. الأخيرة من الطبقة الغنية، كما تقول السجلات الرسمية، وقد أصرّت عائلتها على تسجيل مهر يقدر بألف ليرة ذهبية، لكنّ حبها للعريس جعلها تخفّض ذلك إلى 300 ليرة، بالإضافة إلى رحلة إلى بلد أجنبي، ونصف مليون غصن أوركيد.
أما الفئة الثانية من المهور فيمكن تصنيفها بالغرابة المستحيلة. أغرب المهور الإيرانية التي عرفها التاريخ ربما، ووصلت شهرتها إلى جميع أنحاء البلاد، ظهر بعدما راجعت سيدة المحكمة قبل سنوات مطالبة بالطلاق وبسداد مهرها، البالغ كيلوغراماً واحداً من أجنحة الذباب، وهذه هي الحقيقة الغريبة المستحيلة، فهذه المرأة كانت قد تزوجت للمرة الثالثة وقالت إنّها لا تستطيع إكمال حياتها مع زوجها الأخير وتريد مهرها، ولا أحد يعرف ما تتمة الحكاية بالضبط. سيدة أخرى طلبت من المحكمة تحصيل مهرها الذي يساوي عشرة غزلان برية، وهناك رواية ثانية تقول إنّها طلبت رؤوس الغزلان العشرة. هذه السيدة اعترفت بأنّها وضعت هذا المهر لتثبت عشق زوجها لها أمام الآخرين، وهو العشق الذي ربما انتهى بالانفصال، كونها راجعت المحكمة طالبة الطلاق.
في فئة الغرابة شبه الممكنة، ربما تحتل قصة لاعبة التنس التي اشترطت مهراً يساوي 1978 كرة، المرتبة الأولى. هذه الشابة أرادت ألا تشترط مهراً نقدياً، في محاولة لإثبات أنّ الزواج لا يدوم بالذهب والمال، لكن بعد سبع سنوات من الحياة الزوجية، عادت إلى المحكمة لطلب الطلاق، وتنازلت عن المهر بالقول: "ما الذي ستقدمه لي 1978 كرة؟". امرأة أخرى طلبت 100 لوحة، وثالثة طلبت عشرة آلاف ليتر من البنزين مهراً، ورابعة طلبت 150 ألف نجمة بحرية، وخامسة اشترطت السفر إلى 120 بلداً، وخامسة طلبت مكتبة كاملة مؤلفة من كتب وردية اللون. وفي أحد مكاتب عقد القران الواقع في غرب طهران، سجل رجل لعروسه شجرة جوز باسمها، وإن لم تستغنِ عن مهرها المؤلف من ليرات ذهبية.
في فئة "من الحبّ ما قتل" من المهور، وضع شاب عينيه مهراً لعروسه، مضيفاً إليهما خمسة آلاف ليرة ذهبية. صاحبة هذا المهر قالت، وفقاً لبعض المواقع التي روت القصة، إنّ مهرها بالذهب كان عالياً، لكنّها كانت تخشى الطلاق الذي كان مصير شقيقتها، وأرادت اختبار حبّ العريس لها الذي قرر منحها عينيه ليثبت لها عشقه، فأضافا هذا البند إلى عقد الزواج، وبعد سنوات قررا الانفصال، لكنّ القاضي، بطبيعة الحال، لم ينفذ الأمر لأنّه لا يجوز شرعاً وقانوناً، ويرى البعض الآخر أنّه ما كان يجب الموافقة على تسجيل هذا البند من الأساس، مع أنّ الزوجة لم تطلب تنفيذه. عروس ثانية من عائلة غنية طلبت وضع يد العريس اليسرى مهراً لها، لكنّ هذه راجعت المحكمة بعد ثلاث سنوات لتنفذ ذلك لتأديب زوجها على أفعال سيئة وليس للحصول على الطلاق، وهو ما لم ينفذ طبعاً. في قصة مشابهة، كتب العريس نفسه مهراً عجيباً لعروسه، إذ قرر منحها يداً وقدماً معاكستين لبعضهما البعض، فإذا ما قررت أخذ اليد اليمنى سيعطيها معها القدم اليسرى.
تأتي بعد تلك الفئة، مهور من نوع آخر يمكن تسميتها بمهور "الأشغال الشاقة المفيدة". يتذكر الإيرانيون ضمن هذه الفئة المهر الذي سجله المغني المعروف علي رضا افتخاري لابنته الكبرى، وهو أن يحفظ العريس 450 قصيدة من غزليات حافظ الشيرازي، وهي القصائد التي تضم أبياتاً شعرية يراوح عددها ما بين خمسة أبيات وأربعة عشر بيتاً، وطلب مهر ابنته الأصغر بحفظ ستة عشر جزءاً من القرآن الكريم. كذلك، اشترطت عروس مهرها نسخاً يدوياً لديوان الشاعر بابا طاهر الذي يزيد عدد صفحاته عن 100. وفي طهران نفسها، تزوجت صفيه رضا زاده قبل سنوات عندما كانت طالبة طب، بمهر كفالة خمسة أيتام مالياً لأربعة عشر عاماً، لأنّها تعتبر أنّ المال والذهب لن يحققا لها شيئاً في الدنيا أو في الآخرة.
سعيد وشيوا، تزوجا بعدما زرعا 1350 شتلة في إحدى البقع الجافة من منطقة إيلام، غربي إيران. أمير حسين وعظيمة اختارا مهراً مشابهاً، إذ تعهد الشاب بزراعة 4 آلاف شجرة بلوط وبناء مسجد في منطقة نائية فقيرة. أما سياوش وويدا فقررا أن يكون المهر ديوان الشاهنامه للشاعر أبو القاسم فردوسي، وزراعة 500 شتلة، يضاف إليها جمع طن من النفايات لحماية البيئة. في أصفهان قصة مشابهة، فقد طلبت شهرزاد من مجتبى أن يزرع عريسها 100 شجرة، فلدى هذين الاثنين حلم بامتلاك مزرعة لإنتاج فاكهة وخضار عضوية من دون مواد كيميائية، وقد أوفى العريس بوعده بزراعة شجرات تطرح ثماراً ليستفيد منها الجميع.
كثر أيضاً من يختارون مهوراً رمزية، وليس ذلك لأن الوضع المعيشي والاقتصادي بات يضغط على الجميع فحسب، بل أيضاً للمساعدة في تغيير النظرة إلى مهر العروس الإيرانية الذي أصبح عبئاً ثقيلاً غالباً، ومستحيلاً في بعض الأوقات، فهناك عروس من كرج الواقعة غربي طهران، قررت أن تحمل معها إلى بيت الزوجية سبعة مجلدات من أهم أعمال الأدب الفارسي. وبدأ زوجان آخران حياتهما بتقديم زنبقة ونسخة من المصحف، معلنين أن السعادة لا تأتي من المهر الكبير.