تداعيات مقتل رئيس دير الأنبا مقار: راهبان مصريان يحاولان الانتحار

06 اغسطس 2018
أشعياء المقاري وفلتاؤوس المقاري حاولا الانتحار تباعًا (تويتر)
+ الخط -
كشفت أسرة الراهب المصري، أشعياء المقاري، محاولته الانتحار بتناول مادة سامة، اليوم الإثنين، رداً على قرار الكنيسة الأرثوذكسية بتجريده من رهبنته، واحتجاز الراهب بمقر العيادات الطبية في دير الأنبا مقار بوادي النطرون، حتى صدر قرار بإخلاء سبيله من النيابة العامة، التي تتولى التحقيق حالياً في محاولة انتحار الراهب في الدير، فلتاؤوس المقاري، والذي شرع في تنفيذ محاولتين للانتحار هو الآخر.

وقطع الراهب فلتاؤوس شرايين يديه أولاً، ونقل على إثر محاولة الانتحار إلى العيادة الطبية بالدير لإنقاذه، غير أنه غافل مرافقه، وصعد أعلى العيادة، وألقى بنفسه من فوقها، ليتم نقله إلى مستشفى "أنغلو أميركان" بضاحية الزمالك في حالة حرجة، بعدما أصيب بكسور في العمود الفقري والحوض، في حين فرضت الأجهزة الأمنية سياجاً من السرية حول ملابسات الانتحار، ومنعت مندوبي الصحف ووسائل الإعلام من الوجود بمحيط المستشفى.

وكان بطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، قد أصدر قراراً رسمياً بتجريد أشعياء المقاري من رهبنته، وعودته إلى اسمه "العلماني"، وائل سعد تواضروس، أمس الأحد، في تمهيد لتقديم الراهب إلى المحاكمة الجنائية، على خلفية حادثة قتل رئيس دير الأنبا مقار، الأنبا إبيفانيوس، داخل مقر الدير الكائن بمحافظة البحيرة، في التاسع والعشرين من يوليو/تموز الماضي.

وحاصرت سيارات الشرطة ساحة استقبال مستشفى "أنغلو أميركان"، بعد وصول الراهب الذي حاول الانتحار، رفقة خمسة من آباء دير الأنبا مقار بوادي النطرون، وبعض أفراد أسرته، فيما صرحت مصادر طبية بأن فلتاؤوس يعالج داخل قسم الرعاية المركزة، بعد تعرضه لإصابة في الرأس، وسجحات وكسور بالساقين، نتيجة محاولته القفز من أعلى، علاوة على محاولته قطع شريان في يديه اليمنى واليسرى.

وحسب مصادر كنسية، فإن البابا تواضروس أصدر تعليمات للآباء في دير الأنبا مقار بعدم التصريح نهائياً لأي من وسائل الإعلام في ما يخص محاولتي الانتحار، في الوقت الذي اكتفى فيه ضباط الشرطة، والمحققون، بالإشارة إلى استجواب فلتاؤوس فور أن تسمح حالته الصحية، مستندين إلى أقوال الأطباء بشأن استقرار حالته الصحية، وخروجه من الرعاية المركزة إلى الرعاية العادية خلال ساعات قليلة.


ووفقاً لمصادر من داخل دير الأنبا مقار، فإن الراهب فلتاؤوس خضع لتحقيقات مكثفة في قضية مقتل الأنبا إبيفانيوس، كونه من الفريق المعارض لرئيس الدير، وترهب في عام 2010 ضمن مجموعة أدخلها للدير البابا الراحل، شنودة الثالث، عقب وفاة الأب متى المسكين، في محاولة منه لتعديل التركيبة الفكرية لآباء الدير، وإحكام السيطرة عليه، وكان معه الراهب أشعياء المقاري الذي حاول الانتحار أيضاً.

ولطالما مثّل دير الأنبا مقار صداعاً في رأس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، على وقع الخلاف بين البابا شنودة ومتى المسكين على كرسي الباباوية في عام 1971، والذي وصل ذروته في عام 1981، عندما حدد الرئيس الراحل، أنور السادات، إقامة شنودة في دير اﻷنبا بيشوي، ضمن ما عُرف بـ"اعتقالات سبتمبر"، وتكليفه آنذاك اﻷب متى بإدارة أمور الكنيسة، والذي كان بمثابة اﻷب الروحي لدير اﻷنبا مقار.

وكان الراهبان المصريان اللذان حاولا الانتحار من بين الآباء الذين يرتدون "القلنسوة المشقوقة"، التي ألبسها البابا شنودة لآباء الدير التابعين له، في محاولة لتمييزهم عن تلاميذ متى المسكين، وسبق أن وقع فلتاؤوس المقاري تضامناً مع زميله أشعياء المقاري، حين صدر قرار باباوي بإبعاد الأخير عن الدير، ونقله إلى دير آخر في فبراير/شباط 2017، ما دفع البابا تواضروس للتراجع عن قراره أملاً في منحه فرصة لتعديل سلوكه.

وآثرت الكنيسة الأرثوذكسية الصمت إزاء حادثتي الانتحار، ولم تصدر بيانات للتعليق على الواقعتين، إلا أن المتحدث الرسمي باسمها، القس بولس حليم، ادعى أن تجريد الراهب أشعياء المقاري جاء لأسباب رهبانية بحتة، ولا علاقة للقرار بالتحقيقات التي تجريها نيابة وادي النطرون في واقعة قتل الأنبا إبيفانيوس، والتي ترجح اشتراك أكثر من شخص في واقعة قتله، بحسب ما سُرب من التحقيقات.

وعُثر على جثمان رئيس الدير بعد تعرضه لاعتداء بآلة حادة، حال خروجه من قلايته (سكن الراهب) نحو أداء القداس الإلهي، في وقت ترجح مصادر متطابقة أن المعتدي على إبيفانيوس هو أحد قاطني الدير، نظراً للمنطقة المنعزلة التي تحيط بالدير، وإحاطته بأسوار عالية، علاوة على أن مكان الاعتداء يشير إلى معرفة القاتل بتفاصيل الدير، وأماكن وجود كاميرات المراقبة به، وخط سير اﻷنبا الراحل.
دلالات