35 مليون مصري لا يجيدون القراءة

05 يونيو 2015
يتسرب كثير من التلاميذ من المدارس في الريف (الأناضول)
+ الخط -

لا يبدو أن "التعليم كالماء والهواء" في مصر. هذه العبارة التي قالها الأديب الراحل طه حسين لم يلتفت إليها أحد في البلاد، في وقت تزيد فيه نسبة الأمية حتى وصلت إلى معدلات خطيرة. وأعلن وزير التربية والتعليم محب الرافعي أخيراً أن عدد الأميين في مصر تجاوز الـ 35 مليون مواطن، ما يعادل 40 في المائة من سكان مصر. فيما أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) أن هذه النسبة تصل إلى نحو 60 في المائة، استناداً إلى بيانات رسمية.

وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدّل الأميّة لدى من هم فوق العشر سنوات بلغ 25,9 في المائة، ما يعادل 17.2 مليون نسمة، منهم 10.9 ملايين نسمة إناث. أيضاً، هناكَ شخص أمي من أصل ثلاثة (ما فوق الـ 15 عاماً)، وقد وصل معدّل الأمية إلى 29.8 في المائة للذكور في مقابل 38.5 في المائة للإناث. وأشار إلى أن معدل الأمية لدى الشباب (ما بين 15 و24 عاماً) هو 8.6 في المائة بالمقارنة مع 64.9 في المائة لدى كبار السن (60 عاماً وما فوق).

إلى ذلك، وصلت نسبة الأمية للمقيمين في المناطق الحضرية إلى 19.1 في المائة، في مقابل 31.2 في المائة للمقيمين بالريف. وبلغ معدل الأمية للإناث في الريف 40.7 في المائة في مقابل 24.6 في المائة في الحضر، و22.1 في المائة لدى الذكور في الريف في مقابل 13.9 في المائة في الحضر.
وكشف الجهاز أن أعلى معدلات الأمية تتركّز في محافظات الوجه القبلي، بنسبة 37 في المائة في محافظة الفيوم، و35.5 في المائة في سوهاج، و35 في المائة في المنيا، و34.4 في المائة في الأقصر، و33.1 في المائة في بني سويف، و32.5 في المائة في أسيوط، و17.5 في المائة في أسوان.

وتجدر الإشارة إلى أنه في منطقة الخالدية في محافظة الفيوم 600 ألف مواطن، 90 في المائة منهم أميون بسبب عدم وجود مدارس ابتدائية، ما دفع كثير من أولياء الأمور إلى الاهتمام بالحرف والزراعة. ويضطر بعض أطفال القرية إلى الانتقال إلى القرى المجاورة للتعليم. وفي ظل عجز بعض الأهالي عن تأمين مصاريف النقل، امتنعوا عن تعليم أطفالهم.
في السياق، يقول إسلام محمد (13 عاماً)، وهو من قرية الخالدية: "كنت أتمنى الذهاب إلى المدرسة. لكن عدم وجود مدرسة في القرية حال دون ذلك. كنت أضطر إلى المشي نحو ستة كيلومترات ذهاباً وإياباً للوصول إلى القرية المجاورة، عدا عن المصاريف، ما دفعني إلى ترك المدرسة". يضيف: "أعمل وشقيقي الأكبر لرعاية والدي المسن ووالدتي وشقيقاتي، وقد صرنا رجلا البيت". يرى أنه "لو كانت الحكومة قد اهتمت بتأمين مصادر دخل أخرى لنا، ووجدنا ما نأكله، لكنا تعلمنا وتركنا العمل".

من جهته، يقول رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار السابق، مصطفى رجب، إنه "في الماضي، كان الحاصل على شهادة جامعية يعمد إلى تعليم مائة أمي في قريته. لكن سرعان ما فشلت هذه المنظومة. واليوم، يتوقع ازدياد نسبة الأمية في البلاد بسبب عدم وجود مدارس في 2343 قرية صغيرة". ويرى أن محاربة الأمية تتطلب التوسّع في انشاء المدارس لاستيعاب التلاميذ، علماً أن طفلاً يولد كل عشر ثوانٍ، بالإضافة إلى الاستفادة من المباني الحكومية لتعليم كبار السن والمتسربين من المدارس، وتوفير الغذاء للتلاميذ، بالإضافة إلى توفير الخدمات التعليمية بالتساوي بين أبناء القرى والمدن العامة".

بدوره، يرى أستاذ البحوث التربوية حسن شحاتة أن انتشار الأمية في مصر يرتبط بأسباب جوهرية، منها أن الحكومة أهملت التعليم لسنوات طويلة، حتى أصبح الفصل الواحد يضم أكثر من 120 طالباً، وخصوصاً في المرحلة الابتدائية. وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، يتسرب عدد كبير من التلاميذ من المدارس، وخصوصاً في الصعيد والريف، عدا عن غياب جودة التعليم. أيضاً، لا يعرف 38 في المائة من طلاب الثانوية العامة القراءة والكتابة بشكل صحيح. يضاف إلى ذلك غياب أي حوافز لمحو الأمية، ما جعل النسبة تصل إلى 60 في المائة على الرغم من أن الدولة تؤكد أن النسبة لا تتعدى 29 في المائة.

ويشير شحاتة إلى أن "مفهوم الأمية في عالمنا المتقدم يعني الجهل بالكومبيوتر. لكن الأمية ما زالت ترتبط لدينا بالكتابة"، لافتاً إلى أن "انتشار الجهل والأمية يؤديان إلى التخلّف وانهيار الاقتصاد، على اعتبار أن الإنسان الأمي لا يصلح لأي عمل انتاجي حقيقي". ويوضح أن الدستور الجديد "كفل حق التعليم لكل مواطن، وأكد إلزامية التعليم حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها"، مشيراً إلى أن "بعض التلاميذ يحصلون على علامة صفر في الإملاء، وهذه كارثة".

اقرأ أيضاً: صفر الإملاء.. 300 ألف تلميذ في مصر
دلالات