أسرار في العراق خوفاً من الغيرة والحسد

28 مارس 2016
إن كانت الأسرار مفرحة أخشى الحسد (فرانس برس)
+ الخط -
عادة ما يعمد المحامي، أحمد خضير، (32 عاماً) إلى إخفاء تفاصيل حياته الخاصة عن الآخرين، وحتى أصدقائه المقربين. لا يتعلق الأمر بعدم ثقته بهم بالضرورة، بل بخوفه من احتمال حدوث الأسوأ. يقول إنه لا يخبر أحداً عن الدورات التدريبية التي يلتحق بها خوفاً من الحسد أو اتهامه بأشياء لا علاقة له فيها. يضيف: "قبل أشهر، صدر أمر بتعيين شقيقي في الجامعة، لكنني لم أخبر أحداً من الأصدقاء خشية الحسد أو كثرة الأقاويل".

من جهتها، تقول المهندسة، إسلام ماجد، (26 عاماً)، إنه من الأفضل احتفاظ أهل البيت بأسرارهم. تضيف: "على الرغم من إيماني بالقدر، إلا أنني أخشى الحسد والغيرة، وخصوصاً بعد تجربة شخصية جعلتني أكثر حرصاً على الكتمان". وتعزو خوفها المستجد هذا إلى "الحياة العصرية والظروف الأمنية التي أثرت على العلاقات بين الناس". وترى أن "السبب الرئيسي يتمثل، أيضاً، في تغير الناس، حتى صار هناك أزمة ثقة. فإن كانت الأسرار مفرحة، أخشى البوح بها خشية الحسد والغيرة. وإذا كان هناك فشل، أخشى الشماتة".

أما الموظف، قصي العكيدي، (39 عاماً)، فقد أعرب عن أسفه في ظل هذا الواقع. ويؤكد أهمية الخصوصية في الوقت الحالي، فالتاجر يخفي تجارته والأم تخفي زواج ابنتها، وخصوصاً إذا كان العريس يشغل منصباً حكومياً، أو هو سيء السمعة لكنه غني.

من جهته، يعزو بدر الدين عباس (30 عاماً) سبب تفضيل الناس التكتم إلى قلة فرص العمل والخوف من الحسد، وخصوصاً إذا كان الشخص قد خسر تجارته لسبب أو لآخر، أو رغبة في مراعاة مشاعر الآخرين.

إلى ذلك، يلاحظ الباحث عقيد خالد العزاوي (58 عاماً) غياب الثقة بين الناس في الوقت الحالي، ما يدفعهم إلى التكتّم، بالإضافة إلى الحرص على تجنّب التدخل المباشر وغير المباشر من الأقارب. ويوضح أن تدخل بعضهم في شؤون الآخرين يعد سبباً أساسياً للاحتفاظ بالأسرار. من جهة أخرى، يلفت إلى أن الأم باتت تفضل عدم إشهار زواج ابنها خوفاً من الحسد، وخصوصاً من الأقارب.

ويلفت العزاوي إلى أننا لم نعتد الأسرار في أعرافنا الاجتماعية وبلادنا. لكن الفقر والمشاكل الأمنية وغيرها من الأمور جعلت الناس أكثر قلقاً وميلاً إلى العزلة. وينصح العراقيين بالحرص على التكافل والتعاون مع بعضهم بعضاً، وتشارك النجاحات والاخفاقات، لافتاً إلى أن الحياة لن تسير على ما يرام إذا كانت الأخت تخشى أختها والأب يخشى ابنه والجار يخشى جاره.

اقرأ أيضاً: سلطة العشائر أقوى في العراق