العام الدراسي والتحدّيات المجتمعية

17 سبتمبر 2014
حلقات من النقاش ستنعقد وتتحول إلى صخب(ابراهيم شلهوب/فرانس برس)
+ الخط -
مع بداية العام الدراسي في المدارس والجامعات العربية تبدو الحياة الطالبية بحاجة إلى الكثير من العناية والدراية لتمريرها بأفضل الشروط التربوية الملائمة. والحقيقة هي إن الأوضاع العامة في معظم الدول العربية تعيش ظروفاً بالغة الخطورة. فالعديد من هذه الدول يشهد منوعات من الحروب الأهلية، لا بد وأن تنعكس على جامعاتها بأشكال من التوتّر بين كتل طالبية متنافرة، مما قد يضاعف من التمزّق الذي تعانيه هذه المجتمعات.

لكن الوضع الطالبي العام يظل أكثر تعقيداً من هذا الإجمال. إذ المعروف أن الفئات الطلابية دوماً هي الأكثر حراكا واندفاعاً مع مد وجزر الأمواج السياسية والفكرية السائدة، مما يعني أن حلقات من النقاش ستنعقد بين الطلاب سرعان ما تتحول إلى صخب. وربما تصل إلى ما يتجاوز الجدل إلى التصادم، وهذا يهدد سوية العام الدراسي والعلاقات بين مكوناته، هذا إذا لم نتجاوز ذلك لنتحدث عن إمكانية تحول الأحرام الجامعية إلى بؤر توتر تخرج عن نطاقها المكاني لتصل إلى المجتمع الخارجي. وهنا نكون قد وقعنا في المحظور، أي إنه بدل أن تكون العلاقات الطالبية – الطالبية نموذج تقدمه المؤسسات التربوية للمجتمع عن أهمية الحوار العقلاني الهادئ الذي يدفع إلى تفاعل وتأثر وتأثير متبادلين بين وجهات النظر، نصبح أمام مركبات كيمائية قابلة للانفجار.

مجمل الاحتقانات التي تشهدها المجتمعات العربية ستجد تجلياتها في الحياة الجامعية والثانوية قبل سواها. وهنا تتحدد مسؤوليات الإدارات العامة لهذه المؤسسات سواء أكانت حكومية أو خاصة. بعض الجامعات لجأت إلى الحل السيئ بإدخال دوائر البوليس والأمن إلى المجمّعات الجامعية لضبط حركية الطلاب. والبعض الآخر عمد إلى الأسوأ، بمصادرة الحياة الديمقراطية كاملة ومنع الطلاب من إدخال الصحف والمجلات والتحدث بالسياسة. وكلا الحلّين كارثي.

بالطبع ليست مهمة حماية الحياة الطالبية محصورة بالوزارات والإدارات الجامعية والثانوية، إذ هي مهمة كل مرب ومربية، أيا كانت الصفوف التي يتولاها. فالواجب الطبيعي لكل منهم هي مساعدة الطلاب على إجادة الدخول في مضمار النقاش وقبول تعدد الآراء وتنوعها ، بدلاً من التسليم لسيادة الغرائز العنفية. العام الدراسي في الجامعات والثانويات هو تحد حقيقي يتجاوز المؤسسات التعليمية إلى الأسر والمجتمع بأسره. والجميع مطالب بمواكبته، ومسؤول عن إنجاحه كي لا نخسر المزيد من البشر والحجر والتطلعات المستقبلية.

أستاذ في كلية التربية – الجامعة اللبنانية
المساهمون