تراجع مرض السكّري في فلسطين

30 نوفمبر 2016
حقنة أنسولين لمريض سكري (سجاد حسين/ فرانس برس)
+ الخط -
تجهد شفاء سليم البيك (53 عاماً)، وهي من سكان مدينة جنين (شمال الضفة الغربية)، للالتزام بالحمية والعلاج كونها تعاني من مرض السكري من النوع الثاني منذ 15عاماً. ورغم جهودها، ما زالت نسبة السكري مرتفعة في دمها، كما يظهر في الفحوص التي تجريها في عيادات وزارة الصحة الفلسطينيّة مرة شهرياً.

نتيجة دفعت شفاء للمطالبة بوجود متخصّصين في العيادة التي تزورها في جنين، داعية إلى دراسة حالتها وغيرها من المرضى بشكل أفضل. تقول لـ "العربي الجديد" إن الخدمات المقدّمة ممتازة، لكن المشكلة تكمن في سوء المعاملة. كذلك، تشير إلى المماطلة في إجراء الفحوصات وتقديم الأدوية، لافتة إلى أنها تضطر إلى إجراء بعضها في مختبرات خارجية، أو شراء أدوية من صيدليات في الخارج.

من جهتها، تقول وفاء الطويل (59 عاماً)، وهي من سكان مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، وقد أصيبت بداء السكري من النوع الثاني منذ نحو عام، إنها غير ملتزمة بالحمية. تقول لـ "العربي الجديد" إن المرض لا يقلقها.

في عيادات الأمراض المزمنة لجمعيّة الإغاثة الطبية الفلسطينية (مؤسسة أهلية) في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، يتابع الطبيب محمد الحداد (58 عاماً)، وهو من سكان مدينة رام الله، مرضى السكّري منذ 12 عاماً. هو أيضاً مصاب بالنوع الثاني منذ 14 عاماً. يقول لـ "العربي الجديد"، إن "المريض طبيب نفسه". ويسأل المرضى أن يكونوا أطباء أنفسهم، من خلال اتباع التعليمات وتجنّب المضاعفات التي قد تصيب مرضى السكري، لافتاً إلى أنّ المريض الواعي أفضل بكثير، وسيتمكن من السيطرة على المرض.

قبل ثلاث سنوات، بدأت وزارة الصحّة الفلسطينية تطبيق برنامج متكامل وبروتوكولات عالمية لرعاية الأمراض المزمنة في الأراضي الفلسطينية، يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة. يقول مدير دائرة الأمراض المزمنة في وزارة الصحة الفلسطينية رامز دويكات، لـ "العربي الجديد"، إن هناك اهتماماً كبيراً بمرض السكري والأمراض المزمنة في فلسطين، وهي ثاني دولة تطبّق برنامجاً لرعاية هذه الأمراض تحت إشراف منظمة الصحة العالمية.



وكان للنظام تأثير إيجابيّ على صحّة المرضى بحسب إحصائيّات وزارة الصحة الفلسطينية في العام 2015. وتراجع عن كونه المسبب الرابع للوفاة في فلسطين إلى المسبب الخامس. يلفت دويكات إلى أن هذه النتيجة تحققت بسبب تطبيق البرنامج العالمي، وإنشاء عيادات متخصّصة بالإضافة إلى عيادات السكري في ثلاث مناطق في الضفة الغربية.

في الأراضي الفلسطينية 435 عيادة تقدّم الرعاية الأولية الصحيّة للمرضى. وتقدّم وزارة الصحّة خدمات طبية بنسبة 70 في المائة، على أن تتولى البقية قطاعات خاصة وأهلية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). في غزة، تقدّم الأونروا خدمات صحيّة كبيرة للأهالي، علماً أن الوزارة لا تملك غير 32 عيادة في غزة.

ورغم عدم وجود سجل وطني لمرضى السكّري في فلسطين، إلا أنّ تقديرات الاتحاد العالمي للسكري تشير إلى أن عدد الفلسطينيين المصابين بمرض السكري يقدّر بـ 147 ألفاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، أي بنسبة 12.8في المائة من الفلسطينيين البالغين (ما بين 25 و64 عاماً)، ومنهم ألف مريض مصابين بالنوع الأول من السكري، من بينهم 30 ألفاً مسجّلين لدى وزارة الصحة، وعشرة آلاف لدى الأونروا، والبقية في القطاع الخاص والأهلي.

وبحسب إحصائيّات وزارة الصحة في عام 2015، فإن مرض السكري، وهو المسبب الخامس للوفاة في فلسطين، يؤدي إلى وفاة 5.4% سنوياً، علماً أن أمراض القلب والشرايين تعدّ المسبب الأوّل، تليها أمراض السرطان، والسكتات الدماغية، فيما يحتل المرتبة الرابعة حديثو الولادة.

من جهتها، تقول مديرة المعهد الفلسطيني لأمراض السكري، انتصار العالم، لـ "العربي الجديد"، إن "الإحصائيات حول مرض السكري، كمسبب للوفاة في فلسطين، غير دقيقة"، لافتة إلى أنه "يمكن أن يكون هناك مسببات أخرى نتيجة مضاعفات مرض السكري". وترى العالم أن فلسطين في حاجة إلى عيادات متخصصة، رغم تطور الخدمات المقدمة، في ظل انتشار المرض في العالم. وقد بلغ عدد الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول في العالم نحو 415 مليوناً و542 ألف طفل، ما يشير إلى أهمية الكشف عن المرض باكراً. تضيف أن هناك عبئاً كبيراً على وزارة الصحة، علماً أنها عملت على تطوير عيادات السكري وتوفير الأنسولين والعلاج للمرضى بشكل كبير وتدريب الكوادر. وتشدد على الحاجة إلى مزيد من المتخصصين، وزيادة الوعي لدى الناس.

دلالات