البيوت ليست أسراراً

09 أكتوبر 2015
هناك حالة واحدة يسمح المجتمع بإفشاء أسرار المنزل (Getty)
+ الخط -

كانت تبلغ 23 عاماً من العمر حين تزوجت، وكانت زيجة مدبرة. لكنه بدا مناسباً من كافة الجوانب بالنسبة لأهلها ولها. مهندس، يملك بيتاً ولديه جنسية أجنبية ويجني مبلغاً شهرياً لا بأس به. أما هي، فتخرجت من كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، وبدأت التعليم في مدرسة خاصة. هل من الممكن للحظ أن يبتسم لها أكثر من ذلك؟ لا بد أن صاحباتها يشعرن بالغيرة منها، هكذا كانت تفكر. دامت الخطوبة شهرين قبل أن يتزوجا. لا نعرف تفاصيل كثيرة حول الأسابيع الأولى للزواج الذي امتدّ أصلاً شهرين وبضعة أيام. ما نعرفه هو أنها وقفت، رفعت رأسها وأصبعها في وجه زوجها. قالت لا وطلّقته.

لابد أنه رفع صوته في وجهها، أو أنه ضربها بشيء ما كان أمامه، قد يكون إبريق الماء. لابد أنه منعها من الخروج من المنزل ومن رؤية أهلها. ما كانت لتخبر أحداً من أهلها. "البيوت أسرار"، هكذا كانت تقول لها والدتها. "مهما حدث، يجب أن تتستّر المرأة على أفعال زوجها داخل المنزل". أخذها الأمر بضعة أيام لتحسم خيارها. كان آخر همها ما تفكر فيه أمها. طلّقته. أفشت "أسرار" منزلها من أجل أن تعيش حياة كريمة.

أخيراً، أفشت لنا نجوى كرم أحد "أسرار" منزلها أيضاً. زوجها يعنّفها. قالت بقليل من التردد وكثير من الثقة إنه صفعها على وجهها. هي مقتنعه أن هذا ليس تعنيفاً، بل كان ضرورياً "لكسر عنادها". يشعر من يسمعها أنها تعطي درساً فيه معادلة بسيطة للعلاقات الزوجية: لا تعاندي زوجك، وإذا ما حصل فمن حقه أن يضربك. العناد في مقابل العنف. بنظر كرم، كان العنف ضرورياً لكسر عنادها كونها تصرّفت معه بصفتها الفنانة. ماذا كان يجب أن تفعل نجوى إذاً؟ أن تخلع قبعات أدوارها الاجتماعية على عتبة منزلها وتدخل المنزل عارية من أية هوية باستثناء الزوجة ـ الملحق؟ ماذا كانت تحاول الفنانة قوله؟ أيتها الطبيبة أو المدرسة أو ربة المنزل، عليكن خلع هوياتكن قبل دخول المنزل. فلا يجوز التعاطي مع الزوج إلا من منطلق الزوجة ـ الخاضعة.

الأسوأ من خبر تعرض نجوى كرم للعنف هو ردة فعلها وتعاطيها مع الأمر ببساطة. كأن ثمة تطبيعاً مع العنف الزوجي وضرورته، بالإضافة إلى ردّات فعل بعض النساء على الحادثة. "ما كان يجب على نجوى أن تفشي أسرار منزلها، فالبيوت أسرار".
هناك حالة واحدة يسمح المجتمع بإفشاء أسرار المنزل. حين يستنفر الجميع: وسائل الإعلام والشرطة والأهل والجيران للتدخل ومعرفة التفاصيل. هذه الحالة هي حين يكون أحد الزوجين في السجن والآخر في القبر أو المستشفى. #نعم_لإفشاء_أسرار_البيوت

اقرأ أيضاً: الحراك فاعل جندرياً








المساهمون