يشتكي الأهالي في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سورية من رداءة الخبز، المادة الغذائية الأساسية التي لا يمكن لهم الاستغناء عنها، على الرغم من ارتفاع الأسعار بشكل كبير، الأمر الذي عزز الفوارق الاجتماعية، بعدما استغل تجار الأزمات حاجة الناس في المحافظة التي تعتبر خزانا غذائيا لسورية بما تنتجه من القمح والحبوب.
معاناة السوريين في الحصول على الخبز طويلة، وأجبروا على التعايش مع هذه المحنة لتكون لقمتهم بطعم الشقاء، كما يحكي الأربعيني، فاضل عبد السلام، في حديثه لـ"العربي الجديد": "كان قدرنا قبل الثورة أن نعيش هذه المعاناة، كنت في الصف الثالث الابتدائي عندما بدأت أتوجه إلى الفرن للحصول على الخبز، المشهد لا يزال راسخا في ذهني، الكوة الحديدية والتزاحم للحصول على 3 كيلوغرامات من الخبز لأهلي".
وتابع قائلا: "والدي كان موظفا حكوميا عليه التوجه في السادسة والنصف صباحا للعمل، فهو بحاجة لقطع ساعة بالسيارة للوصول إلى مكان عمله، وكانت أمي توقظني عند الخامسة والنصف كي أصل إلى أقرب فرن مبكرا لأتمكن من الحصول على الخبز، كان الرجال يدفعونني بشدة عند وصولي إلى الكوة الحديدة لكني أتشبث بها رغم هذا ولا أتركها، كان منظر الفرّان والطحين على ذراعيه وبطنه الممتلئة يشعرني بأني في معركة. الخوف كان يسيطر عليّ، فوالداي سيؤنبانني إن لم أحصل على الخبز".
وأضاف عبد السلام أنه قد "تحسنت الأمور نسبيا بمرور الزمن، أما هذه الأيام فيبتزّنا أصحاب الأفران بالوزن والنوعية، لديهم حجج جاهزة دائما. والمسؤولون هنا لا يهتمون لنا، فنوعية الخبز ليست جيدة ونعاني من الحصول عليه، وفي كثير من الأحيان يكون خبزنا بطعم المازوت".
وفي الوقت الراهن، يوفر فقط فرنان الخبز العادي للمواطنين في القامشلي، الأول مدعوم من قبل النظام السوري والثاني تشغله "الإدارة الذاتية" الكردية، وسبب الازدحام يعود لرخص الخبز فيهما رغم رداءته مقارنة بباقي الأفران. وتفضل طبقة من الأهالي شراء "الخبز السياحي" الذي يبلغ ثمن الربطة منه 200 ليرة سورية في الوقت الحالي. وانتشرت أفران إعداد هذا الخبز في كل المدن والأرياف بمحافظة الحسكة، ويوجد العديد منها في مدينة القامشلي، وهو أفضل من خبز الأفران العامة.
وعن ذلك، يقول إبراهيم أحمد لـ"العربي الجديد": "الأفران هنا لا تتقيد بنوعية أو كمية المواد التي تدخل في صناعة الخبز بغياب الرقابة، أحيانا يكون كيلو الخبز السميك (العادي) مكونا من 3 أرغفة فقط، وفي بعض الأحيان يكون مكونا من 5 أرغفة، وأفران القطاع الخاص تبيع الرغيف الواحد بـ 100 ليرة سورية، وكأن دخل الفرد هنا يقدر بملايين الليرات، وكأن مشكلة الخبز مرض سيلازمنا لأجل غير مسمى".
من جانبه، يعلق خالد وهو أب لخمسة أطفال، ويدفع إيجاراً لمنزله في القامشلي يبلغ 40 ألف ليرة سورية، على مشكلة الخبز ويقول لـ"العربي الجديد": "في الواقع الراهن نحمد الله فقط على توفر الخبز، على الرغم من المعاناة في الحصول عليه، عانينا الويلات في مراحل سابقة في رحلة الحصول على رغيف الخبز، كنا ننتظر ساعات طويلة، على الدور، أمام الأفران ونتعرض للضرب والإهانة من قبل الشرطة التابعة للنظام وقواته الأمنية، وانتهى هذا في عام 2015".