ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مسؤول كبير بالإدارة الأميركية لم تسمه، أن منظمي تصنيع وتداول الدواء في الولايات المتحدة ربما يعلنون قرارهم بشأن السماح بالاستخدام الطارئ للدواء التجريبي ريمديسيفير لشركة جيلياد ساينسيز لعلاج فيروس كورونا يوم الأربعاء.
وفي وقت سابق الأربعاء، قال أنتوني فاوتشي، أكبر خبير للأمراض المعدية في البلاد، للصحافيين في البيت الأبيض، إن البيانات الأولية بشأن العلاج المحتمل تبدو مبشرة، لكن تحتاج إلى المزيد من المراجعة.
وأضاف فاوتشي أنه ليس لديه جدول زمني لموافقة إدارة الغذاء والدواء، وفق ما أوردت "رويترز".
وأظهرت أكبر دراسة من نوعها، نُشرت الثلاثاء، أنّ دواء الملاريا "هيدروكسي كلوروكين"، الذي وُصف كعلاج محتمل لفيروس كورونا، لم يُظهر أيّ فائدة توصي بتفضيله على طرق الرعاية القياسية، بل ارتبط في الواقع بتسجيل مزيد من الوفيات، إذ موّلت الحكومة الأميركية دراسة، نُشرت نتائجها على موقع طبّي قبل مراجعتها من قبل باحثين، لتحليل استجابة قُدامى العسكريين الأميركيين لدواء "هيدروكسي كلوروكين".
التجارب التي تمّ إجراؤها محدودة، لكنها عزّزت الشكوك حول فعالية الدواء الذي يُعدّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقناة "فوكس نيوز" الإخبارية اليمينية من بين أكبر مؤيّديه.
ونظر الباحثون في السجّلات الطبّية لـ368 من العسكريين السابقين في المستشفيات، في جميع أنحاء البلاد، والذين إمّا توفّوا أو خرجوا من المستشفى بحلول 11 إبريل/نيسان.
وظهرت معدّلات الوفيات للمرضى الذين تناولوا "هيدروكسي كلوروكين" 28 في المائة، مقارنة مع 22% لمن تناولوه مع المضاد الحيوي أزيثروميسين، وهو مزيج يحبّذه العالم الفرنسي ديدييه راولت.
وبلغ معدّل الوفيات لدى من تلقوا الرعاية القياسية فقط 11%.
وتمّ وصف "هيدروكسي كلوروكين"، مع أو بدون أزيثروميسين، للمرضى الذين يعانون من أعراض كورونا شديدة، لكنّ الباحثين وجدوا أنّ زيادة الوفيات استمرّت، حتى بعد أن عدّلوا النموذج إحصائياً مع معدّلات استخدام أعلى.
من العيوب الأخرى لهذه الدراسة أنّها لم تقم باختيار المرضى عشوائياً في مجموعات البحث، بل قامت بتحليل استعادي لما حدث بالفعل. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من الصعب تعميم نتائجها، لأنّ الأشخاص الذين تمّ إخضاعهم للبحث كانت صفاتهم محدّدة: معظمهم من الذكور، مع متوسط عمر فوق 65 عاماً، وهي مجموعة تتأثّر بشكل غير متناسب بالأمراض المزمنة، مثل مرض السكري وأمراض القلب.
ولم يشكّل وجود جهاز التنفس الاصطناعي خطراً إضافياً على المجموعة التي تناولت الـ"هيدروكسي كلوروكين"، ما دفع الباحثين إلى اقتراح أنّ زيادة معدّل الوفيات بين هذه المجموعة، تُعزى ربما إلى آثار جانبية للعلاج، غير مرتبطة بالجهاز التنّفسي.
وقد خلصت أبحاث سابقة إلى أنّ الدواء قد يكون خطراً على المرضى الذين يعانون من مشاكل في انتظام دقّات القلب، ويمكن أن يتسبّب لهم بغيبوبة أو بنوبات، أو حتى سكتة قلبيّة في بعض الأحيان.
يُستخدم "هيدروكسي كلوروكين" ومركّب الكلوروكين منذ عقود لعلاج الملاريا، وكذلك اضطرابات المناعة الذاتية والتهاب المفاصل الروماتويدي.
ولقي العلاجان اهتماماً كبيراً خلال جائحة كورونا، إذ بيّنت الأبحاث المخبريّة أنّهما قادران على منع الفيروس من دخول الخلايا ومنع تكاثره. لكن في عالم الأدوية، يمكن أن يفشل الباحثون في تكرار ما لاحظوه في المختبر، في الجسم الحيّ. ولا يمكن تحديد الإجابة الصحيحة إلاّ من خلال التجارب السريريّة العشوائية، وهناك الآن العديد من الأبحاث حول هذا الموضوع، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا والمملكة المتحدة.