يتكئ جهاد الغول على "عكاز" يمسكه بيده اليسرى ليحافظ على توازنه، بينما يضع اللمسات الأخيرة على جدارية إسمنتية، رسمها على حائط في إحدى الشقق السكنية بقطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ عام 2006.
بريشته التي يمسكها بإتقان بعد أن غمسها باللون الأخضر، يكمل الغول، الذي فقد ساقه اليسرى عندما كان في السادسة عشرة من عمره، تلوين أوراق شجرة تجاور منزلا صغيراً وجبالاً.
يقول الغول (23 عاما) "أعمل في النحت وطلاء الجدران منذ نحو عامين، رغم بتر ساقي، كي أوفر لأسرتي المكونة من تسعة أفراد قوت يومهم، فأنا الابن الأكبر في أسرتي". وبُترت ساق الغول اليسرى من أعلى الفخذ، قبل سبع سنوات جراء إصابته بقذيفة دبابة خلال اجتياح بري إسرائيلي لمخيم البريج الذي يقطن فيه.
الغول يضيف "أحب الرسم منذ الصغر، ولكن بعد بتر ساقي، طوّرت موهبتي أكثر، ليس لأنها هوايتي التي أحب فحسب، بل لأنها السبيل الوحيد الذي أجد نفسي من خلاله، ومصدر رزق أسرتي أيضًا، كل ما أفكر فيه هو أن أوفر لعائلتي ما تحتاجه، فأبي لا يعمل".
ووفق مراكز حقوقية فلسطينية، فإن معدلات البطالة تجاوزت الـ45%، فيما وصلت نسبة الفقر إلى 65% في قطاع غزة الذي يسكنه نحو 1.9 مليون نسمة.
واختار الغول "العمل في هذا المجال لأن أصحاب الإعاقات لا يجدون الاحتضان والوظائف الملائمة لهم من قبل المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني"، على حد قوله.
وبحسب إحصائية لـ "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني"، فإن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة البالغين أكثر من 18عاما يصل إلى نحو 27 ألفا، منهم 17 ألفا يعانون من إعاقة حركية. وكانت إحصاءات حقوقية فلسطينية قدّرت أن أكثر من ألف جريح أصيبوا في الحرب الإسرائيلية الأخيرة سيعانون من إعاقة دائمة.
وقبل أربع سنوات، استعان الغول بطرف صناعي، لكنه يقول: "لم يكن جيدًا وتسبب بجروح في فخذي، وأنا بحاجة إلى طرف أكثر تطورا".
ولا يحصل الغول على كثير من المال يجعله قادرًا على السفر إلى الخارج وتركيب طرف صناعي يناسبه، وذي جودة عالية، إذ يبلغ ثمنه نحو 65 ألف دولار أميركي، وفق قوله.
ويتابع: "أحصل في اليوم على مائة شيكل إسرائيلي (نحو 25 دولاراً أميركياً)، وهذا عمل غير ثابت، وأحتاج هذا الطرف الصناعي بشدة، كي أمارس حياتي بشكل أفضل".
وترك الغول دراسته الجامعية في قسم هندسة الديكور، التي لم يكن يتبقى على إنهائها سوى فصل دراسي واحد، بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة، كما يقول.
ويطمح الغول، الذي شارك في معارض للفنون والرسم في مصر وليبيا عام 2012، إلى تمثيل فلسطين في معارض دولية.
